«نور كما عرفناه “،عنوان وقفة ثقافية، تأبينية، نظمتها جريدة الحوار بحضور مستشار رئيس الجمهورية سعد الدين نويوات ، وزير الاتصال جمال كعوان ، وعدد من الإعلاميين البارزين في الساحة من رفقاء الدرب، مفكرين ومبدعين وشخصيات وطنية، تخليدا لروح فقيد الجزائر “ عبد القادر نور”، الذي وافته المنية يوم الثلاثاء الماضي بعد أن أمضى سبعة وثمانين عاما من عمره، قضي سنينها الأولى في طلب العلم بالوطن وبالقاهرة، ليستكمل الباقي من أعوامه يناضل على كل الأصعدة، فكان مسؤولا في الإذاعة والتلفزيون بعد أن كان واحدا من تلك الصفوة التي استعادت المؤسسة من ربقة المحتل. جمال كعوان وفي كلمة افتتاحية له بعد قراءة فاتحة الكتاب على روح المرحوم ابرز بالمناسبة ، خصال فقيد الجزائر احد القامات الاعلامية ، فقال بشأنه :« عبد القادر نور إسمه كان مقرونا بالإذاعة الجزائرية إبان الثورة التحريرية وغداة الاستقلال ،فكان رجلا ذا بصمات جلية في مختلف مراحل تطور هذه المؤسسة الإعلامية، خاصة على مستوى القناة الأم التي أصطلح على تسميتها القناة الأولى”. وعن أجيال متميزة من المذيعين يضيف كعوان قائلا: “قدموا الكثير للجمهور الإذاعي الواسع تحت اشرافه المباشر”، عبر مختلف الحصص الإذاعية عدد كعوان البعض منها فيها من كان يحن لها وكل المستمعين بعد أن عرفت نجاحا كبيرا فكان الجمهور وفيا لها. وقد حرص المرحوم يقول وزير الاتصال، “طوال السنين التي قضاها في الإذاعة ،قبل إعادة هيكلة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون على أن تؤدي دورها في كل المجالات الثقافية، وهكذا في عهده يضيف كعوان “ الى جانب إطارات أخرى ازدهر الإنتاج الموسيقي في مختلف الطبوع الجزائرية وكذا الحال بالنسبة الى المسرح الإذاعي والمسلسلات الإذاعية وكان الرجل علاوة على أنه مسؤول ، من الشغوفين لسماع اثير الإذاعة طوال اليوم، منذ الساعات الأولى من الصباح الى غاية ساعات متأخرة من الليل”. على الصعيد العربي ذكر كعوان، بأن عبد القادر نور من مؤسسي اتحاد اذاعات الدول العربية ساهم في وضع اللبنات الأولى لهذا الاتحاد و الجميع اليوم يحتفظ للإعلامي عبد القادر نور بأثره البارز وسمعته الطيبة . زميل الدرب الدكتور محي الدين عميمور ،قال أن عبد القادر نور وكما حمل على عاتقه قضية أمة كان بعد الاستقلال احد الشخصيات الرافضة لان تسقط الإذاعة بعد خروج إطارات المحتل منها فكان ممن ربحوا رهان إطلاق كلمة الإذاعة الجزائرية الحرة الأبية، و لأنه رجل لا يرضى بأقل من أن يكون بصمة خالدة في تاريخ بلد أعطت دورها في الطموح الى أفق أعلى واجه مرحلة البناء و إثبات القدرة على الخروج الى العالم واقفين صامدين كان ممن صنع قامات إعلامية تربت على يديه فكان سندها و معها و ظهرها الذي شد آزرها في خطواتها الأولى في الإعلام . و لان الأصيل معدنه ذهب خالص لا يتغير بتغير الظروف، يقول محمد بوعزارة ، بقي نور وفيا الى ذبذبات تتغلغل الى الروح لتصنع فرحتها و ابتهاجها و كذا حالاتها السامية حيث بقي وفيا للإذاعة و للأدب وللرسالة الاعلامية بعد إحالته على التقاعد،معرجا في شهادته على أجمل الخصال الوطنية والنضالية والفكرية والمهنية ، فنور لم يركن للراحة بل كان محاضرا وكاتبا،يشرح للجيل معاشه هو ورفاقه المجاهدين بالأمس ، وما يجب ان يقوم به أبناء الجزائر حتى ينعم الوطن بالمجد والتقدم..... وكانت المناسبة فرصة أيضا للأدلاء بشهادات حية من قبل من عايشوا مسار حياته، على غرار صهره محمد طاهر بورزق وابنته راوية التي عبرت عن عظمة هذه الشخصية الإعلامية الثقافية، كاشفة عن عدة مدونات تطمح الى طبعها حتى تكون بمثابة مرجع للجزائريين على غرار رواية مسلسل يحكي حقبة تاريخية إبان الثورة التحريرية. من جانبها الإعلامية أمينة دباش الرئيسة المديرة العامة لجريدة “الشعب”، أشادت بمهنية الرجل قائلة انه “ كان يملك فكرا تواصليا جعله يبني من خلاله علاقات مهنية مع مختلف الأجيال، سمحت له بمد جسور التواصل مع مختلف رفقاء دربه من أصحاب المهنة ويلبي الدعوة فكان الحاضر بمختلف الجلسات الأدبية منها والإعلامية، الوفي الدائم لمنتدى “الشعب” ، ونحن تضيف دباش، لطالما احترمنا من سبقونا في النضال لرفع ناصية الجزائر عاليا، ورغم أن مكان العمل لم يجمعهما إلا أن فضاء الإعلام الواحد كان كفيلا بأن يجعلهما زميلين في الميدان على غرار رابطة الفكر والثقافة “. اما محمد شلوش ، قال عن الرجل، “أنه رمز إعلامي وجدنا فيه الحضن الدافئ نحن جيل مطلع الثمانينات، تعلمنا من رصيده المهني الكبير ،فقد كان نور يحب مهنته يتقن عمله ويحرص على التدقيق في المجال الإذاعي”. من جانبه الاعلامي والأديب صاحب الحصص الاذاعية خليفة بن قارة قال “ نور شخصية محترفة ووطنية فقد كان يرى أن الإعلام الذي لا يحترم قضيتك ليس إعلاما بل هو تهريج والحرية هي كيف نجمع قوانا لبناء شيئ مشترك، فهو خليط من الشخصيات المختلفة التي تمزج مابين المثقف والمتعلم وخطابه النظري لم يكن يختلف عن ممارسته العادية”. اما سلماني تواتي مدير القناة الأولى للإذاعة الوطنية تطرق في شهادته لأحد المواقف النبيلة للرجل قائلا : “ كان نور، المحرك لأحد الورشات الإذاعية الخيرية، حيث تمكن من تحقيق وصية الشيخ محمد الغزالي بعد أن جسد وصيته في تحويل برنامجه الديني «حديث الاثنين» الى كتاب يذهب ريعه الى المعاقين الجزائرين “. اما الباحث محمد ارزقي فراد أفاد في شهادته، أن علاقته معه بدأت في الثمانينات فقد كان الرجل مثقفا بكل ما للكلمة معنى كان يدافع عن صوت الحق فكان يحرص على تحويل الأوضاع نحو الأفضل. كما اوضح سلماني محمد قائلا أن نور شخصية متشعبة أمهلنا منها الجهاد والنضال والمهنية ،شخصية مخضرمة جمع تحت رئاسته عدة أجيال من جيلي السبعينات والثمانينات.