أثار النقاش أمس بندوة مركز «الشعب» للدراسات الإستراتيجية نقاطا حساسة حول المسالة النووية والمجتمع المدني خاصة أمام الجدل الكبير الذي أثاره التسونامي الذي اجتاح اليابان والانبعاثات النووية التي ترتبت عن انفجار مفاعلاتها النووية. و برز من خلال التساؤلات المطروحة في الندوة مخاوف المجتمعات المدنية في العالم من النهضة النووية والتهديدات الخطيرة التي تشكلها على حياة الإنسان والبيئة والتي تتعدى حدود وأقاليم الدول، وهو ما يوحي بظهور موقف رافض في العالم ضد الطاقة النووية و كل مشاريع إنتاجها بل يجعلها تحت هجوم الناس فلن يتقبل احد بعد اليوم إقامة مفاعل نووي أمام بيته أو بلده. وتساءل الأستاذ ختاوي محمد عن كيفية كلام ديغول عن التجارب النووية الفرنسية بالجزائر لدى هيئة الأممالمتحدة وعما إذا كانت الجزائر قادرة فعلا على الدخول في ميدان استغلال الطاقة النووية، وكذا عن الملف الإيراني و كوريا الشمالية و اسرائيل وتدهور الأوضاع في ليبيا، وهل يمكن لكل هذه البلدان الاعتبار من الدرس الياباني. وفي نفس السياق أثار مدير مركز الأمة للدراسات الإستراتيجية الملف النووي الإسرائيلي الذي أضحى يهدد كل الإنسانية وليس المنطقة العربية فقط ضاربة عرض الحائط كل القوانين الدولية متسائلا عن الوسائل الكفيلة بإيقاف هذا التهديد. وحسب نور الدين أمير الخبير بالأممالمتحدة فان استعمال التكنولوجيا النووية كمصدر نظيف للطاقة أصبح يدخل في تطوير اقتصاديات الدول وبالتالي فهو مرتبط أساسا بالأمن الاقتصادي باعتباره أداة للتنمية في مختلف المجالات، مشيرا إلى انه مهما كان استعمال هذه التكنولوجيا فان هناك خطر محدق خاصة إذا علمنا ان إجراءات الأمن والسلامة لا يمكن ان تضمن لنا الحماية بصفة تامة. وشدد نور الدين أمير بالنسبة للجزائر على ضرورة الإسراع في اللجوء إلى وسائل أخرى لاستخراج الطاقة بدل استغلال رؤوس أموال كبيرة لاستعمال التكنولوجيا النووية مقترحا ان تستغل مساحتها الجغرافية الكبيرة في إنتاج الطاقة الشمسية أو عن طريق الرياح أو استغلال السدود وهي مصادر متاحة ولا تنفذ وآمنة. و قال نور الدين أمير ان هناك دول طورت اقتصادها المحلي سواء في الزراعة أو إنتاج الكهرباء و كل هذا بمصدر بديل وهو الشمس و بأقل تكلفة. وبخصوص الحلول الكفيلة لوقف الخطر النووي قال نور الدين أمير انه يجب على الدول قبل إقامة أي مشروع بهذه الخطورة اختيار المكان جيدا من خلال الابتعاد عن المناطق الآهلة بالسكان والمناطق الزلزالية و الاعتماد على دراسة جيوفيزيائية دقيقة. وفيما يتعلق بالتهديد الإسرائيلي اعتبر المتحدث انه يجب مراقبة مفاعل «ديمونا» لأن استخدامه أو انفجاره ستتجاوز مخاطره البلدان التي تقع فيها الحروب أو التفجيرات و تتعدى أقاليمها وأجوائها إلى بلدان بعيدة. وحول تناول ديغول للتجارب النووية بالجزائر قال أمير ان فرنسا تناولته من منطلق انه شان داخلي باعتبار ان الجزائر فرنسية أما الأممالمتحدة فرفضت هذا الطرح معتبرة انه قضية سيادة و حرية دولة و تصفية استعمار. وبالنسبة لكوريا الشمالية اعتبرها منشط الندوة تلميذا سيئا مقارنة بالصين فهي على الرغم من كونها دولة عظمى إلا أنها تسمح للوكالة الذرية بمراقبة مفاعلاتها بصفة دورية إدراكا منها للمخاطر التي قد تولدها هذه التكنولوجيا. وبالنسبة للأوضاع في ليبيا رأى أمير أنها أصبحت منطقة مفتوحة على كل الاحتمالات خاصة تجارة الأسلحة باختلاف أنواعها مشكلة تهديدا حقيقا على الأمن الوطني للجزائر رغم أنها لا تعارض ترسيخ الحرية والديمقراطية ولكن ليس على حساب أمنها لأنها بذلت الكثير من اجل إعادة استتبابه فعندما كانت تعاني من الإرهاب لم تجد أي دعم من الدول المجاورة و بالتالي فمن حقها الدفاع عن أمنها. من جهته أثار بن سعيد رئيس الهيئة الجزائرية المناهضة للفكر الاستعماري ملف التجارب النووية بالجزائر حيث تأسف لكيفية تعامل النخبة المثقفة مع هذا الموضوع بل على العكس هناك من كان يحمي مصالح فرنسا ، مقترحا ان يعملوا من اجل إجبار فرنسا على الاعتراف بجرائمها و مشاركة الجزائر في هذه التكنولوجيا وان تزيل التلوث الخطير في رقان ، وتقيم مستشفيات لمتابعة الأمراض الناتجة عن تلك التجارب. وامتد النقاش إلى قضايا آنية تتعلق بمدى مصداقية الوكالة الدولة للطاقة الذرية في التعامل مع الملفات النووية خاصة بالنسبة للدول المارقة بنظر أمريكا، و المفارقة بين الاستعمال السلمي لهذه التكنولوجيا ومخاطرها في ذات الوقت، بالإضافة إلى احتمال انتشار الاتجار أو تهريب الأسلحة الكيماوية والبيولوجية في الساحل الإفريقي بسبب تدهور الأوضاع في ليبيا ما يجعل العالم تحت خطر الدمار الشامل وفي مواجهة عدو متعدد الأقطاب يتخفى تحت غطاء استغلال التكنولوجيا الحديثة.