اعتبر عبد الحميد مهري المجاهد والأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني تهميش المثقفين بعد الاستقلال خطأ كبيرا وأضاف نفس المتحدث أمس في الندوة التي احتضنها مركز «الشعب» للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع جمعية مشعل الشهيد حول مسيرة المناضل والمجاهد لمين دباغين أن فترة ما بعد الاستقلال عرفت تهميش الكثير من المثقفين بعد ان وقع انتقاء من طرف دوائر صنع القرار. وقال المتحدث أن بعض الفاعلين اتخذوا موقفا من بعض المثقفين وأبعدوهم من المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية وهو الأمر الذي أحدث شرخا كبيرا وعكس الوضعية الصعبة التي عاشتها بلادنا في السنوات التي تلت الاستقلال وأدى هذا الواقع إلى مغادرة العديد من المثقفين الذين قادوا الثورة الى الخارج بعد الاقصاء والتهميش الذي لقوه. وتؤكد اجابة مهري ازدواجية الرؤية تجاه المثقفين حيث تم اللجوء اليهم لدعم الثورة ورفع مستواها التنظيمي والفكري، وظهر ذلك جليا من خلال الرؤية الاستراتيجية والمستقبلية للثورة، كما كان بيان أول نوفمبر قاعدة أساسية وورقة طريق برز فيها المثقفون الجزائريون الذين ابهروا العالم بالنضج والوعي السياسي وهو ما أربك فرنسا، واستثمر القادة العسكريون للثورة الجزائرية في الطلبة الجزائريين الذي كونوا تنظيما جلب قيما مضافة كبيرة للثورة. ومن المحطات التي أدى فيها المثقفون دورا كبيرا هو بروزهم في المفاوضات مع فرنسا وتأطيرها بشكل أغلق الطريق أمام باب الاختراقات والانحرافات وبالرغم من المناورات الكبيرة لفرنسا لافشال المفاوضات الا أن حنكة المثقفين الجزائريين الذين شاركوا في مختلف ندوات وقمم حركات التحرر والمؤتمرات «باندونغ 1955» واستفادتهم من تكوين عالي المستوى في مختلف الأقطار العربية وحتى داخل فرنسا حيث قام العديد من المناضلين المثقفين في فيدرالية حزب جبهة التحرير الوطني بفرنسا بأخذ تجربة كبيرة كانت ذخيرة حية في كشف مؤامرات فرنسا واحباط خططها الدبلوماسية. وفقدت الجزائر هذه القدرات بعد الاستقلال لأسباب عدة وخاصة عدم التفاهم على توجه واحد بعد الثورة وهو ما أدى الى انقسامات كبيرة وتواصل الأمر عليها، وهمش المثقفون الذين دخل بعضهم المتحف والبعض الآخر غادر الوطن. ووجه آخرون إلى الجامعات للمساهمة في تكوين الأجيال الصاعدة دون أن تؤخذ آراؤهم ومواقفهم في مختلف المشاريع الكبرى التي عرفتها الجزائر وهو ما جعل رؤية الحزب الواحد بادية على الساحة السياسية والاقتصادية والثقافية والاعلامية. وتثير اجابة عبد الحميد مهري التي اعتبرها شخصية الكثير من التساؤلات حول مكانة المثقف في التأثير على القرارات السياسية والعلاقة بينه وبين مختلف المؤسسات التي لم تتضح بعد.