كشفت آخر الأرقام المرصودة عن التحدي الكبير الذي يواجه الجزائر في مجال حماية تراثها الثمين الذي مازال جزءا كبيرا منه بعيدا عن أعين الرقابة،على اعتبار أن ثروة معتبرة قد تصل إلى سقف 70 بالمائة مازالت غير محمية ويتهددها خطر الاندثار والنهب والتلاشي،لأن إحصائيات السنة الفارطة عكست من خلال جهود محاربة تهريب الممتلكات الثقافية والتراثية استعادة نحو 4400 قطعة ثمينة. عمل كبير ينتظر الجزائر بوجه عام ووزارة الثقافة بوجه خاص حتى يتسنى تفعيل رهان تعميق وتسريع وتيرة حفظ التراث وتصنيف المعالم الأثرية،بهذا البلد القارة الذي تعاقبت عليه الحضارات،وشهدت مدنه العريقة إشعاعا علميا وحضاريا على مستوى منطقة المغرب العربي والبحر المتوسط. وإن كانت البرامج المسطرة في إطار استكمال عملية الجرد أقرت تصنيف ما يزيد عن 90 ملكا ثقافيا منقولا وعقاريا وإنجاز برنامج هام في مجال الحفريات الأثرية إلى جانب الاستمرار في عمليات ترميم وتهيئة المواقع والمعالم التاريخية المصنفة وتثمينها. ويفترض أن تسرع وتيرة حماية وإعادة الاعتبار للإرث التراثي خاصة وأن الجزائر تؤسس لنهضتها الثقافية من خلال استضافتها لأكبر التظاهرات الثقافية والحضارية على غرار عاصمة الثقافة العربية سنة 2008 ،وتلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية،وتفكر مستقبلا بشكل جدي ترشيح في كل مرة ولاية تنام على إرث معتبر لتكون منارة للإشعاع الثقافي والحضاري في الوطن العربي أو الإسلامي،حسب ما أعلنت عنه وزيرة الثقافة خليدة تومي حتى تستفيد هذه الولايات من عناية خاصة من خلال تعزيزها بالهياكل وترميم معالمها التراثية. 65 عملية ترميم جديدة للشواهد الحضارية وهناك من العارفين بقطاع التراث والخبراء عشية الاحتفاء بشهر التراث يرون أن البرنامج الذي يمتد من سنة 2010 إلى غاية نهاية السنة الجارية والذي يعكف فيه على تصنيف 55 موقعا ومعلما تاريخيا وإعداد جرد للتراث الثقافي وأرضية للمحتويات المتعلقة بالتراث الثقافي لإدراجها ضمن برامج تعليم التاريخ والتربية المدنية غير كافية،رغم أن الجهود الراهنة ترمي بالإضافة إلى ذلك إلى استكمال المخططات الدائمة لحماية وتثمين القطاعات المحمية وإطلاق أو استكمال مخططات حماية وتثمين العديد من المواقع الأثرية. ويتعلق الأمر بترميم الأملاك الثقافية 65 عملية جديدة. والقائمون على قطاع التراث مطالبون التعجيل بتشريح الواقع وتشخيص خارطة تراثية تحدد لها آجال معينة ترصد لها الإمكانيات المادية والبشرية من كفاءات،وهنا يجب أن يبرز دور حركات المجتمع المدني التي بإمكانها أن تلعب دور الرقيب والمساعد والملاحظ تخطر وتقدم يد العون للجهات الوصية،علما أن الأرقام الأخيرة الثابتة تتحدث عن حيازة الجزائر على 400 معلم وموقع أثري مصنف بالإضافة إلى وجود برنامج يتضمن 300 عملية على مستوى الوزارة للتكفل بالمواقع الأثرية المصنفة في إطار إعادة الاعتبار لها عن طريق الحفظ والترميم،وإن اقتضى الأمر الاستعانة بالخبرة الأجنبية قبل أن يتلاشى المعلم أو نفقد القطع التراثية أو المخطوطات ولما لا تأهيل الخبرات الوطنية بالشراكة مع خبرة الأجانب من الدول المجاورة والشقيقة. تحدي إعادة الاعتبار للقصبة وتحتل قصبة الجزائر موقعا متميزا من الاهتمام في أجندة المشرفين على عمليات ترميم المعالم التاريخية والشواهد الحضارية،ورغم ما بذل ويبذل في الوقت الراهن في إطار الترميم وإعادة الاعتبار إلى ما ينبغي حفظه،ستوجه الجهود من خلال مخطط خاص لترميم القصبة إلى ترميم المنازل و إعادة الاعتبار للمحلات الحرفية التي كانت تعرف بها القصبة،ويطالب السكان إشراكهم في عمليات الترميم. يذكر أن جميع الجهود الرامية إلى حفظ وترميم قصبة الجزائر العريقة، تصدرتها أول عملية سنة 1981. وصنفت القصبة موقعا تاريخيا في 1991 وضمتها اليونيسكو لقائمة المواقع الأثرية العالمية في 1992 لكن هذا لم يوقف سقوط العديد من المنازل واختفاء المحلات التي تزخر وتحفظ الحرف التقليدية الأصيلة. وقدر المسئولون بالديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية حجم الأموال المنفقة من اجل القصبة منذ الاستقلال بنحو2.4 مليار دينار.