اوضحت الدكتورة سلامي أن عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المنشأة إلى غاية إلى 30 جوان 2018، حسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة الصناعة والمناجم قدر ب1.093.170 مؤسسة، وتعدّ هذه نسبة ضعيفة مقارنة مع باقي الدول، وتعكس مؤشرا ضئيلا، وهذه النتيجة تؤكد عليها أيضا نتائج تقرير المرصد العالمي للمقاولاتية. حيث أقر بأن معدل النشاط المقاولاتي في الجزائر لا يتعدى نسبة 5%، كما أن معظم الأنشطة المقاولاتية المنشأة تتوزع بين قطاع الخدمات والتجارة، أما باقي القطاعات مثل الصناعة والبناء فتشهد معدلات إقبال متدنية، وفي المقابل يسجل ارتفاعا في معدلات وفيات المؤسسات السنوي، وذلك بما قدره 21.139 مؤسسة توقفت عن النشاط خلال السداسي الأول من نفس السنة، منها 3421 مؤسسة ذات شخص معنوي و17.718 مؤسسة ذات شخص طبيعي. في المقابل وبعد الدراسات التقييمية للمشاريع المنشأة في إطار وكالات دعم إنشاء المؤسسات مثل وكالة دعم تشغيل الشباب، أظهرت الإحصائيات أنه منذ إنشاء الوكالة إلى غاية نهاية ديسمبر 2017، تمّ تمويل 370.000 مؤسسة مصغرة، فيما بلغت نسبة المؤسسات الفاشلة 10 في المائة أي بما يعادل 37 ألف مؤسسة، بالرغم من كون المستفيدين من هذه الآلية من حاملي المشاريع من ذوي التكوين، وهو وضع يستدعي كما ذكرت محدثتنا دق ناقوس الخطر، خاصة وأن العديد منهم خضعوا لإجراءات المتابعة بالنسبة لبعض الشباب الذين خالفوا العقد وفشلوا في مشاريعهم، فيما استفاد آخرون ممن أسسوا مؤسساتهم قبل 2011 من إعادة جدولة للديون من طرف البنوك، في آخر اتفاقية بين البنوك ووكالة «اونساج» وصندوق التأمين على البطالة «كناك»، مما يستوجب التفكير جديا في كيفية تصحيح معالدة المرافقة حتى ينخرط المؤسسات الناشئة في التنمية الاقتصادية. وتعدّ البيئة المقاولاتية من بين العوامل التي تستدعي الوقوف عندها وحسب تقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال الصادر في جانفي 2019، والذي يقوم بترتيب مجموعة من البلدان حسب درجة الإصلاحات المدرجة في بيئتها الاستثمارية، احتلت الجزائر المرتبة 16 عربيا و157 من بين 190 دولة شملتها الدراسة، بعيدة عن جارتيها المغرب التي احتلت المرتبة 60 دوليا والثانية عربيا وتونس التي احتلت المرتبة 80 دوليا والخامسة عربيا، مما يؤكد وجود جوانب تتطلب المعالجة لازالة العوائق والصعوبات التي يواجهها أصحاب المشاريع فيما يخص إجراءات اطلاق المشروع، من ناحية، ومن ناحية أخرى، بالرغم من التسهيلات والقروض الممنوحة للشباب، إلا أن نسبة المؤسسات الفاشلة تطرح التساؤلات حول الأسباب الحقيقية ان كانت ترجع لعدم ملائمة البيئة الاستثمارية أو عدم كفاءة المستفيدين من التمويلات، أو عدم جدوى المشاريع في حدّ ذاتها. وتوضح الدكتورة منيرة سلامي، أنه يمكن تدعيم هذا الإجراء من خلال ابرام اتفاقية تعاون بين حاضنات الأعمال والآليات الممولة للمشاريع تلزم من خلالها حاملي المشاريع بضرورة المرور عبر الحاضنة والخضوع لتكوين متخصص مع إثبات الكفاءة كشرط أساسي للحصول على التمويل، وهذا قصد المساهمة في إطلاق مشاريع ناضجة قادرة على مواجهة المنافسة وتواجه تحديات السوق. وعن الحلول المقترحة لتشجيع إنشاء مؤسسات مبتكرة، فإن معظم الأنشطة المقاولاتية المنشأة تتوزع بين الخدمات والتجارة، وتقل أكثر في القطاعات الداعمة للابتكار، حيث تشير الإحصائيات الى أن المقاولاتية تجذب فئة غير الجامعيين، مما يدعو للتساؤل حول أسباب إحجام الشباب الجامعي عن العمل المقاولاتي، وعدم الاقدام على المبادرة الخاصة، ويثار هنا تساؤل حول «كيف للجامعة المساهمة في غرس الروح المقاولاتية لدى الطلبة، والتي بدونها لا يستطيع الفرد قيادة النجاح والتحدي والأخذ بزمام المبادرة والمغامرة وتحمل المسؤولية، والتحلي بروح الإبداع وخلق القيمة. في هذا السياق، أكدت منظمة التعاون الاقتصادي من أجل التنمية، أن تلقين المهارات المقاولاتية لحاملي المشاريع والمؤسسات الناشئة لا يكون مفيدا إذا لم يتقبّل المجتمع عمل المقاول وأهميته، مما يؤكد على ضرورة وجود ثقافة مقاولاتية داعمة.