واصلت القوات الحكومية أمس الثلاثاء تقدمها نحو بنغازي معقل المعارضة الليبية بعد ان سيطرت على مدينة اجدابيا التي تبعد 800 كيلومتر عن العاصمة طرابلس في الوقت الذي لم تتوصل الدول الغربية بعد إلى إتفاق بشأن الملف الليبي. فعلى الصعيد الميداني أعلن مساء أمس عن سيطرة القوات الحكومية على مدينة أجدابيا أول خط دفاعي عن معقل المعارضين الرئيسي في مدينة بنغازي والتي بعد بنحو 800 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس وذلك بعد هجوم ضد مواقع المعارضة استعملت فيه المدفعية الثقيلة والطيران الحربي، مما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا وفق ما أورده شهود عيان وأطباء. ونقل التلفزيون الليبي ان القوات الحكومية احكمت سيطرتها على هذه المدينة بعد أن طردت المعارضين منها. وتواصل القوات التابعة للزعيم الليبي تقدمها في اتجاه بنغازي معقل المعارضة والتي تبعد عن مدينة أجدابيا بنحو 200 كيلومترفقط. وذكر التلفزيون الليبي أن مؤيدين للزعيم معمر القذافي خرجوا أمس في مظاهرات احتفالية بمدينة زوارة التي تبعد بنحو 180 كلم غرب العاصمة طرابلس بعد أن سيطرت عليها القوات الحكومية. ونقل عن شهود أمس ان القتال مازال دائرا بين المعارضة المسلحة والقوات الموالية للقذافى فى البريقة التى يوجد بها ميناء نفطى استراتيجي بعد أن كانت المعارضة قد أرغمت على الانسحاب منها يوم الأحد الماضي. ورفض العقيد معمر القذافي في تصريح لصحيفة »ايل جورنالي« الإيطالية مسبقا أي تفاوض مع المعارضين لنظامه وقال انهم »فقدوا الأمل وقضيتهم باتت خاسرة« مضيفا:ذ أنه لم يبق أمامهم سوى »خيارين: الاستسلام أو الهرب«. وكانت وزيرةالخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قد بحثت أمس بباريس مع ممثلين عن المجلس الوطني الانتقالي الليبي سبل تقديم الولاياتالمتحدة الدعم للمعارضة اللبيبة غير أنها لم تقدم لهم أية وعود بشأن المساعدات العسكرية. وعلى صعيد آخر لا يزال خلاف بين الدول الغربية بشأن التعامل مع الملف الليبي سيد الموقف، فانقسام مجموعة الثمانية بخصوص الموضوع لم تستطع الدبلوماسية الفرنسية والبريطانية لملمته في ظل الموقف الروسي المعارض للتدخل العسكرى فضلا عن التحفظات أو التشكيك الذي تبديه الولاياتالمتحدة وألمانيا في جدوى إقامة منطقة حظر جوي في منع قوات الزعيم الليبي معمر القذافي من مواصلة هجماتها على المعارضة والمدنيين. وخرج اجتماع وزارء خارجية مجموعة الثمانية بباريس والذي دام يومين بتصريح مفاده ان المجموعة ليست المحفل الكفيل باتخاذ قرارات بشأن عمل عسكري ضد نظام القذافي وأكدوا ان اتخاذ مثل هذا الاجراء يعود لمجلس الأمن الدولي. وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في أعقاب الاجتماع ان وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجموعة ال 8 طلبوا من مجلس الأمن الدولي بالعمل على فرض عقوبات جديدة لزيادة الضغط على نظام العقيد معمر القذافى في ليبيا. وأشار إلى أن الوزراء اتفقوا أيضا على أنه يتعين على نظام القذافي وقف الهجمات ضد السكان المدنيين بشكل فوري وتوفير الحماية لهم، لافتا إلى أن نظام القذافي سيتحمل تبعات كل أعمال العنف التي يقوم بها ضد شعبه. ومن جهته صرح وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن الدول الأعضاء بالمجموعة متفقة على أنه يتعين اتخاذ إجراءات جديدة وإجراء محادثات عاجلة في مجلس الأمن الدولي للرد على طلب مجلس جامعة الدول العربية الموجه لمجلس الأمن من فرض منطقة حظر جوي على ليبيا وتوفير الحماية للسكان المدنيين في ليبيا. وبهذا تكون الديبلوماسية الفرنسية قد اخفقت في الضغط على دول مجموعة ال 8 التي تترأسها لحملها على الخروج بموقف موحد بشان فرض حظرجوي على ليبيا. وقال وزير الخارجية الفرنسي أمس ان بلاده لم تقنع بعد شركاءها في مجموعة الثماني بدعم مساعيها لاستصدار قرار بمجلس الأمن الدولي يفرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا، وتسود مخاوف لدى السلطات الفرنسية من هزيمة المعارضة الليبية في بنغازي وانعكاسات ذلك على مستقبل مصالح فرنسا المتعددة في ليبيا. وتلخص تصريحات وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيل التحفظات التي يبديها بعض الأوروبيين وحتى الأمريكيين على القيام بأي عمل عسكري ضد ليبيا قبل إخضاع هذا الموضوع لدراسة متأنية ودقيقة داخل مجلس الأمن. ويبرر وزير الخارجية الالماني مخاوف بلاده من النظر للقوات الغربية التى ستتولى تنفيذ العمليات العسكرية في ليبيا كقوة غزو »صليبي« ضد الشعب الليبي »المسلم«. وكان ذات المبرر قد ساقه وزير الدفاع الأمريكي روبيرت غيتس، كما أرجع المسؤول الالماني تحفظ بلاده على الموافقة على فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا إلى مخاوفه من إضعاف المسيرة الديمقراطية في كل من مصر وتونس في حال شعر العالم العربي بوجود مخطط للتدخل العسكري الغربي على أراضيه. وتنتقد فرنسا وبريطانيا سير المجتمع الدولي بخطى بطيئة تجاه الوضع في ليبيا مع التقدم الذي تحرزه قوات القذافي على أرض الواقع. وقال وزير الخارجية الفرنسي أمس »إننا لو كنا قد استخدمنا القوة العسكرية منذ أسبوع ربما لم تحدث الانتكاسة التي منيت بها المعارضة«. ومن جهته قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون: »إن الوقت ينفذ بالنسبة للمجتمع الدولي للتدخل في ليبيا، محذرا من أن العقيد معمر القذافي يسعى للحصول على أسلحة جديدة لسحق الانتفاضة الشعبية ضد نظامه«. وأبدى كاميرون تعاطف بريطانيا مع دعوات الغرب والجيران العرب لتقديم معونة عسكرية للثوار وذلك رغم حظر أممي شامل على صادرات الأسلحة لليبيا.