صدر مؤخراً عن دار ووكر آند كومباني بنيويورك كتاب: لن أكره للدكتور الفلسطيني عز الدين أبو عليش، وهو أقرب إلى سيرة ذاتية لمؤلفه الذي ولد وعاش في مخيم جباليا في ظل ظروف قاهرة، لكنه استطاع تجاوز المحن والصعوبات والتفوق في دراسته ومهنته كطبيب، قبل أن تحيق بحياته مصيبة كبيرة. وتشكل حادثة فقدان أبو عليش لبناته الثلاث خلال الحرب الإسرائيلية على غزة مفتاح ذلك الكتاب ورسالته والدافع إلى كتابته التي لا تتخلى عن بث الشحنات العاطفية خلال سرد الوقائع والأحداث، دون الوقوع في مطب الإنشائية والتعبير المجاني، ودون المغامرة بتنحية الرسائل السياسية والوطنية والإنسانية. الأمر الذي يختزله -بحق- العنوان الموازي: رحلة طبيب من غزة على طريق السلام والكرامة الإنسانية. وكانت الدبابات الإسرائيلية قد قصفت منزل الدكتور أبو عليش قبل يوم واحد من إعلان السلطات الإسرائيلية وقف الحرب على غزة يوم 16 جانفى 2009. مما أدى إلى استشهاد بناته بيسان (21 عاما ) وميار (15 عاما) وآية (13 عاما)، إضافة إلى ابنة أخيه نور، وجرح ابنته الرابعة شذى. وقد أثارت تلك الحادثة الرأي العام في إسرائيل وفي الغرب، على خلفية اتصال الأب بصديقه من القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي شلومي ألدر الذي فتح هاتفه على الهواء ليستمع المشاهدون إلى استغاثات واستنكارات الأب المفجوع. ولقي الكتاب وصاحبه الذي قام بزيارة إلى الولاياتالمتحدة، ترحيباً وتعاطفاً خاصاً من قبل بعض وسائل الإعلام الأميركية المكتوبة والمرئية. وعلى هامش روايته لمحنته بفقدان بناته الثلاث، وجه أبو عليش عبر إحدى شاشات التلفزة نداء إلى الإدارة الأميركية للعب دور عادل ونزيه في الصراع العربي الإسرائيلي. وطالب المعنيين بالمفاوضات أخذ البعد الإنساني بعين الاعتبار، لأن الصراع على الأرض يجب أن لا يكون على حساب الإنسان الفلسطيني. وكتب الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر حول لن أكره يقول في هذا الكتاب: عبّر الدكتور أبو عليش عن التزامه العميق بالغفران والمصالحة التي تصف التأسيس من أجل سلام دائم في الأراضي المقدسة. ومن جهته رأى الكاتب الأميركي إيلي ويزل الحائز على جائزة نوبل للسلام أن هذه القصة درس ضروري ضد الكراهية والثأر. كما وصف الكاتب الإسرائيلي ديفد غروسمان المناهض للممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني تجربة لقائه بالدكتور أبو عليش بقوله: إنه شيء نادر في هذه المنطقة التي نسكن فيها أن تقابل شخصاً مثله، رجل رغم خساراته يستمر في إيمانه بالإنسانية. وحسب غروسمان، فإن أبو عليش يقدم مثالاً لكل ما هو جيد وخاص وإنساني لكلا الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. ويضيف: أن هذا الخيار هو الآن عرضة للازدراء والاحتقار بشدة، ولكنه نبع فجأة في الحياة وتجسد في هذا الإنسان.