يسجل التكافل الاجتماعي والتضامن بين أفراد المجتمع أبهى صوره منذ انطلاق شهر رمضان سواء بعاصمة الولاية ورقلة أو الولاية المنتدبة تقرت والذي تعمل على تكريسه العديد من الجمعيات التي لم تدخّر أي جهد خلال هذا الشهر الفضيل عبر نشاطاتها المختلفة للمساهمة في إفطار الصائمين من المحتاجين وعابري السبيل وبتطوّع من طرف شباب فضلوا السعي من أجل كسب الأجر والثواب على الإفطار بين عائلاتهم. موائد الرحمن تزين الشوارع في رمضان في شهر رمضان كثفت العديد من جمعيات المجتمع المدني بالتعاون مع أهل الخير والإحسان بمختلف بلديات ولاية ورقلة والمقاطعة الإدارية تقرت من نشاطاتها التضامنية خلال شهر رمضان الفضيل لتكريس ثقافة التعاون والتكافل بين مختلف فئات المجتمع. وكانت روح التضامن عالية بين شرائح المجتمع بمساهمة أهل البر والخيرين، ناهيك عن تجند وتطوع الشباب الذي طبع هذه العمليات التضامنية في النشاطات الخيرية المختلفة، الفئة الحاضرة بقوة والتي أظهرت درجة كبيرة من الوعي بأهمية الفعل التضامني وروح التعاون بين أفراد المجتمع. النساء أيضا سجلن حضورهن ومشاركتهن الفعّالة في مثل هذه النشاطات الخيرية التي تعرفها الولاية، حيث أشرفت العديد منهن على تجهيز هذه الموائد بمختلف المأكولات سواء بالمشاركة في إعداد الطعام من بيوتهن أو من خلال إعداده بالتعاون مع الجمعيات المشرفة على هذا النشاط. مظاهر التكافل الاجتماعي في أوساط المجتمع تنوعت بين مساعدة الفقراء والمحتاجين وإفطار الصائمين وعابري السبيل وزيارة المرضى في المستشفيات والمرضى المقعدين في منازلهم، فضلا عن حملات التبرع بالدم وختان الأطفال وشراء كسوة العيد للأطفال من العائلات المعوزة. الإفطار الجماعي عادة لا تنقطع ومنذ الأيام الأولى لبداية شهر رمضان الكريم تعكف العديد من الجمعيات على إحياء عادة تنظيم موائد إفطار للصائمين عبر عدد من مطاعم الرحمة ومحطات المسافرين وعبر مختلف الطرقات الرئيسية، حيث بلغ عدد المطاعم المعتمدة لتقديم وجبات الإفطار خلال شهر رمضان بالولاية 16 مطعما وهي تمثل مطاعم يستفيد منها المعوزين وكذلك الأجانب المقيمين في الجزائر وعابري الطرقات، حسب ما كشفه المدير الولائي للنشاط الاجتماعي سعد سليمي. وعلى غرار العديد من الجمعيات تشارك يوميا جمعية آفاق الطالب العربي بتقرت وجمعية ناس الخير بورقلة خلال شهر رمضان الكريم بتحضير موائد رمضانية لإفطار عابري السبيل والمسافرين ومرتادي الطرقات وحتى الفئات المعوزة من المجتمع لمواسم متتابعة وعلى التوالي. وفي هذا السياق، تقدم الجمعيات العديد من النشاطات الهادفة إلى تكريس من روح التعاون والتضامن على غرار جمعية شباب الخير ورقلة التي تعمل على إفطار الصائمين في ثلاث أماكن تتوزّع على طريق الوزن الثقيل 49 رويسات وحاسي مسعود - تقرت ومحطة المسافرين وأيضا على طريق حي النصر - غرداية، كما أوضح نائب رئيس الجمعية لمين بن دانية، أنه تمّ تقديم وجبة كاملة تحتوي على كل مكونات مائدة الإفطار الرمضانية تماما مثل البيت يتكفل بإعدادها عام الإفطار نساء في بيوتهم لضمان جودة الأكل حسبه، هذا وتمّ توزيع قفة رمضان التي يصل عددها إلى حوالي 1400 قفة على كل أحياء ورقلة والحجيرة كما تمّ توزيع اللحم لفائدة 300 عائلة معوزة في نصفية رمضان، بالإضافة إلى توزيع كسوة العيد التي تعدّ هي الأخرى من النشاطات الخيرية التي تتزايد وتيرة العمل عليها خلال العشر الأواخر من الشهر الكريم في العادة، هذا فضلا عن المشاركة في التحضير لمسابقة ولائية في حفظ القرآن ويصل عدد الشباب المتطوع في الجمعية والمجند نفسه في سبيل إفطار الصائم والوقوف على مختلف النشاطات الخيرية إلى 200 شاب. الأمر نفسه بالنسبة لجمعية آفاق الطالب العربي بالمقاطعة الإدارية تقرت وحسب ما ذكره ممثل الجمعية محمد الصديق ميموني في حديث ل»الشعب»، فإن الجمعية تتكفّل يوميا بإفطار 250 إلى 300 صائم من عابري السبيل عبر محطة المسافرين بتقرت بالإضافة إلى 60 إلى 90 وجبة متنقلة توزع على العائلات المعوزة والفقراء والأرامل، هذا فضلا على إكرامية الصائم والتي تتمثّل في قفة متكونة من مواد استهلاكية لفائدة 100 عائلة من المحتاجين وذوي الدخل المحدود من بينها حالات ببلدية تقرت وأخرى من خارج البلدية. ومن بين الأمور التي حرصت الجمعية على ضمها إلى نشاطاتها والتي تعدّ فريدة من نوعها التكفل بالجنائز في المنطقة خلال شهر رمضان، وقد أوضح المتحدث أن النشاط الخيري يعد ثابتا على مدار السنة، حيث تقدّم ضمن برنامجها سلة الخير وسلة مريض السرير توزع على المعوزين عبر ممثلين ومكلفين بالتوزيع في أحياء مسجلة ومحصية يصل تعدادها إلى 15 حيا، كما تولي أيضا اهتماما كبيرا بالمرضى، إذ تهدف العديد من العمليات الخيرية إلى توفير احتياجات للمقعدين والمعاقين، بالإضافة عتاد يتمثل في الأسرة والكراسي المتحركة وغيرها. زيارة المرضى والتبرع بالدم نشاط تطوعي من نوع آخر من جهتها، نظمت بعض الجمعيات زيارات لفائدة المرضى بمستشفيات الولاية، حيث لاقت المبادرة استحسان الكثير منهم، فيما نظمت جمعيات مختصة بالمجال الصحي، وفي إطار نشاطاتها لشهر رمضان المبارك زيارة للمرضى المقعدين في منازلهم لاسيما المسنين والمصابين بالأمراض المزمنة. وقد كانت هذه المبادرة فرصة سانحة للوقوف على الحالة الصحية للمرضى وتوجيههم بتقديم مختلف النصائح والإرشادات الطبية التي من شأنها مساعدتهم في الحفاظ على استقرار صحتهم خلال شهر الصيام، بالإضافة إلى هذا تعمل الجمعيات وبالتعاون مع المركز الولائي لحقن الدم ككل سنة على تنظيم حملات للتبرع بالدم، حيث يتمّ استقطاب عدد مهم من المتبرعين بشكل دوري. كسوة العيد نشاط تضامني تتصاعد وتيرته خلال الأيام الأخيرة من رمضان تعمل أيضا عدة جمعيات بالولاية على غرار جمعية فرحة يتيم بورقلة وجمعية كافل اليتيم بتقرت وغيرها العديد من الجمعيات على جمع التبرعات ودعوة أيادي الخير والإحسان للمساهمة في زرع البسمة على وجوه الأطفال المحتاجين واليتامى بكسوة العيد. في هذا الصدد، أطلقت العديد منها مشروعا للتكفل بشراء كسوة العيد للأطفال اليتامى والمحتاجين والعملية مستمرة لجمع التبرعات، ومن جهتها أطلقت مديرية الشؤون الدينية مشروع «بسمة الفقير» وهو يهدف إلى جمع كسوة العيد على مستوى المساجد من طرف المحسنين وأهل الفضل وتوزع يومين أو ثلاثة قبل العيد، وقد عرفت العملية في العام الماضي نجاحا كبيرا كما ذكر المدير الولائي للشؤون الدينية عمر محمد حساني. وعلى اختلاف الأرقام ونوعية التبرعات وأعمال الخير تبقى مختلف المبادرات المسجلة عبر عدة جهات دليلا على روح التكافل والتضامن الاجتماعي.