تشهد المدارس التدعيمية الخاصة انتشارا واسعا خلال الآونة الاخيرة في ظل غياب قانون معين يؤطر نظام تسييرها ويحكم عملية انشائها واجراءات توزيعها عبر تراب البلديات، وهو في حقيقة الامر ما ساهم في نمو هذه المدارس بسرعة كبيرة وبصورة طفيلية، وجدت ضالتها بالموازاة مع الصعوبات التي يواجهها التلاميذ في فهم المواد الاساسية ضمن البرنامج التدريسي، مما جعل من إلتحاق الأبناء بهذه المدارس حتمية لا مناص منها بالنسبة لبعض الأولياء قصد استدراك النقائص التي يعاني منها ابنائهم . وبالرغم من ان الالتحاق بهذه المدارس ليس اجباريا، الا ان ما زاد في تعقيد الوضع كون هذه المدارس لا تخضع لأي اطار تنظيمي او قانوني يؤطرها بحيث لازالت هذه الممارسات غير معترف بها من قبل الوزارة الوصية الى يومنا، هذه الاخيرة التي لم تتخذ أي اجراء لمنع فتح المدارس التدعيمية بطريقة عفوية، في حين لم تعترف بشرعيتها ومدى مصداقيتها ممتنعة عن تنظيم هذا النشاط وضبط الاحكام التي تسيره، مما فتح باب التلاعب واسعا في وجه اصحاب هذه المدارس، وبالخصوص فيما يتعلق بتحديد الاسعار وجعل من هذه المدارس تجارة مربحة يدفع ثمنها الاولياء التلاميذ. المادة ب 1000 دج الى 5000 دج شهريا واذا كان التحصيل العلمي لا يقدر بثمن لدى بعض الاولياء ولا يغلى ابدا مقارنة بتدريس بعض العائلات لابناءها، بحيث تهون اكبر الصعاب امام ضمان مستقبل زاهر للطفل المتمدرس، الا ان بعض العائلات لاسيما ذات الدخل المحدود وجدت عراقيل عديدة وصعوبات كثيرة لتوفير ثمن هذه الدروس وبالخصوص في السنوات الاخيرة، اين شهدت اسعار تلقين الدروس الخصوصية ارتفاعا كبيرا في ظل غياب سجل تجاري يحدد الاسعار المرجعية لهذا النشاط، ويرسم الضوابط التي يجب إحترامها من قبل الراغبين في فتح مدارس مماثلة، وحسبما تمكنت ڤالشعبڤ من رصده فان متوسط الاسعار المتداولة في هذا المجال ببلدية القبة تتراوح بين 1000دج للمادة الواحدة كحد ادنى، حيث يتم تقديم الدروس التدعيمية مرتين في الاسبوع بمعدل ثمانية حصص للشهر. مقابل ذلك، سمح بعض من الاساتذة بذات البلدية لأنفسم تحديد قيمة تدريس المادة الواحدة على غرار الرياضات والفيزياء وكذا العلوم ب 3600دج للشهر الواحد عن كل تلميذ، باعتبارها من بين المواد الاساسية بالنسبة لشعبة العلوم التجريبية. واذا كانت فئة من المعلمين يحددون سعر المواد المدرسة حسب خبرتهم الميدانية ومدى تحكمهم في البنامج الدراسي المسطر، او بحسب مدى اهمية المادة الملقنة سواء كانت اساسية او ثانوية تبعا للشعبة التي ينتمي اليها التلميذ، الا ان شريحة معتبرة من الاساتذة يرجعون في تحديد هذه الاسعار الى طبيعة المنطقة التي يدرسون بها، والى تكلفة الايجار الذي يدفعونه إزاء استغلال المحلات التي يمارسون بها نشاطهم، وهذا هو حال تلقين الدروس الخصوصية بالمرادية او ڤالقولف ڤ اين اخترقت الاسعار ارقاما خيالية، بلغت فيها التكلفة الشهرية للمادة الواحدة 5000 دج مقابل كل تلميذ، وليس هذا فحسب بل ان سعر تلقين الدروس التدعيمية الفردية بنفس المنطقة يرتفع الى 6000 دج اذا ما انتقل الاستاذ الى منزل التلميذ لتدريسه على حدى وبصورة منفردة. دروس تدعيمية لجميع الأطوار فالمتمعن لواقع التدريس ببلادنا سرعان ما يلاحظ ان اتباع دروس خصوصية لم يعد يقتصر على فئة معينة او بالأحرى على الضعفاء الذين يواجهون صعوبات في فهم مادة محددة، بحيث تشمل باتت هذه الظاهرة تعني اغلبية التلاميذ مهما كانت مستوياتهم وحتى النجباء منهم الذين يرغبون احيانا في تعزيز قدراتهم وتحكمهم في المواد الاساسية باختلاف الشعب التي ينتمون اليها، بحيث اصبحت الدروس التدعيمية ضرورية بعد ان كانت تكميلية في وقت مضى. وما يمكن ملاحظه في ذات السياق ان الدروس التدعيمية او الخصوصية لم تعد حكرا على تلامذة السنة النهائية المقبلين على اجتياز امتحان البكالوريا كما جرت العادة في السنوات الماضية، بل امتدت لتشمل كل أطوار التعليم الثانوي، فضلا عن السنة الرابعة من التعليم المتوسط او التكميلي، وهو ما يفسره البعض بصعوبة وقساوة البرنامج التدريسي الذي جاءت به مراحل الاصلاح التربوي، مما استوجب على فئة كبيرة من التلاميذ اتباع دروس خصوصية، لتصبح مع مرور الوقت ظاهرة بسيكولوجية لا يمكن الاستغناء عنها خلال المشوار الدراسي، اعتقادا من البعض انها عنوان النجاح وطريق الانتقال الى السنة المقبلة، فقد اضحى امرا عاديا البحث عن مدارس خصوصية من طرف التلاميذ وأوليائهم بمجرد انطلاق الموسم الدراسي، بحيث بات دور المدارس الخصوصية مكملا للدور الذي تؤديه المدرسة او الثانونية مما يدعو الى التساؤل حول السبب الذي يحول عن تنظيم هذا النشاط بالرغم من الخدمة التي يؤديها والتي ترافق الهدف التي تقوم به الثانوية. أساتذة يرهنون نجاح التلاميذ ففي ظل الثغرات والفراغات التي تشوب ميدان تلقين الدروس الخصوصية وجد البعض من اساتذة الاقسام الثانوية المجال واسعا للضغط على تلامذتهم واجبارهم على الانضمام الى الحصص الخصوصية التي يقدمونها خارج اوقات عملهم والتي غالبا ماتجري في بيوتهم، وذلك مقابل الحصول على علامات عالية في المواد التي يدرسونها، مما يشعر الاولياء بتقدم مستوى ابنهم وتحسن قدراته في المادة التي يدرسها، في حين ان الحقيقة عكس ذلك في كثير من الاحيان، فالواقع ان هؤلاء الاساتذة يلجؤون الى مقايضة التلاميذ مستغلين صغر سنهم وعدم نضجهم، لتحقيق اعراضهم الشخصية، وفي حالة العكس فما يفسر ان تحسن مستوى تلميذ ضعيف في مادة معينة بمجرد مباشرة دروس خصوصية لدى نفس الاستاذ الذي يدرسه في القسم، وما يمنعه من تحقيق تلك النتائج لو اكتفى بالدروس التي يتلقاها مجانا داخل قسم الثانوية رعاية من الدولة الجزائرية التي تحصر على ابقاء التعليم مجانيا في بلادنا. ولهذا تجد التفرقة ممنجهة بين اساتذة الاقسام الثانوية الذين يجعلون من منصبهم مركزا لتحقيق اغراضهم الشخصية على حساب التلاميذ من خلال اجبارهم على تلقي دروسهم الخصوصية شريطة الحصول على معدلات تؤهلهم للانتقال الى العام المقبل، ومن جهة اخرى بين بعض الاساتذة والجامعيين الذين يحرصون على تقديم خدمة ذات نوعية لتكوين اسم معروف يمكنهم من جني مصروفهم الخاص. تشغيل مئات الجامعيين وبغض النظر عن افتقاد هذه المدارس التدعيمية للاطار الشرعي والقانوني الذي يخول لها ممارسة هذا النشاط، الا انه لا يمكن انكار الدور الايجابي الذي لعبته في تحقيق نسبة نجاح عالية مكملة لأهداف برنامج الاصلاح الذي باشرته وزارة التربية الوطنية، فضلا عن كونها ساهمت في تشغيل المئات من الجامعيين وشريحة معتبرة من الشبيبة المرهونة بشبح البطالة، وبالتالي ابعادها عن احتمال الوقوع في الآفات الاجتماعية او التفكير في الهجرة السرية وغير الشرعية او حتى الالتحاق بالجريمة، وهو ما يجعل من التفكير في تنظيم هذا النشاط امرا مفروغا منه، بحيث يرى البعض انه من الضروري السماح لأصحاب هذه المدارس بالحصول على سجلات تجارية تصنفها على اساس اعمال حرة يعمل فيها كل باحث واستاذ او جامعي مؤهل. وفي حين يفضل البعض تسوية وضعيتهم بطريقة ودية تراعي المجهود الذي يقدمونه وتتناسب مع حجم التضحيات التي يبذلونها في سبيل النهوض بالمستوى العلمي في الجزائر وتحسين نسبة النجاح المحققة في امتحانات شهادتي التعليم المتوسط والثانوي، تحرص شريحة اخرى على العمل خارج الاطار وبعيدا عن الاضواء، تخوفا من تسديد قيمة الضرائب التي قد ترفع حسبهم من التكاليف والاسعار المطبقة في المرحلة الراهنة اكثر مما هي عليه الآن . ------------------------------------------------------------------------