منذ بضعة أيام يُعرض مشروع قانون البلدية على النقاش على مستوى المجلس الشعبي الوطني، في جلسة علنية تكاد تكون خاوية من نواب المجلس الا من اولئك الذين ينتظرون دورهم في قراءة ما اعدوه من ملاحظات وانتقادات حول ذات المشروع. ولم يعد خفيا على أحد النواب الذين يفترض انهم يمثلون الشعب، وبفضل هذا الشعب ظفروا بمقعد ثمين تحت قبة البرلمان باتوا يظهرون الكثير من عدم الانضباط، لغياب الكثير منهم عن حضور جلسات المناقشة ولانشغالهم بأمور اخرى تبدو اكثر اهمية، عن ابداء الاهتمام بما يعرض من مشاريع قوانين حيوية مثلما هو عليه الحال بالنسبة لمشروع قانون البلدية الذي يعدل القانون الصادر في سنة 1990. صحيح ان عدد المداخلات المسجلة لدى مكتب المجلس فاقت 160 تدخلا مفترضا، وقد يوحي ذلك بأن النواب مهتمون الى حد كبير بحيثيات القانون ومدى تأثيراتها المباشرة على عمل المنتخب المحلي رغم الانتقادات العديدة الموجهة له، لكن مايعرضه التلفزيون في نشرة الثامنة خلال الايام القليلة الماضية، في تغطية للحدث الذي يفترض انه هام ويبين ان النقاش يتم في جلسات شبه فارغة، ويبين ايضا للمشاهدين ولكل من صوتوا لهذا النائب أو ذاك أن هذا الاخير يبدو وكأنه غير مبال بما يدور داخل قاعة المناقشات، ولعل مايؤكد ذلك انه خلال جلسة امس، تمت مناشدة النواب للدخول الى القاعة التي كانت فارغة او تكاد تكون، على الاقل لحفظ ماء الوجه، امام كاميرات التلفزيون التي كانت في السابق تعمل المستحيل من اجل عدم اظهار كثرة غيابات النواب، لكنها اليوم وجدت نفسها عاجزة عن فعل ذلك طالما ان الاغلبية الساحقة كانت إما غائبة عن المجلس او أن الكثير من النواب يفضلون المتاقشات الهامشية التي تدور في كواليس المجلس، خاصة وان مايتم تداوله منذ مدة يعنيهم بطريقة مباشرة، وهي فكرة حل البرلمان الموضوعة ضمن الخيارات المقترحة لاحداث تغيير ما في السياسة العامة للبلاد، والتي قد تبدأ بتعديلٍ للدستور وماقد يتبعه من اجراءات هامة، وصفتها بعض الاطراف بالجوهرية، وذلك تماشيا مع موجة التغيير التي تشهدها المنطقة العربية. الغيابات المتكررة للنواب تترك في كل مرة الانطباع على ان الامور لاتسير وفق ماكانت تنشده القاعدة الشعبية من اهتمام متزايد في نقل انشغالاتهم الى الجهات المعنية، والتكفل بالبعض منها، وهي النقطة بالذات التي الح عليها رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد زياري، لدى افتتاحه اشغال الدورة الربيعية، عندما شكك في وجود تواصل حقيقي بين الناخب والمنتخبين او اهتمام هذا الاخير بالمشاكل المطروحة في دائرته، وذلك عندما ربط غياب هذا التواصل مع ارتفاع موجة الاحتجاجات والتي عُبر عنها في بعض الاحيان بمظاهرات كتلك التي حدثت في مطلع العام الجاري. وعلى الرغم من ان مثل هذه الظاهرة تتكرر باستمرار بما ان الغيابات اصبحت تطبع وفي كل مرة الجلسات العلنية للبرلمان، الا انه لايبدو ان جهة ما باستطاعتها ان تفرض على النائب ابداء القليل من الانضباط، المتمثل في الحضور والتكفل الحقيقي بطرح الانشغالات للحصول على الاجوبة الشافية وليس الطرح المزاجي الذي يترك في كل مرة المشاكل معلقة الى اجل غير مسمى وقد تكون المسألة مرتبطة بالضمير المهني.