عزيمة على مواجهة عبء الحياة واستعادة السّيادة الوطنية في اليوم العالمي لعيد المرأة، نتوقف مع رئيسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينيةبالجزائر نسرين مقداد عند محطات نضال الفلسطينية التي ستظل رمزا لمقاومة المرأة ضد المحتل في التاريخ المعاصر، الذي يحمل أسماء كثيرة لنساء خالدات في الذاكرة، نساء تسلّحن بالإرادة والعزيمة والوعي وتمكّن من الاضطلاع بدورهن النضالي مبكرا. اتخذت مشاركة المرأة في المقاومة الفلسطينية أشكالا عديدة وبرز دورها في ضمان حماية الثقافة والهوية الفلسطينية ومواجهة قسوة حياة المخيم والصمود في وجه الفقر، الجهل والمرض، كما قامت بالمشاركة في حفر الخنادق وبناء الاستحكامات، وحملت السلاح مشاركة في صدّ الاعتداءات الصهيونية على المدن والقرى. بالنسبة لرئيسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية نسرين مقداد، فإن وضعية المرأة الفلسطينية تعكس واقعا أليما تعيشه يوميا بوجود الاحتلال الغاصب لأراضيها وضيق الحالة الاقتصادية التي تشهدها، فهي جزء لا يتجزأ من المقاومة والنضال الفلسطيني منذ أن وطأ الاحتلال أراضيها واغتصب حريتها، لكنها ومع كل ذلك مازالت تناضل ضد الاحتلال الإسرائيلي وصامدة من أجل الوطن والوجود. نسوة صنعن التّاريخ المرأة الفلسطينية حملت ابنها بيد وسلاحها بيدها الأخرى وأرضعت أطفالها حب الدين والوطن والشهادة، فبداية نضال النساء الفلسطينيات تقول محدثتنا - كانت عام 1893، أثناء قيامها بأول مظاهرة ضد الاستيطان اليهودي في فلسطين ومنذ هذا التاريخ وهي تناضل من أجل حريتها، ففي سنة 1948 أسّست لولو عبد الهادي جمعية التضامن النسائي وبعد ذلك أنشأت المناضلات منظمة سرية لنقل الأسلحة والطعام وكانت اسمها «زهرة الأقحوان». وبعد اغتصاب فلسطين في 14ماي 1948، تحوّل الشعب الفلسطيني إلى مخيم بمعنى «لاجئين» ورغم تضاعف العبء على المرأة الفلسطينية، إلاّ أنها في هذه المرحلة أصبحت مسبلة للمقاومة بشتى الوسائل والطرق من أجل الرجوع إلى الأرض التي طردت منها، فعملت على تشكيل لجان نسوية منها صحية، تعليمية، اجتماعية واقتصادية كنوع من النضال من أجل الحفاظ على الهوية والوطن ومن هذه اللجان أصبحت رائدة في القيادة السياسية بعد تشكيل هيكل رسمي اسمه منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، وهي منظمة سياسية عسكرية معترف بها في الأممالمتحدة. 15 ألف بين مسنة وقاصر رضخن للاعتقال وأوضحت نسرين مقداد، أن دور المرأة الفلسطينية برز في مشاركتها كطرف أساسي في القضية الفلسطينية من خلال اتحاد المرأة الفلسطينية واللجان النسوية وفي المجلس الثوري واللجنة المركزية والوزارات، والجدير بالذكر أن التاريخ النضالي للمرأة يشهد لها بالكثير، لذلك أنشئت وزارة خاصة بشؤون المرأة وتوجّب تمثيلها بنسبة 30 في المائة في الانتخابات. واعتبرت ذات المتحدثة، أن المرأة الفلسطينية قدمت نفسها وابنها وزوجها وأبيها وأخوها بين شهيد وجريح وأسير ومازالت تقدم الغالي والنفيس من أجل الوجود والحرية، إذ وعلى مدار سنوات الصراع الطويلة مع الاحتلال تعرضت أكثر من 15.000 فلسطينية بين مسنة وقاصر للاعتقال في سجون الاحتلال ومنذ عام 2009، وحتى مطلع عام 2012 تراجعت حدة الاعتقالات في صفوف الفلسطينيات لتعود بشكل متصاعد مع انطلاقة الهبة الجماهيرية لحماية الأقصى إلى نحو 370 حالة اعتقال وتتعرض الأسيرات منذ اعتقالهن على أيدي الاحتلال للضرب والإهانة والسب والشتم، وأيضا تتعرضن للتعذيب الجسدي والنفسي والترهيب والترويع وحرمانهن من زيارة ذويهن، مع العلم أن الآن السجون الإسرائيلية هي الوحيدة في العالم التي يوجد بها سجينات أطفال «قصر» أعمارهن لا تتجاو 13 سنة. لا تنكسر رغم كلّ الصّعاب ومن المهم التأكيد على أن المرأة الفلسطينية لم يقتصر نضالها وكفاحها على الجانب السياسي فقط، بل هي أيضا تسعى لتوفير عيشة هنيئة ولقمة تشبع وألبسة نظيفة، لذلك نجدها تحمل هم مساندة ومساعدة زوجها في الخروج إلى مجال العمل وفي جميع المجالات، هي امرأة لا تدخّر أي جهد من أجل أسرتها وقد لعبت النساء عبر مراحل المقاومة دورا مهما لبلوغ الاكتفاء الذاتي إذ قمن بإنشاء تعاونيات من أجل توفير كل المواد التي شحّ وجودها بسبب العقوبات. ولطالما واجهت محاولات الاحتلال الإسرائيلي محاصرة الشعب الفلسطيني بمنع تمويله بجميع الموارد لبناء اقتصاد وحتى لبناء مجتمع سليم ينعم بعيشة محترمة، وبأقل الإمكانيات حاولت المرأة الفلسطينية خلق توازن اجتماعي لتحافظ على مقومات الإنسانية وأبسطها بحماية أطفالها من التسوّل بنزولها إلى المزارع وإلى مراكز الخياطة أو القيام بأعمال أخرى، هذه المرأة الفلسطينية صامدة وقوية لا تنكسر رغم كل الصعاب. صون الهويّة الثّقافية في حقيقة الأمر، فإن العديد من العوامل والأسباب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لعبت دورا مهما في علو أو تدني دور المرأة في المجتمع الفلسطيني عبر التاريخ الفلسطيني المعاصر، ومما لاشكّ فيه أن هذه العوامل مجتمعة تركت بصماتها على أداء المرأة لدورها في الساحات السياسية والنضالية عبر هذا التاريخ الطويل. من هنا نجد المرأة الفلسطينية قابعة ضمن ثلاثة دوائر من التحدي القومي المتمثل في وقوع المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي، والتحدي الطبقي المبني على الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، وتحدي التمييز في النوع الاجتماعي الممارس ضدها. لذلك كان لزاما عليها الخروج من الحدود النمطية للمرأة إلى الانخراط في شؤون الحياة الأخرى كالسياسة والاقتصاد والثقافة ولم يكن هذا تمردا بل إن الخروج لمواجهة الاحتلال هو الذي عزّز من دورها في المجتمع وساهم في رفع الوعي حول ما تقوم به المرأة من تعزيز وحماية الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني. لقد اعتبرت المرأة الفلسطينية - تضيف نسرين مقداد - بأن ممارسات الاحتلال القهرية تشكل تحديا لهويتها وانتمائها لقضايا وطنها وشعبها، فأصبحت الفتاة والأم والمناضلة والمعتقلة والمربية وأدركت أهمية تعاضد وتكامل دورها مع دور الرجل في الحفاظ على الموروث الثقافي والهوية الوطنية الفلسطينية، وعلى سبيل المثال اتخذت الكثير من الفلسطينيات خطا واضحا في العمل من أجل الحفاظ على هوية المرأة الفلسطينية من خلال إتقان فن التطريز اليدوي والحياكة، حيث نشاهد من أثوابهن الملونة بألوان العلم الفلسطيني ورموز التراث الشعبي من خلال شكل المفتاح مثلا الذي يدلّ على التشبث بحق العودة، فمن خلال هذا التطريز تنسج قصة تاريخ شعب سلبت منه أرضه لذلك يبقى الحفاظ على عادات وتقاليد الأفراح والأطباق التقليدية منها المفتول والمقلوبة والمسخن والقدرة جزءا مهما من نضال المرأة الفلسطينية تحت وطأة الاحتلال في مساعيها للحفاظ على الثقافة والهوية الفلسطينية وصون الذاكرة المجتمعية. الجزائر..دعم متواصل للقضيّة الفلسطينيّة وفي تعليقها على تقييمها للدعم الذي تتلقاه المرأة فلسطينية من الجزائر أكدت رئيسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، أن فلسطينوالجزائر بينهما علاقة أخوة ومحبة تاريخية وفريدة من نوعها مند أيام الأمير عبد القادر الذي هاجر وأقام في القدس فأصبح هناك نسب مشترك، منذ ذلك الزمن فلسطينوالجزائر على الحلو والمر وعلى مرّ الزمن وعبر الأجيال العلاقة تزداد ترابطا وتأييدا سواء على مستوى الحكومة أو الشعب والمنظمات الشعبية والمجتمع المدني كما أضافت أن المرأة الجزائرية حرة مناضلة تقول كلمة حق في المحافل الدولية بحق المرأة الفلسطينية ويوجد اتفاقيات مع الاتحاد النسائي الجزائري عبارة عن بروتكول مشترك منذ عام 2012 يهدف لأن يكون هناك عمل مشترك ومواقف موحدة في المحافل الدولية هذا على مستوى الاتحاد، أما على المستوى الشخصي - تقول نسرين مقداد - «فأنا محظوظة لأنني مقيمة في بلد كالجزائر، هنا أمارس حياتي السياسية بكل حرية ومساندة ودعم من الجميع، هنا على أرض الجزائر أرض المليون ونصف مليون شهيد سيكتمل استقلال الجزائر باستقلال فلسطين هذا شعار المحبة والدعم».