كشفت التقلبات الجوية الأخيرة ضعف تعامل المنتخبين المحليين مع مشاكل بلدياتهم وولاياتهم وهم الذين يطالبون بقوانين جديدة توسع من صلاحياتهم وتمنحهم حرية أكبر في المعاملات وهي المطالب الغريبة نوعا ما بالمقارنة مع ما هو موجود في الواقع. فالاعتناء بالإقليم والبيئة والاحتياط للفيضانات من خلال منع البناء قرب مجاري الوديان ومراقبة شبكات قنوات صرف المياه وتطهيرها من الأتربة والأوحال لا يحتاج لقوانين بل لمداولات بسيطة بين أعضاء المجالس المنتخبة ومنه تجنيب السلطات العمومية والمجتمع خسائر بشرية ومادية كبيرة فعجز المجالس المنتخبة نابع من جمود العقليات ولو كان المنتخبين المحليين يجوبون الأحياء التي صوتت عليهم لإكتشفوا النقائص ومنه أخذ الاحتياطات اللازمة. والملفت للانتباه أن المنتخبين المحليين في مختلف ولايات الوطن يكونون قد تابعوا فبضانات غرداية بتمعن ولكن ردود أفعالهم لم تعدى المزيد من الانغلاق على المكاتب وقراءة الصحف وتبادل أطراف الحديث شأنهم شأن أي مواطن عادي وهو ما يؤكد ضعف المواطنة وفقدان القدرة على التسيير المحلي الذي يبقى بعيدا عن تطلعات السلطات العليا في البلد والمواطن بصفة عامة. لقد كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن قانوني البلدية والولاية وكأن الوقت الحالي لا تتوفر فيه قوانين ولو أن القوانين مهمة الى هذا الحد لماذا يترشح الأفراد الى المجالس الشعبية والولائية، وهل بمجرد سن التعديلات المقترحة ستتمكن المجالس المنتخبة من تفعيل أدائها هي أسئلة لا تحتاج الكثير من الوقت للإجابة عنها فالمحليين الذين ألصقت بهم عدة اتهامات وصفات خطيرة تبينت صحتها فغي الكثير من الأحيان بالنظر الى المتابعات القضائية القياسية التي كانت في حقهم وهو ما يكشف بان التسيير المحلي لشؤون البلديات ضحية لإنعدام تقاليد التكفل بانشغالات المواطن ولو كانت المجالس المنتخبة بنفس النظرة التي ظهرت عليها في خطاب رئيس الجمهورية من حماس وتجاوب لما وصلنا الى ضحايا الفيضانات الأخيرة والحمد لله أن الجزائر لم تتعرض الى أعاصير مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية والمكسيك وكوبا وإلا لا ندري ما سيحل بنا. إن ثقافة المواطنة وتحمل المسؤوليات في الدولة يجب أن تنطلق من النواة الأولى وهي البلديات ثم الدوائر والولاية ولا يجب النظر دائما الى الوزارة والحكومة والرئاسة فالوالي ورئيس المجلس البلدي يعتبران الممثلين الأساسين للسلطة التنفيذية وبالتالي يجب رفع مستوى التعامل مع الطوارئ والكوارث حتى نسترجع ثقة المواطن في السلطات لأن الواقع يفرض على المحليين المبادرة والتحرك لتحقيق التنمية المستدامة وتفادي إحصاء الضحايا والتعويضات في كل مرة. ------------------------------------------------------------------------