تنتظر أن تبدأ نوادينا بالهجرة الى تونس وبدرجة أقل الى المغرب، مطلع الأسبوع المقبل، وهذا لإقامة معسكراتها التدريبية تحسبا لمرحلة الإياب من بطولة الرابطة الوطنية المحترفة. ويعتبر مركزا عين الدراهم وحمام سيدي بوحنيفة بتونس، الوجهة المفضلة لغالبية النوادي الجزائرية، لما يتوفران عليه من ملاعب معشوشبة طبيعيا ومراكز تقوية، واسترجاع وفنادق فخمة، وكذلك الهدوء والسكينة التي تميز المركزين وهو ما جعلهما يستقطبان أزيد من 40 فريقا سنويا يأتون من كل حدب وصوب لإقامة التربصات التحضيرية كما أن تكلفة التحضير بالمركزين تساهم في إستقطاب الفرق، فتربص ال 15 يوما يكون بين 250 و300 مليون سنتيم وهو مبلغ معقول جدا بالنسبة للفرق ذات الميزانيات المتوسطة والضعيفة على غرار مولودية العلمة وإتحاد البليدة وأهلي برج بوعريريج وإتحاد عنابة وإتحاد الحراش وغيرها عكس النوادي الكبيرة كوفاق سطيف ومولودية الجزائر وإتحاد الجزائر وشبيبة القبائل ذات الميزانيات الضخمة فتقيم تربصاتها بأوروبا. ونحن ماذا لدينا..؟! يعتقد كثيرون أن فرقنا الوطنية تقيم تربصاتها بتونس والمغرب وفرنسا وبولونيا بسبب محاولة إبعاد لاعبيها عن ضغط الجماهير، أو عدم ملاءمة المناخ أوبسبب الأموال الكبيرة الموجودة في خزائنها، ولكن السبب الرئيسي لهجرة هذه النوادي الى الخارج للتحضير هو أن الجزائر لا تملك مركز تدريب واحد على الأقل تتوفر فيه الشروط اللازمة لإقامة المعسكرات التدريبية، فنحن لا نملك سوى غابة بوشاوي والمركز التقني بسيدي موسى للمنتخبات الوطنية، ومركز سرايدي بعنابة المهمش فلا تملك نوادينا غير ملاعبها للتدريب وهذا عامل مهم لتفسير غياب الفرق الجزائرية عن التتويج بأهم الألقاب القارية، وكذلك يفسر لماذا يتكون المنتخب الوطني الأول من المحترفين بالدرجة الأولى وليس من المحليين. تطور الكرة الجزائرية لن يكون على ملاعب ''الطارطون'' لا يختلف عاقلان على أن للجوانب المادية من ملاعب ومراكز التكوين والتحضيرالدور الأكبر والأهم في تطوير الكرة وهو ما تفطنت له عديد الدول التي أصبحت تتسابق فيما بينها لبناء وتشييد أفخم وأحسن الملاعب ولا يوجد منتخب قوي في العالم لم يتخرج لاعبه من مراكز تكوين مختصة، فلو نقارن أنفسنا بجيراننا نجد أن أغلب ملاعب تونس ومصر والمغرب مكسوة بالعشب الطبيعي وهو ما يفسر المشاركة المنتظمة لهذه البلدان في مختلف الدورات الكروية القارية والعالمية بلاعبين محليين. أما نحن فنسير عكس هؤلاء، فكم هي عديدة الملاعب التي حولت أرضياتها من العشب الطبيعي الى الاصطناعي (الطارطون) وكأن العشب الطبيعي يصلح في جميع الدول إلا عندنا، فملعب 05 جويلية صرفت عليه 103 مليار سنتيم السنة الماضية ولا يزال مشكل الأرضية قائما الى اليوم عندما تحين مباراة للمنتخب الوطني يضطر المعنيون لغلق أبوابه وملعب البليدة مدة شهر قبل المباراة. كما يعتبر معظم التقنيون أن مشكل اللاعب الجزائري الدائم هو اللياقة البدنية، فمعظم النوادي تحضر بالملاعب المعشوشبة طبيعيا وتلعب على أرضيات الاصطناعي في معادلة غريبة ساهمت في تدني مستواها. ملايير النوادي تكفي لبناء مراكز أفضل من عين الدراهم تفكر النوادي الجزائرية في كل شيء ما عدا بناء مراكز تحضير خاصة بها، فتراها تتنافس فيما بينها على جلب اللاعبين بأسعار قياسية وضخ الملايير من أجل الحصول على الألقاب أوالصعود الى القسم الأول وإقامة تربصات بمبالغ كبيرة في الخارج لا تراودها تماما فكرة إنشاء هذه المراكز التي تعود عليها وعلى البلاد بفائدة كبيرة، فميزانية وفاق سطيف وإتحاد عنابة وشبيبة القبائل وإتحاد العاصمة تتعدى ال 40 مليار سنويا وتصل أحيانا الى 60 مليار، أما الميزانية الاجمالية لجميع النوادي، فتبلغ ال 500 مليار سنتيم وهي قيمة كافية لبناء أفضل مراكز التحضير والتكوين في العالم، فهذه الأندية ضاعت هيبتها على ملاعب العشب الاصطناعي وتنقلاتها الدائمة لإقامة المعسكرات بالخارج. الجزائر تتوفر على جميع الشروط أمام هذا الوضع الذي لا يساعد بتاتا على الرقي بمستوى كرة القدم في بلادنا، فعلى القائمين على شؤون الكرة التحرك قصد تغيير الأوضاع، خاصة وأن الجزائر تحتوي على جميع الظروف المساعدة على إقامة أفضل المراكز والملاعب، فهناك المناطق المنخفضة والمرتفعة عن سطح البحر وجبال وغابات وحتى الصحراء والعبرة بالمنتخب العسكري الذي حضر قبل سنتين في مركز بتمنراست ووصل الى نهائي بطولة كأس إفريقيا بالكاميرون.