يعتبر الطريق الوطني رقم واحد أطول الطرق الجزائرية والعالمية إذ يتجاوز طوله ال2400 كلم والمتجول عبر الطريق الذي سيربط مستقبلا الجزائر بالعاصمة النيجيرية لاغوس على مسافة 6000 كم يلاحظ الحيوية الكبيرة لهذا الطريق المتوغل في أعماق القارة السمراء وإجتيازه لعديد الولايات ما يسمح للمسافر من مشاهدة تنوع بيولوجي كبير يمنح للطريق كل مميزات التحفة السياحية غير أن الرحلة التي قادتنا الى غرداية للوقوف على آثار الفيضانات التي ضربت المنطقة في الفاتح أكتوبر الماضي، جعلتنا نقف على العديد من الملاحظات حول الطريق الوطني رقم واحد، قد تساعد مختلف الهيئات على تدارك النقائص وتجنب بعض الكوارث التي قد تؤثر سلبا على الطريق الوطني رقم واحد. ومن الظواهر التي عرفت انتشارا كبيرا في السنوات الأخيرة على مستوى الطريق الوطني رقم واحد خاصة على مستوى المحطة البرية بالبليدة - الموجودة في وضعية رديئة في ظل غياب أدنى شروط النظافة والراحة - هي العدد الهائل من الأطفال الصغار الذين يبيعون مختلف أنواع الحلويات والجرائد ومختلف المواد التي تباع للمسافرين وعند اقترابنا من احد الأطفال لنسأله عن عدم ذهابه للمدرسة فرد باستغراب وخجل لقد كبرت ويجب أن اعمل، ويتعرض هؤلاء الأطفال الى مختلف أنواع الاهانات من قبل سائقي الحافلات لما بين الولايات الذين يفضلون أطفالا عن آخرين مثل الحافلة التي امتطيناها للذهاب الى غرداية. ويتوسل العديد من الأطفال أصحاب الحافلات للسماح لهم بالصعود لجني بعض الأرباح لمساعدة عائلاتهم الفقيرة وهو المظهر الذي يدعو وزارة التضامن والجالية وكذا الوزراة المنتدبة والأسرة، ومختلف الجمعيات الناشطة بالبليدة لتقصي الحقائق ودراسة الظاهرة قبل أن تأخذ أبعادا خطيرة. نقطة بداية الطريق بحاجة إلى توسعة تحتاج نقطة انطلاق الطريق الوطني رقم واحد الى توسعة حيث عند مخرج الطريق السريع المؤدي الى غرب البلاد، فالطريق هناك ضيق خاصة مع انتشار بعض الحرفيين الناشطين في صقل الحجارة على حافة الطريق وهي المواهب التي يمكن أن تستغل في قطاع البناء وإضافة قيم جديدة للاقتصاد الوطني، وما يشد الانتباه عند منطقة الشفة وجود بعض الشاحنات تملأ المياه من الوادي، وكذا بعض الرعاة غير آبهة بتوصيات الحماية المدنية وهو ما يعكس وجود لا مبالاة من المواطنين في التعامل مع الفيضانات. ويلفت انتباه المسافرين عبر الطريق دور رجال الدرك الوطني والجيش الوطني الشعبي في إعادة الأمن للطريق بعد الصعوبات التي عاشها في بداية التسعينات حيث يحظى الطريق بتغطية أمنية شاملة ودقيقة تعكس الاحترافية الكبيرة لأسلاك الأمن المشتركة وقوات الجيش الوطني الشعبي. السياحة غير مستغلة جيدا ونقص فادح في المطاعم تبقى السياحة على مستوى الطريق الوطني رقم واحد غير مستغلة جيدا فمن المطعمين المتواجدين عند مدخل الطريق الوطني والذين يوجدان على حافة الطريق ما يعرض المأكولات للغبار وكذا المطعمين بالحمدانية فإيجاد مطاعم في المستوى غير ممكن وعلى السائقين الصبر الى غاية عين وسارة 200 كلم عن العاصمة لإيجاد مطاعم يمكن أن تخدم السياحة وتجلب الانتباه بينما تلك التي شاهدناها في بوقزول ومجبر فهي لا تتوفر على شروط الراحة والخدمات فيها قليلة جدا. وتعاني منطقة الشفة من نقص أماكن التوقف على حافة الطريق للسماح لأكبر عدد ممكن من السياح عنصر القردة وهي المنطقة التي تعج بالفضوليين الذين يداعبون القردة وبإمكان المنطقة التي تنعدم فيها المرافق السياحية أن تكون قطبا سياحيا عالميا لو يتم استغلالها جيدا، وتنتشر في المنطقة التجارة الموازية وازدهار في بيع الشواء وخاصة طائر السمان الذي يلقى إقبالا كبيرا ولا ندري أن كان السلطات على علم بالمخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الأفراد. والنقطة الايجابية التي تحسب للمنطقة هو دار الصناعات التقليدية الذي يحسب لقطاع السيد مصطفى بن بادة وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حيث مكن ذلك القطب من خلق ديناميكية كبيرة بالمنطقة وهي المبادرة التي تحتاج للتشجيع والدعم. لا مبالاة السائقين أكبر أسباب حوادث المرور تجتاز الطريق الوطني رقم واحد مئات آلاف المركبات يوميا خاصة في ظل انتعاش الحياة الاقتصادية والتجارية، وأدى ارتفاع الحظيرة الوطنية للسيارات وتحسن الوضع الأمني وتحسن القدرة الشرائية للأسرة الجزائرية الى رفع وتيرة حركة النقل البري للأشخاص والبضائع، وبالمقابل زادت حوادث المرور بشكل كبير وهو ما وقفنا عليه في الطريق حيث استعمل سائق الحافلة التي أقلتنا الى غرداية الهاتف النقال في العديد من المرات كما لم ينقطع الحديث بين القابض والسائق طيلة الطريق وهي سلوكات تتكرر في كل حافلات النقل البري للأشخاص التي نشهد بأنها مريحة ومجهزة بكل اسباب الراحة غير أن الحذر مطلوب، وعلى وزارة النقل الإكثار من حملة التحسيس والترويج لتفادي حوادث المرور على غرار التي حدثت بمعسكر وتلمسان والتي خلفت أكثر من 40 قتيلا في الصائفة الماضية. ومن الملاحظات كذلك كثرة التجاوزات الخطيرة سواء من أصحاب الشاحنات العملاقة وأصحاب السيارات وهو ما يجعل حركة المرور صعبة للغاية والدليل أن الحافلة وصلت الى المدية في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا بعد أن أقلعنا من المحطة البرية بالخروبة على الساعة السادسة صباحا. زراعة الكروم تعود بقوة إلى منطقة التيطري تستقطب زراعة الكروم بولاية المدية أنظار جميع العابرين منطقة التيطري ويكتشف المسافر سر توفر مادة العنب ووجود أسعارها في متناول الجميع حيث على مدى كيلومترات تنتشر زراعة الكروم من المدية الى البرواقية مرورا بوزرة وبن شكاو وسمح ازدهار فلاحة الكروم الى إعطاء ديناميكية لمنطقة وسمحت بخلق عديد مناصب العمل في الفلاحة والتجارة والنقل العمومي للبضائع. ومن الأمور الايجابية التي شاهدناها بناء العديد من نافورات المياه عند مدخل المدية ودائرة البرواقية هي التي تعطي للسائقين والمسافرين نوع من الراحة النفسية ويمنح المحيط لمسة فنية جميلة جدا. النقل البري بحاجة إلى تنظيم أكثر خارج العاصمة يعاني المواطن كثيرا على مستوى الطريق الوطني رقم واحد من نقص فادح في المحطات البرية وان وجدت فهي ضيقة، ومن البرواقية الى حاسي بحبح الى المدية وعين وسارة ومختلف المدن الموجود على الطريق الوطني رقم ,1 يشكل المسافرين منظرا مقززا حيث تجبر العائلات على انتظار الحافلات تحت أشعة الشمس الحارقة والأمطار والغريب في الأمر أن أصحاب الحافلات يحملون المسافرين واقفين ولم يتعرض أي منهم الى تسجيل المخالفات عليهم ويكون العامل الإنساني هو السبب لأن مختلف المدن تعاني من نقص فادح في النقل. الأشغال العمومية تشكل حصة الأسد من المشاريع يعرف الطريق الوطني رقم واحد وجود عدة ورشات خاصة بالأشغال العمومية والتي يعرف البعض منها تقدما معتبرا بينما تعرف بعض الورشات التي تنجز طرق عملاقة بعض التأخر والنقص في العتاد فمشروع تثنية الطريق الوطني رقم واحد بين وزرة والمدية يكون قد قطع أشواطا كبيرة ولم يبقى إلا التدشين الذي سيكون في الأيام القادمة، ونحن نشق طريقنا الى غرداية على أنغام الشاب مامي وأغانيه الوطنية وكذا سلسلات الحاج لخضر مول العمارة وقفنا على بيت ترميم الطرقات بعين الملح وهي الهيئة التي تقوم بترميم الطرقات والقضاء على الحفر والاهتراءات حيث تقوم بعمل جبار أمام استعمال المكثف للطريق. وعند مدخل مدينة البرواقية يجلب انتباهك منظر النافورة العملاقة التي أنجزت مؤخرا وبلمسة تقليدية وعصرية تعكس تطور الحرف في بلادنا. وتعرف توسعة الطريق في الشطر الرابط بين البرواقية، الزبيرية الى سغوان بعض الصعوبات جراء الأوحال التي تعرقل سير عمل الجرافات والرافعات وحتى الشاحنات وتحتاج المقاولات التي تنجز هذه الطرقات نوعا من الدعم للإسراع في أعمال ترميم وتوسعة الطريق الوطني رقم واحد. وتحتاج مدينة عين وسارة التي تبعد 200 كلم عن الجزائر العاصمة الى طريق اجتنابي على الأقل لأصحاب الوزن الثقيل الذين يعكرون صفو المدينة التي لمسنا بها أولى المطاعم الجيدة الخدمات والمعقولة الأسعار وتتميز هذه المدينة بالشواء اللذيذ والمقبول من حيث الأسعار. ومن المشاريع التي عرفت تقدما كبيرا في الأشغال العمومية شطر حاسي بحبح الجلفة على مسافة حوالي 50 كم حيث تمكنت الشركات المنجزة للمشروع من قطع أشواط كبيرة ما يجعل الطريق الوطني رقم واحد في مراحل متقدمة بين الجلفةوالأغواط. وبعين معبد تجري أشغال انجاز جسر وادي سيدي سليمان ما عطل نوعا ما حركة المرور وهو انجاز من شانه أن يقلل من خطر الفيضانات على الطريق الصحراوي رقم واحد، كما نجحت ولاية الأغواط في استكمال معظم طرق الطريق العابر لإفريقيا. وينتظر السيد عمار غول وزير الأشغال العمومية عمل كبير على مستوى الإشارات ولوحات تحديد المسافة والاتجاهات فاللغة الانجليزية غائبة تماما في لوحات الولايات والدوائر والبلديات ولأن الطريق الوطني رقم واحد لم يصبح إفريقيا بعد اذا يجب تهيئة الأمور من الآن. مافيا العقار والبناءات القصديرية تغزو بوقزول تملك مدينة بوقزول الواقعة في الحدود بين ولايتي المديةوالجلفة، والقريبة من ولايتي المسيلة وتيارت كل مقومات العاصمة الناجحة فبالإضافة الى الامتداد مستوى الارتفاعات الذي سيمكن من إنشاء عاصمة عصرية بمواصفات دولية تقلل الضغط على العاصمة وتكون مفخرة لجيل الاستقلال بالتعاون مع الكوريين الذين سيقومون بالدراسات. غير أن خبر العاصمة الجديدة التي يعبرها الطريق الوطني رقم واحد يكون قد تسرب لمافيا العقار والمستثمرين في البيوت الفوضوية حيث تعرف المدينة فوضى كبيرة في العمران بظهور بعض الأطلال التي يجب التصدي لها لأن الطمع في التعويضات أصبح كبيرا وعلى وزارة البيئة وتهيئة الإقليم والسياحة الحذر من الانتشار الفوضوي للعمران ما قد يعطل مشاريع انجاز العاصمة الجديدة التي تكونت فيها بحيرة جميلة جدا فاق طولها ال 3 كيلومترات خلقت جوا مميزا وجلبت جميع أنظار المسافرين وهو ما يؤهل المنطقة لأن تكون قطبا سياحيا مستقبليا. الجلفة عاصمة لبقايا مواد البناء وتحتاج لتهيئة عمرانية تعاني مدينة الجلفة التي تبعد عن العاصمة ب300 كلم في السنوات الأخيرة من كثرة الفيضانات وبالنظر للطبيعة الجغرافية الهشة للمدينة التي تجمع بين السهوب والطابع شبه الصحراوي ما يجعلها عرضة لخطر الفيضانات خاصة في ظل غياب مساحات خضراء تحمي الأرض وتقوي تماسكها. وتنتشر بعاصمة الولاية الجلفة خاصة على حواف الطريق المؤدي الى المحطة البرية بقايا البناءات بكثرة ما جعل منظر المدينة منفر، و ما زاد في تأزم الأوضاع نقص التزفيت وغياب شبه تام للتهيئة العمرانية فالمساكن تقع وسط الأوحال وأي مطر خفيف يتسبب في كارثة حقيقية وهو ما وقفنا عليه. فالسلطات مطالبة باتخاذ إجراءات وقائية للتقليل من خطر الفيضانات، ومن الأشياء التي لاحظناها على الولاية رقم 17 انتشار القمامات في كل مكان وهو ما يعكس الوضعية الصعبة للبيئة بهذه المنطقة السهبية المعروفة بتربية الماشية. 10 وديان بين الجزائرالعاصمةوغرداية يعاني الطريق الوطني رقم واحد في الشطر الرابط بين الجزائروغرداية من خطر الفيضانات حيث يمر على 10 وديان، وادي الشفة، وادي الشلف، وادي سيدي سليمان، وادي بغنام، وادي بوكفيل، وادي بريان، وادي ميزاب، وادي الصدر، وادي المقطع، ناهيك عن المستنقعات الكبيرة التي اصطدمنا بها خاصة في مخرج ولاية الأغواط تجعله مهددا بخطر الفيضانات، وضرورة اتخاذ إجراءات عملية وقائية واجبة من خلال تكثيف عمليات التشجير قرب الطريق لتقوية الأرضيات وشد التربة كما ينبغي ومنه محاربة الانجرافات. وما يزيد من حدة مخاطر الأودية على الطريق هو وجود المجاري قربه حيث تعمل على جرف التربة وبمرور السنوات وبالنظر للإقبال الكبير على الطريق يجعل الأودية تفتك بالوادي الذي سيكون رافدا اقتصاديا حقيقيا. وعليه فالطريق الوطني رقم واحد الذي يمكن لصور الساتل تحديد نقاط الخطر التي تتهدده بحاجة الى إجراءات وقائية وهياكل إضافية تمكنه من التعامل مع الكوارث مستقبلا في ظل التغيرات المناخية الكبيرة التي تشهدها بلادنا .. وكانت الساعة السادسة عندما وصلنا الى غرداية وكان آخر ما سمعته في الرحلة صوت آذان المغرب.