تصاعدت وتيرة الحركات التصحيحية داخل الاحزاب السياسية من قبل القواعد الخلفية والنضالية تعبيرا عن عدم رضاها عن اداء القيادات التي انغلقت على نفسها ، وبدلا من التفتح على المجتمع والاستماع لانشغالات المواطن وجهت نشاطها للمساندة والتأييد للحفاظ على مواقعها، وهو ما أدى بالساحة السياسية إلى ركود رهيب جعل النقاش والجدل حول أمهات القضايا عقيما الى درجات مقلقة. ويظهر أن القواعد الحزبية التي لايمكن وصف تحركاتها بالبريئة قد وضعت الانتخابات الرئاسية نصب أعينها وتحاول الضغط على القيادات لتحقيق اهداف معينة أو التقرب من القيادة او ضمان منصب يمكنها من تحسين أوضاعها الاجتماعية وهو السيناريو المعروف عند كل استحقاقات او انتخابات يعكس الاوضاع الصعبة لمعظم الاحزاب السياسية سواء الكبيرة أو التي يقال عنها صغيرة. ويسعى حزب جبهة التحرير الوطني بقيادة السيد عبد العزيز بلخادم الى عقد المؤتمر الوطني الاستثنائي في احسن الأحوال من خلال رأب الصدع الذي يحدث في كل مرة بين القواعد النضالية والقيادات المحلية لتهيئة ارضية الإعلان عن تعديل الدستور التي تعتبر اهم حدث في اجندة الاحزاب بالنظر لما لها من تأثيرات على الصعيد المحلي والدولي. وسيكون المؤتمر الاستثنائي بعد اعلان رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة عن تعديل الدستور والطريقة التي سيتم بها التعديل للعمل على الترويج والتحسيس بالقضية في أحسن الظروف وتفادي ماحدث في السنوات الماضية من محاولات عصيان وتمرد ما أفقد الحزب الكثير من المواقع وتراجعت شعبيته كثيرا أمام عودة الاراندي واستفاقة الجبهة الوطنية الجزائرية وزحف حزب العمال. من جهته يسير التجمع الوطني الديمقراطي في الطريق الصحيح من أجل تشبيب الحزب ومنح الفرصة للإطارات الشابة لتبوأ مكانتها في المجتمع ومختلف هياكل الدولة تحسبا لتسلم المشعل وحتى وان حاولت بعض الاطراف اثارة البلبلة من خلال الحديث عن استقالة العديد من المناضلين في قسنطينة وبعض الولايات فالصرامة التي يفرضها السيد أحمد أويحيى الأمين العام للحزب اقفلت الطريق امام المتربصين بالحزب والباحثين فقط على الريع. وتراجع اداء حركة مجتمع السلم كثيرا منذ المؤتمر الوطني الأخير المنعقد في افريل حيث لم يتمكن الحدث من اخراج الحزب من حالة الاحتقان الداخلي بقي الصراع مستمرا بين جناح السيد مناصرة وجناح السيد أبو جرة سلطاني، الذي يمر بفترات صعبة جدا ستؤثر على مكانته في الحكومة وعلى مكانة الحزب في الساحة السياسية، وسيكون موقف الحركة من الرئاسيات ضعيفا سواء في حالة اختيار الدخول بمرشح أو مساندة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، وفي حال استمرار الاحتقان داخل حركة مجتمع السلم فالمستقبل سيكون مجهولا للحركة التي عاشت عصرها الذهبي في زمن المرحوم نحناح الذي حقق نتائج باهرة في مختلف الانتخابات التي اجتازها. وترتبط حالة الغليان في حركة مجتمع السلم بتسرب اخبار عن مساندة القيادة الحالية لمبدأ تعديل الدستور ومنه تأييد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة للترشح لعهدة ثالثة، وهذا لإنقاذ السيد ابو جرة سلطاني من المأزق الذي يمر به حاليا. ولم يتمكن حزب جبهة القوى الاشتراكية من بسط سيطرته على المعارضة وزادت حالات التذمر داخل القيادات من المسار الذي اخذه الحزب الذي فقد بريقه أمام احزاب حديثة النشأة بالنظر الى نضاله الطويل وحنكته التي لم تنفعه طيلة اكثر من 43 سنة من بناء منهج واضح في التعامل مع مختلف القضايا وبقي حبيس مواقف غير واضحة تعتمد على الدعاية الاعلامية منها اكثر من الواقع، وهو ماجعل القواعد النضالية تنفر منه، وما نتائج الانتخابات المتدهورة الا دليل على التراجع الكبير في قناعة المناضلين بتوجهات الحزب التي لم تتغير بالرغم من التغيرات والتحولات العملاقة التي مرت بها الجزائر في مختلف المجالات. وبالموازاة مع ذلك نقص اداء الجبهة الوطنية الجزائرية كثيرا ولم تلق مواقف وتصريحات السيد نور الدين تواتي رئيس الحركة حول عديد القضايا الصدى الكافي حيث لم تصل حتى مناضلي الحزب بالنظر للشرخ الكبير الحاصل بين القيادات والقواعد. وفي انتظار خرجات الأحزاب المجهرية تبقى الساحة السياسية الجزائرية بحاجة إلى جدية اكثر لترقى الى مصاف الممارسة الديمقراطية وإثراء النقاش وانتقاد النقائص واقتراح الحلول. ------------------------------------------------------------------------