الإصلاحات السياسية التي أعلنها رئيس الجمهورية ما هي إلا استكمال لمسعاه الصادق الذي بادر به منذ تولى مقاليد السلطة في الجزائر، منها إعادة السلم إلى كامل ربوع البلاد، تقوية الاقتصاد الجزائري وتعزيز الحضور على الصعيد الدولي ودعم كل هذا التوجه الذي بنى عليه قناعاته بترقية ملفات ذات الوزن الثقيل على صعيد الشؤون العامة.. بفتح ورشات حيوية كإصلاح العدالة والمنظومة التربوية، ومهام الدولة. اليوم وقف رئيس الجمهورية على انشغالات سياسية قوية، من خلال دعوته الملحة باتجاه مراجعة جذرية لنصوص تعد حجر زاوية البناء الديمقراطي.. وهو بذلك يبعث برسالة مفادها أن هذا المسعى جاء ليعمق الممارسة الديمقراطية المسؤولة.. وتجذير فضائل الحوار ومحاسن التشاور في المسائل ذات البعد المصيري. ويدرك رئيس الجمهورية أن المدخل الرئيسي والمنفذ الاساسي لهذه الاصلاحات السياسية يكون عبر أعلى وثيقة سياسية في البلاد.. ألا وهي الدستور الذي يحدد العلاقات بصفة دقيقة بين كل هياكل الدولة. وفي هذا الشأن مغزى الاصلاحات من خلال هذه المبادرة السياسية تقوية عمل مؤسسات الدولة وجعلها قادرة على صناعة القرار بالشكل الذي تراه مناسبا ومتماسكا وجماعيا.. وفق الصلاحيات الممنوحة لكل جهة.. وهذا هو جوهر هذه العملية في بعدها الرامي إلى احداث الانسجام اللازم.. والتكامل المطلوب في تأدية المهام المخولة لكل جهة. والأمر لا يتعلق بالدستور فقط المتوجه إلى التحكم في حركية كل مؤسسة ومعرفة حدود ومجال نشاطها.. بل هناك النصوص المتولدة عن مثل هذا الاختصاص كالقوانين المتعلقة بالانتخابات والأحزاب والإعلام والجمعيات وغيرها والتي تصنف في خانة الوثائق الصانعة للفعل الديمقراطي. وكل هذه التغييرات الاستراتيجية المعلن عنها، جاءت في مرحلة السلم التي يتمتع بها الشعب الجزائري ولم تأت من تحت أي ضغط يذكر كما هو حاصل في العديد من البلدان العربية.. وهذا في حد ذاته وعي كبير.. وحس صادق لدى كل الجزائريين الذين يأملون في الانتقال نحو مراحل أخرى من خلال الهدوء والأمن.. وهذه خصال لا نجدها لدى غيرنا ممن تتعرض بلدانهم إلى قلاقل سياسية.