أجمع أمس جل المتدخلين على أن قطاع السمعي البصري لابد له أن ينفتح على جميع الحساسيات، وأن يوجه الإعلام العمومي لخدمة «الشعب»، وليس لفئات محدودة في السلطة الحاكمة، مسجلين غياب الإرادة السياسية للانفتاح. وكان مدير عام جريدة «الوطن» الخاصة عمر بلهوشات أكثر المنتقدين لوضعية السمعي البصري، مبديا تشاؤمه من طرح السلطة حول القطاع وموضحا أن الانفتاح عموما يرتبط بالحريات العامة في البلاد التي يرى بأنها لاتزال محدودة ولاتتماشى مع الطموح نحو المزيد من الحرية. ويعتقد بلهوشات أن تفكير الدولة ينحصر في البحث عن ''أكثر سلطة'' ممكنة للخروج من الأزمة، وأنه لم ير في الخطاب الحالي مايصب في اتجاه فتح السمعي البصري، أو وجود شيء مايتحرك في هذا الاتجاه واتهم بلهوشات السلطة بمحاولتها وبسعيها تقليص هامش الحرية، مما اضطر الصحافة الخاصة أو البعض منها إلى خلق مؤسسات خاصة بها في التوزيع والطباعة، لكي تحافظ على الحد الأدنى من الاستقلالية، نافيا ماقيل حول حصول الصحافة الخاصة على أي دعم من طرف الدولة. وفي ذات السياق اعتبر بلهوشات أن الدولة لم تستخلص الدروس مما يحدث في العالم العربي من أزمات وانتفاضات وأنه آن الآوان لفتح نقاش سياسي حقيقي في قطاع السمعي البصري، على الرغم من وجود بعض الحصص ولكنها تبقى مراقبة على حد رأيه. ويعود مدير الوطن الى نهاية الثمانينات وبداية التسعينات عندما كانت الممارسة السياسية التعددية حاضرة في قطاع السمعي البصري لتتراجع إلى أن أصبحت اليوم مجرد تمنيات وأماني، كما قال، مبررا ذلك بعدم وجود استراتيجية إعلامية في الجزائر. وسار الدكتور أحمد عظيمي في نفس الإتجاه، حين اوضح من جهته أن السلطة العمومية لاتبدي أي استعداد للانفتاح، وأنه من الخطأ اعتبار أن هذا الانفتاح قد يؤدي الى تعريض الأمن الوطني للخطر، داعيا الى مواصلة النضال من أجل بلوغ هدف فتح السمعي البصري وحرية الصحافة، وتساءل عظيمي اذا كان النظام السياسي يريد دولة قوية داخليا ومحورية اقليميا، والا فعليه الرحيل مثلما اوضح، مبديا عدم تفاؤله وشعوره بالخطر خاصة على الاجيال القادمة التي اصبحت تبدي نفورا متزايدا من القطاع العمومي السمعي البصري في الجزائر الذي لا يتماشى مع تطلعاتهم، مفضلين الفضائيات الاجنبية وماتبثه من الدعايات المغرضة. الخطاب السياسي الحالي لايميل إلى فتح السمعي البصري على الأقل في الوقت الراهن، والمشكل المطروح ليس تقنيا بقدر ماهو سياسي بالدرجة الأولى.. فالقرار إذن هو سياسي يرفض وجود قنوات فضائية خاصة والاكتفاء بمشروع قنوات متخصصة وكله في اطار عمومي والأسباب الحقيقية التي تكمن وراء ذلك، تبقى مجهولة أو بالاحرى غير مقنعة، مثلما يستخلص دعاة الانفتاح.