أصبح اليوم حوار الحضارات في لب إشكالية العلاقات الدولية، المبنية على منطق الهيمنة، وبالرغم من الدعايات المغرضة ضد الإسلام، إلا ان هذا الاخير يعتبر “مقاوما امام الإديولوجيات الفاشلة، ومؤسسا لمنهج حضاري من خلال حوار يسهل التعايش في اطار الاختلاف في الدين والمعتقد والثقافة، هذا ما توصل إليه مصطفى شريف خلال محاضرته حول “حوار الحضارات و العلاقات الدولية” التي القاها، أمس، بمجلس الأمة. اعتبر مصطفى شريف دكتور دولة في الفلسفة السياسية في محاضرته التي القاها بحضور عبد القادر بن صالح وعدد من الوزراء منهم وزير الاتصال ووزير العلاقات مع البرلمان وشخصيات سياسية... ان حوار الحضارات ان تكون المشاكل مطروحة في نفس الوقت. الجزائر نموذج للوسطية الصالحة لكل زمان ومكان قال المحاضر انه في اطار حوار الحضارات يواجه الاسلام دعاية مغرضة ترميه بالعنف والتطرف وتعتبره اساس تخلف الشعوب، مشيرا إلى انه “نواجه حاليا إيديولوجية ترفض الحوار والانتقاد” مؤكدا في هذا الصدد على ضرورة محاربة الافكار المتطرفة، ومذكرا بتمسك الجزائر بثقافة الكرامة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وأضاف في سياق ذي صلة ان الجزائر تدرك ضرورة العودة الى الحوار، وفي ذات الوقت تحارب بقوة الارهاب، كما تمثل حسبه - نموذجا للوسطية الصالحة لكل زمان ومكان، ولذلك يشدد على اهمية ان تكون العلاقات الدولية ديمقراطية ، موقنا بإمكانية معالجة الاشكاليات المطروحة في اطار تحاور يقبل باختلاف الغير و لا يلغيه بمنطق الهيمنة . قال شريف ان العلاقات الدولية و حوار الحضارات موضوع متشعب و معقد ، ولأجل تلخيصه وتحديد معالمه، ، قسم محاضرته إلى ثلاثة اقسام هي التاريخي، و الجيو- سياسي والفكري. في الجانب التاريخي استذكر المحاضر الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001 وتزايد صدام الحضارات وارتفاع كراهية الأجانب و “الإسلاموفوبيا”، وكذا بداية عولمة اللا أمن، وعلى نقيض ذلك، فقد كان هذا العام عام الأممالمتحدة ل “الحوار بين الحضارات” الذي صرحت به الجمعية العامة. في حوار الحضارات والعلاقات الدولية المتصارعة هذا،ُيطرح أحيانا سؤالا عن مسؤولية الغرب ، وسياسة التدخل في الشؤون الداخلية ، وزعزعة استقرار الدول ، من جهة أخرى، فإن العالم الإسلامي متهم في الغرب بكونه يقف حجر عثرة أمام عارض التطور والديمقراطية و الحداثة، ويخلط بين الدين ، النظام العالمي والسياسة بل يرى ( أي الغرب) ان الاسلام مصدر التطرف والتعصب واستعمال العنف الأعمى. لا يوجد تعريف توافقي وعالمي لمفهوم الحضارة و من خلال تحليله لهذا الموضوع ، توصل الدكتور شريف الى انه لا يوجد هناك تعريف توافقي وعالمي لمفهوم الحضارة، حيث “يجب علينا من خلال الحوار أن نفسر وجود عدد من تعريفات المفاهيم الجوهرية للعلاقات الدولية وحياة الشعوب”. والسبب برأيه ، أن الحداثة الحالية وعلى الرغم من إنجازاتها والتركيز على العقل والنواحي الدنيوية، فإنها تعجز عن إرساء حضارة عالمية. فهي غير صالحة ولا تناسب جميع الشعوب ، إذ تواجه صعوبات مع الأخرى ولا تحقق حوار الحضارات والعلاقات الدولية ، معنى المساواة بالشكل الصحيح ثم إنها مبنية على تصميم خاص وإشكالي في العلاقة مع العالم، وبغض النظر عن تطورات الغرب ومعارفه العلمية، فإنه، إلا انه يسير في إرادة تسودها الهيمنة والأنانية والعولمة وزيادة التوتر. المسلمون كآخر مقاومين أمام النموذج الغربي في كل المجالات سيظهر المسلمون – حسب المتحدث- كآخر مقاومين أمام النموذج الغربي في كل المجالات ، فبفضل الحوار والنقاش والشرح البناء يمكن للغرب أن يعترف و يقر بأن الحوار منهج حضاري ارتقى بفضل الإسلام ، هذا الاخير هو الأول الذي أسس وعمم أسلوب الحوار، لإثبات الحق وتسهيل التعايش وتحقيق الأهداف المقررة. و اوضح يقول ان التفاهم والحوار بين الحضارات حاجة إنسانية تقتضيها الحياة الطبيعية ،كما تتطلبها الظروف والتحولات والمتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، وذلك ما يقتضي البحث عن القواسم المشتركة التي تجمع البشرية ولا تفرقها. و خلص بالقول ان مستقبل العلاقات الدولية رهين حوار الحضارات ما بين الغرب والعالم الإسلامي، فكثير من المفكرين الغربيين على وعي تام بالأزمة وضرورة الحوار ولكن لا يعرفون الإسلام أتم المعرفة، بل وأكثر فإنهم ينتقدونه ويخافون منه.