دعا الدكتور سليم قلالة، أستاذ في الدراسات الاستشرافية والفكر السياسي أمس إلى الإسراع في تنظيم ورشات استشراف تعتمد مناهج وتقنيات الاستشراف المتعارف عليها، لنقل نوعية التفكير من التقييم إلى فكر ينظر كيف التكيف والبقاء في المسقبل. واعتبر قلالة خلال تدخله في الندوة الفكرية بعنوان 5 «جويلية 2011 / 5 جويلية 2031» نظمها مركز «الشعب» للدراسات الإستراتيجية أن أغلب الأنظمة الحالية والأحزاب المتواجدة في الساحة السياسية مهددة بالزوال في حال عجزها عن التكيف مع المستجدات والظروف التي تمليها التطورات العالمية وهو الأمر الذي لا يتم دون اعتماد دراسات مستقبلية حقيقية ترتكز على أدوات ومناهج الاستشراف بدل البقاء رهينة دراسات تشريحية لا تقدم سوى الحلول الآنية. وفي نظرته الاستشرافية للأنظمة السياسية والديمقراطية الحالية التي بناه على خلاصات دراسات غربية نتيجة انعدام دراسات عربية، قال قلالة أن الشكل المستقبلي للنظام السياسي يتجه إلى بقاء الأنظمة الوسيطة التي توزع السلطة في حين يتجه النظام السياسي المبني من القمة للقاعدة إلى الزوال خلال 20 سنة القادمة. أما بالنسبة لمستقبل الديمقراطية، فأوضح المحاضر استنادا إلى دراسات أمريكية في هذا المجال أن الديمقراطية الحالية هي في طريقها إلى الزوال لتحل محلها الديمقراطية التشاركية وبعدها الديمقراطية غير المباشرة وفي هذا النوع من الديمقراطية تبدأ الأحزاب السياسية تضمحل -يضيف الدكتور قلالة- الذي أكد أن الأحزاب السياسية الناشطة في الجزائر ستلقى نفس المصير إذا بقيت بهذا الشكل ولم تحاول استيعاب التحولات الديمقراطية. وفي رأي الدكتور قلالة فإن التهديدات التي تواجه الأنظمة السياسية في العالم بما فيها الأنظمة العربية ستتغير مع تغير الزمن، حيث تشير الدراسات إلى أن الإرهاب لن يصبح التهديد الأول لتلك الأنظمة خلال ال50 سنة القادمة، وسيتحول التهديد الأمني إلى التأثير النفسي والعقلي على الأفراد في خطوة للسيطرة على الأنظمة السياسية الحاكمة والتحكم في توجهاتها عن طريق استغلال وسائل الإعلام والتكنولوجيات الحديثة وهو ما يلاحظ حاليا فيما يعرف بالربيع العربي حيث استغلت الدول الكبرى وسائل الإعلام للتأثير على العقل والاستقرار بالمنطقة العربية وهذا التوجه سيتقوى بشكل أكبر خلال السنوات المقبلة. ويمكن للجزائر أن تتكيف مع تلك التطورات وتواجه كل التحديات -يقول قلالة- وذلك عن طريق تعميق الدراسات الاستشرافية وتعميمها ونشرها حتى تصبح لدى الناس ثقافة عامة وتكون لديهم نظرة عن المسقبل والتهديدات وأشكال الديمقراطية التي تنتظرهم وهذا لا يكون إلا أذا وفرنا الإمكانيات وبدأنا البحث في هذا المجال. وفي مستوى التنظيم السياسي، يرى الدكتور قلالة أنه بإمكان الإصلاحات السياسية الجارية أن تعزز المراكز المختلفة للنظام السياسي التي هي ضعيفة الآن على غرار الأحزاب والجمعيات للوصل إلى نظام متعدد الأقطاب في انتظار النظام الشبكي، ويمكن ذلك من خلال مراجعة قوانين الأحزاب والجمعيات بشكل يسمح بإنشاء أحزاب قادرة أن تتماشى مع التحولات الديمقراطية. وفي هذا السياق، اقترح الأستاذ المحاضر تنظيم ورشات تفكير استشرافية في مجال الاستشراف السياسي وعلمية في مجال مستقبل الأحزاب لتحديد الرؤية المستقبلية والتكيف مع التطورات الحاصلة حتى لا نبقى أطرافا لا تستحدث الفعل و إنما تعيش ضمن نطاق رد الفعل .