كانت الجزائر وعلى مدار يومين قبلة للمناضلين والثوار ودعاة السلام في العالم من خلال الملتقى الدولي العربي لنصرة المعتقلين في زنزانات الإحتلال الإسرائيلي، الذي ساهم في مزيد من الكشف عن خروقات المحتل الصهيوني وجرائمه المرتكبة في حق الأسير الفلسطيني والمعاناة التي يواجهها حتى بعد خروجه من المعتقل. مبادرة الجزائر ليس الهدف منها حصرها في نطاق فضح الجرائم اللاأخلاقية لإسرائيل فحسب وإنما التمهيد لإطلاق حملة دولية لنصرة الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الإحتلال وتحويلها إلى قضية ضمير عالمي للتنديد بالممارسات اللاشرعية واتخاذ كل الإجراءات اللازمة للضغط ولإجبار المحتل على فك الحصار الظالم عن الشعب الفلسطيني ككل والأسرى على وجه التحديد الذين يعيشون ظروفا قاسية للغاية. وإن كان كل المشاركين في الندوة قد ثمنوا المبادرة التي تحتضنها الأرض الجزائرية التي سقي كل شبر فيها بدماء الشهداء طيلة حقبة الإستعمار الفرنسي البغيض، فإنهم في نفس الوقت اعتبروا أن مثل هذه المبادرة إنما تعد تعبيرا عن المواقف الثابتة للجزائر تجاه قضايا التحرر العادلة في العالم. وانطلاقا من مبادئها الراسخة المبنية على حق الشعوب في النضال والمقاومة والتصدي لقوى الإحتلال مهما كانت صفتها، فإن الجزائر كانت دائما في طليعة الدول الداعية لرفع الظلم عن الشعوب التي لاتزال ترزخ تحت نيران الإحتلال، مثلما هو عليه الحال في كل من فلسطين والعراق والصحراء الغربية. هذه المبادىء الراسخة صقلتها تجربة مريرة من الكفاح الطويل أهلها لأن تكون مرجعا لنضالات شعوب عديدة استلهمت منها ذلك الإصرار على مقاومة العدو مهما كانت أساليب البطش الممارسة ضدها. ووقوف الجزائر إلى جانب تحرر الشعوب، مثلما تفعله مع كل من فلسطين والصحراء الغربية، أخد أشكالا متعددة، تجلت من خلال المساهمة في فضح ممارسات الإحتلال في فلسطين ورغم بعد المسافة إلا أن الجزائر لم تدخر أي جهد لتقديم كل الدعم المادي والمعنوي دون مزايدة أو متاجرة بالقضية الفلسطينية، مثلما دأبت بعض الدول العربية على فعله طيلة الحقب الماضية، وجنت من ورائها مكاسب على حساب الحقوق المشروعة للفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة. وبتلك المبادىء التي استلهمتها من نضالها الطويل، سارت الجزائر في نفس الإتجاه لدعم استرجاع الحقوق المغتصبة من طرف الإحتلال المغربي في حق شعب الصحراء الغربية، حيث لم تتوان الجزائر في الإعلان صراحة على ضرورة ضمان حق الصحراويين في تقرير مصيرهم بناء على لوائح الأممالمتحدة والتنديد بالإستنزاف المستمر لثروات المنطقة بالتواطىء مع بعض الدول الأوروبية وفي مقدمتها فرنسا، في حين أن شعوب أوروبا من خلال ممثليها في البرلمان الأوروبي نددت بممارسات القمع المغربي في حق الصحراويين. وكانت أحداث العيون أكبر دليل على سياسة الإضطهاد الممنهجة من قبل المحتل طيلة سنوات الإحتلال وهو ما أثار موجة من التنديد غير المسبوقة وضعت نظام المخزن في قفص الإتهام أمام الرأي العام الدولي.