شدد الأستاذ الجامعي والباحث سليم قلالة أمس بالجزائر العاصمة على ضرورة الإهتمام بمجال الإستشراف في حل المشاكل المركبة التي تعاني منها المجتمعات النامية على غرار الجزائر التي يتعين عليها فتح التكوين في هذا النسق الحيوي. وفي ندوة حملت عنوان الإستشراف من أجل التنمية احتضنها مركز ''الشعب'' للدراسات الاستراتيجية أكد الأستاذ قلالة أن المجتمعات النامية ينقصها الإستباق أو ما يعرف بالاستشراف حيث تبقى أطرافا لا تستحدث الفعل و إنما تعيش ضمن نطاق رد الفعل. وقام الباحث في عرضه المسهب بإسقاط هذه الحالة على الجزائر التي يغيب فيها هذا النوع من الدراسات المعمقة بإستثناء تجربة لم تكتمل تعود إلى سنة 1992 أين بادر الفقيد الجيلالي اليابس بطرح مشروع استشرافي بعنوان الجزائر 2005 وهي المبادرة التي استرجعت من جديد عقب إغتياله ليتم تمديدها إلى آفاق .2010 ويقول السيد قلالة أن مسألة الإستشراف لا تتعلق بالمعطيات وإنما بالمنهجية المتبعة في التعامل معها للخروج بسيناريوهات محتملة الوقوع في المستقبل ولذلك من الضروري التفكير في فتح مجال التكوين في هذا النوع من العلوم على مستوى الجامعات وعدم حصرها في مراكز البحث فقط. كما ذكر بأهمية الإعتماد على الإستشراف الذي يؤدي تغييبه إلى الوقوع في أزمات متعددة الأبعاد مما يدفع بدوائر القرار إلى التحرك في إطار إستعجالي في ظل قلة أو غياب الخيارات المطروحة مع إجبارية مواكبة التغيرات الحاصلة أيا كانت النتائج وهو ما يجعل هذه الأطراف تعيش ضمن رد الفعل يشرح السيد قلالة. ولتفادي هذه النتيجة يتعين حل المشاكل والأزمات من خلال صياغة رؤية مرجعية ترتكز على التعرف على الرهانات والفاعلين وهي الطريقة التي تسمح بوضع مشاريع ديناميكية من منطلق أن المستقبل متغير في حد ذاته. كما يصبح من الضروري أيضا في هذا الإطار طرح الأسئلة المناسبة مثل: ماذا يمكن أن يحدث وما يمكن فعله إزاء الحدث وكيف ذلك وهي كلها أسئلة تقع في نطاق الإستشراف الإستراتيجي يتابع السيد قلالة. وبإتباع هذا النسق المنطقي البسيط تصبح المشكلات ذات الطابع المركب قابلة للحل من خلال إلغاء الرؤية الضبابية التي تعتم على حكم رجل السياسة أو الصناعي أو رجل الإقتصاد. وخلص الباحث إلى تقديم عدد من النقاط الرئيسية في تناول الإستشراف منها أهمية التدريب على طرق وتقنيات الإستشراف وضرورة إنجاز دراسات إستشرافية قطاعية على أن يكون من يقوم بالعملية من ذات البيئة الخاضعة للإستشراف.