يفتتح رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة اليوم رسميا في حفل ضخم ومتميز تظاهرة تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية2011، وهي تظاهرة تحول عاصمة الزيانيين طيلة سنة كاملة إلى قبلة للثقافة الإسلامية، ومحطة نابضة ينصهر فيها وهج الحضارة والإرث التاريخي الإسلامي المشع بالأصالة بمشاركة ما لايقل، عن 41 بلدا إفريقيا وأوروبيا وآسيويا، ولأول مرة 12 بلدا غير مسلم. يعطي رئيس الجمهورية إشارة انطلاق أكبر تظاهرة ثقافية تحتضنها عروس المغرب العربي تلمسانوالجزائر بوجه عام. الموعد يكون فرصة حقيقية للتأكيد على إسهامات الحضارة الإسلامية الراقية في الحضارة الإنسانية، ويعكس بصمة التلمسانيوالجزائري في تشكيل الموروث الحضاري الراسخ في الذاكرة التاريخية، والشاهدة عليه معالم حية، لم يتمكن الزمن بقسوته من قهر شموخها . وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد اعتبر أن إعلان تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية اختيارا موفقا لما تزخر به من تنوع تراثي ومعالم تاريخية ذات دلالة وشهرة تعبر عن الإبداعية الجزائرية الشاهدة على عظمة الحضارة الإسلامية في هذه الربوع. ساعات قليلة فقط قبل انطلاق فعاليات التظاهرة كانت تلمسان الجوهرة بموقعها المذهل، والجوهرة بكل ما تنام عليه من علم وحضارة وجهابذة أنجبتهم ووطئت أقدامهم أرضها الصامدة، تزينت عاصمة الزيانيين بحلة جميلة وجذابة. ارتدت ثوبا إسلاميا حضاريا، ومما زادها أناقة نظافة شوارعها وتلك اللافتات الضخمة التي ترحب بضيوفها. وأضفت الصور العملاقة لرئيس الجمهورية ولافتات الترحيب بقدومه عبر الشوارع التلمسانية إلى جانب لوحات كبيرة تحمل رمز التظاهرة ثبتت بمدخل والمحاور الرئيسية للمدينة إلى جانب رونق رايات سواء تعلقت بالجزائرية أو لبلدان العالم الإسلامي ولافتات كتبت عليها عبارات الترحيب بالضيوف ونافورات المياه المتدفقة كلها تعكس أجواء احتفالية بمدينة تلمسان . ويرتقب أن يرأس حفل افتتاح التظاهرة الإسلامية 15 وزير ثقافة لوفود الدول المشاركة، وسجل حضور 29 دولة في «الإسيسكو» و12 دولة غير مسلمة، بالإضافة إلى 20 وفدا أجنبيا وما لا يقل عن 80 سفيرا معتمدا بالجزائر . وبرمج في حفل الافتتاح عمل مسرحي ضخم يحمل عنوان «تلمسان صدى الإيمان» يراهن عليه في اختزال أهم الحقب التاريخية التي مرت بها الجزائر، مع تسليط الضوء على أبرز الشخصيات الفذة التي صنعت تاريخها. وشاركت وزارة الثقافة الجزائرية في التحضيرات والاستعدادات التي سخرت لها إمكانيات مادية وبشرية معتبرة وزارة الشؤون الدينية والأوقاف. وساهم هذا الفعل في تغير وتلميع وجه الثقافة بعاصمة الزيانيين، التي انبعثت من خلال جهود تعزيزها بالمرافق، وإعادة الاعتبار لمعالمها . ويكون الموعد التاريخي دون شك محطة حاسمة لإعادة إطلاق الإبداع الفني والثقافي لدى جميع الفنانين الجزائريين في العديد من المجالات الثقافية والفكرية . وتعرف هذه التظاهرة الكبيرة والأولى من نوعها، تضاف إليها تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية، مشاركة قوية للوفود الوطنية والأجنبية. ويتضمن هذا البرنامج الخاص أفلاما وثائقية، ومعارض، ومسرحيات، وندوات و محاضرات فكرية و علمية، معارض و جولات موسيقية، جنّد لأجلها 2800 فاعل من فنانين و ممثلين و تقنيين . وسمح تنظيم هذه التظاهرة التي افتكت تلمسان شرف احتضانها على اعتبار أنها تنام على 70 بالمائة من التراث الإسلامي الجزائري بترميم ما لا يقل عن 100 معلم تاريخي بعثت فيه الحياة من جديد مع إنجاز منشآت ثقافية جديدة من بينها، مسرح الهواء الطلق الذي تبلغ طاقته نحو2000 مقعد، وبالإضافة إلى القصر الملكي الزياني، ومتحف الفنون و تاريخ تلمسان، وقصر الثقافة، و متحف الفنون التخطيطية الإسلامية . وكل الأنظار متوجهة اليوم نحو تلمسان العاصمة لدول العالم الإسلامي، والموعد لتقاطع الحضارة مع الثقافة والفن تلفها الصبغة التاريخية العريقة التي تضفي عليها بريقا وسحرا خاصا . وعاش التلمسانيون ليلة أمس سهرة خاصة بعثت الحراك الثقافي والفني في قالب إسلامي حضاري أصيل حيث انطلقت 22 مركبة من نقطة البداية بقصر العدالة نحو ساحة الإمامة، وجسدت المركبة الأولى لوحة مذهلة عن الكعبة الشريفة حاملة شعار «إن أول بيت وضع للناس الذي ببكة مباركا وهدى للعالمين»، أما المركبة الثانية فحملت المسجد الأقصى مجسما حاملة بدورها شعار «سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أما المركبة الثالثة فتحمل لوحة رائعة تنبض بالإبداع وعدة دلالات لأنها تتضمن خارطة الدول الإسلامية .