أكد رضا مالك عضو قيادي في الثورة التحريرية وأحد أبرز الأعضاء الذين قادوا مفاوضات « إيفيان» أن الثورة الجزائرية كانت حقيقة ثورة شعبية تصنف في خانة أكبر الثورات المندلعة في النصف الثاني من القرن العشرين، مضيفا بأنها بينت أن الشعب الجزائري له القدرة على صنع التاريخ ووصف ما يردده البعض حول منح ديغول الاستقلال للجزائريين بالكلام السخيف. عاد رضا مالك أمس خلال ندوة نشطها بمركز يومية «المجاهد» إلى مظاهرات ال 11 ديسمبر 1960 معتبرا إياها بمثابة منعرج هام في الثورة قبل افتكاك الشعب الجزائري لاستقلاله من فرنسا التي استسلم جنودها أمام المتظاهرين من كل الفئات نساء وشيوخ وأطفال بعدما أيقنوا بأن الشعب الجزائري يطردهم من ترابه. واستنادا إلى الحقائق المقدمة من قبل رضا مالك خلال اللقاء الذي حضره سفراء دول افريقية وآسياوية منها الصين التي دعمت الثورة واعترفت بها حيث استقبل وزيرها رضا مالك في 19 سبتمبر 1950 ببكين، فإن أحد المسؤولين الفرنسين على غرار باقي الفرنسيين المتواجدين بالجزائر آنذاك قال «لم أكن أعتقد بأن الشعب الجزائري يساند جبهة التحرير الوطني لكن خروج الشيوخ والنساء والأطفال رافعين الرايات الجزائرية يؤكد بأني مخطىء». وأفاد ذات المتحدث في سياق متصل بأن الجنود الفرنسيين وتحديدا المظليين منهم كانوا جالسين على الأرصفة واضعين أسلحتهم جانبا وكان محياهم يؤكد بأنهم استسكنوا وذهلوا لقوة شعب أعزل لم توقفه الدبابات والرشاشات التي غزت الشوارع لوقف المظاهرات التي كانت تتبع بمظاهرات ثانية وهي المفردة التي فضل رضا مالك استعمالها للحديث عن العدد الهائل من الجزائريين الذين كانوا يتنقلون ليلا نهارا يومي 11 و12 ديسمبر إلى المقابر لدفن الضحايا الذين يتراوح عددهم ما بين 1000و1500. لكن الثمن لم يدفعه الجزائريون دون مقابل هذه المرة حسبما أكد رئيس الحكومة الأسبق فكل المحاولات لافتكاك موقف من هيئة الأممالمتحدة منذ سنة 1955 باءت بالفشل إلى غاية هذه المظاهرات التي حملت الهيئة على إصدار لائحتين أمميتين تحت ضغط وبقوة شعب جريء وشهم تتعلق اللائحة الأولى رقم 15 14 بالمطالبة بتقرير مصير الشعوب المتواجدة تحت رحمة الإستعمار، فيما تتعلق اللائحة الثانية الصادرة في 19 ديسمبر 1960 على الإعتراف بالحكومة الجزائرية المؤقتة وشددت على ضرورة احترام الوحدة الترابية للجزائر، ودعت الطرفين إلى المفاوضات وبدأت هذه الأخيرة في 20 ماي 1961 بصفة رسمية بإيفيان وامتدت سنة كاملة وصوت على اللائحة أزيد من ثلثي الأعضاء آنذاك. وقبل ذلك ديغول الذي طالما طلب من أمريكا عدم التصويت لصالح الجزائر في الجمعيات العامة للأمم المتحدة من خلال وثيقة رفعها إلى الرئيس الأمريكي إيزنهاور ما يفسر تحفظ أمريكا في كل مرة إلى غاية المظاهرات العارمة، أيقن بعد مرور 4 سنوات من عمر حرب شرسة شارك فيها 600 ألف جندي فرنسي بالإضافة الى مليون أوروبي مسلح، بأنه الحرب التي يخوضها ضد الجزائر والجزائرين فشلت إذ لم تحقق أي نتيجة بعد مرور 4 أشهر، أيقن بأنه لاخيار أمامه سوى حل المشكل مع الحكومة المؤقتة. وفي أعقاب المظاهرات طلب من الشعب الفرنسي التصويت على مقترح تبني مبدأ تقرير المصير ثم بعث مساعده بامبيدو للتفاوض في سرية تامة مع الحكومة المؤقتة في سويسرا بوساطة هذه الأخير إلى أن انطلقت المفاوضات بصفة رسمية في 20 ماي 1961 ولم يفوت الفرصة في كلام وجهه إلى المغرب مؤكدا بأنه لا شعب مر على مبدأ تقرير المصير ولم ينل استقلاله في اشارة إلى مبادرته لحل مشكل الصحراء الغربية.