المسرح أبو الفنون وعلى خشبته قدمت الكثير من الروائع، والسودان له تاريخ مشرق في الحركة المسرحية ساهم فيه نساء ورجال رسخوا للعمل المسرحي ورفدوه، وقفت ''الشعب'' على تجربة المخرجة والممثلة هدى مأمون، الت ي زارت الجزائر مؤخرا كمشاركة في مهرجان المسرح المحترف بعرض مسرحي قدم بقاعة الحاج عمر.. ̄ من هي هدى مأمون؟ ̄ ̄ هدى مأمون ممثلة ومخرجة سودانية، خريجة المعهد العالي للموسيقى والمسرح، دبلوم عالي جامعة الخرطوم قسم الديكور، عملت مخرجة وممثلة في العديد من الأعمال المسرحية. ̄ كيف وجدت المسرح الجزائري في أول زيارة لك لهذا البلد؟ ̄ ̄ هذه أول زيارة لي للجزائر وأول مشاركة لي في مهرجان خارج السودان، غير أنني حضرت في عدة فعاليات ثقافية في بلدان عربية ولكن كضيفة. أما عن المسرح الجزائري فأنا أراه قد قطع أشواطا كبيرة محققا بذلك قفزة نوعية، وبناء على اللوحات المسرحية التي شاهدتها في كل من قصر الثقافة، المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي، وقاعة الموقار، إضافة إلى تلك التي كانت حاضرة في المهرجان التجريبي بالقاهرة، فأقول أن هناك عروض ناجحة عوضت ما فات الفن الرابع عندكم في تلك الحقبة، والتي تعرف عندكم بالعشرية السوداء، ب100 سنة، وفي هذا الصدد وبعيدا عن الكلام المعسول والمجاملات فأنا أتمنى أن يصل المسرح السوداني حيث توقف المسرح الجزائري . ̄ جئتم بمسرحية ''احتراق'' وهي تعتمد على شخصية واحدة تمثلت في امرأة، ما الرسالة التي تريدها هدى مأمون من هذه المسرحية؟ ̄ ̄ احتراق عمل مونودراما، جسدت فيه شخصية امرأة ممزقة نفسياً بفعل ضغوط الحياة.. وما تعرضت له من مواقف أثرت في قواها النفسية والجسدية، حيث عرضت مشكلتها في صرخة أنثى، أوضحت من خلالها ما أوصلها لهذه الحالة، وهذا العمل تمت إعادة كتابته عن مسرحية صوت امرأة للكاتب السوري الصحفي فرحان الخليل. ̄ شاركت في هذا العمل المسرحي كممثلة ومخرجة، كيف وفقت بين الاخراج والتمثيل في آن واحد؟ ̄ ̄ من الصعب أن يمثل المخرج في نصه، لكن إيمان المخرج بقضيته ولأهمية النص، تجعله بعض الشيء أنانيا يلعب هذا الدور بشرط إجادته، وبشرط آخر أن يجد من يثق فيه كمخرج مساعد ومنفذين. ̄ أين تجد هدى نفسها وتحس أنها تريد الابداع أكثر، هل في التمثيل أم الاخراج؟ ̄ ̄ لا أستطيع أن أجيبك عن هذا السؤال مباشرة، غير أنني أستطيع القول أنني احب كل ما له علاقة بالفن الرابع والخشبة، وأول شيء ربطني بالمسرح هو التمثيل، بعدها دخلت غمار الاخراج دون أن أترك التمثيل، وهنا أؤكد لك أن الفنان إذا احب ميدانه يحاول الابداع في أي شيء يخوضه، وأنا بطبعي أبحث عن الابداع والتفاني في عملي مهما كان. ̄ ماذا عن المسرح السوداني بعد انقسام بلدكم، ومما يعاني في هذه المرحلة بالذات؟ ̄ ̄ أولا نحن في السودان المسرح أتانا وافدا، لذلك لا نقول المسرح السوداني وانما المسرح في السودان، لكن الثقافة السودانية المتنوعة هي صور مسرحية في حد ذاتها. إن أكثر الفترات كانت ازدهارا في المسرح في السودان كانت في السبعينيات، حيث أُنشئ في أواخر الستينيات، وبعد ذلك كانت المواسم المسرحية في رعاية الدولة فكانت المواسم ممتلئة والمسرح كان مزدهرا جدا، لكن بدأ المسرح في السودان يستعيد عافيته بعد سنوات من الغياب، حيث يتضح ذلك من خلال عدة خطوات فعلية بدأت في الظهور خلال الفترة القريبة الماضية. للسودان تاريخا مسرحيا طويلا يمتد من الدراما الفلكورية القديمة إلى المسرحيات المعاصرة التي تتعمق في السياسة والكوميديا. ولا أستطيع أن أنكر شيء، حيث أن مسرحنا بدأ يتهاوى خلال سنوات المصاعب الاقتصادية والحرب الأهلية، كما تضرر من شكوك الحكومات التي تحرص على إحكام السيطرة على أسلوب تفكير العامة من الشعب، إلا أن الاهتمام بالمسرح عاد تدريجيا على مدار العقد الماضي، وبصفة خاصة بعد اتفاق السلام، واليوم وبعد انقسامها فالدولة استنزفت مالا طائلا، حيث أعطت الدولة أهمية أكثر إلى ماهو أهم من المسرح، ولكن الان نحن في مرحلة انعاش مسرحي، فالثقافة عندنا نملكها في أرواحنا وانفسنا. ̄ كيف تتوقعين حال الثقافة عموما والمسرح خاصة في ظل هذه الازمات التي تمس عديد الدول العربية؟ ̄ ̄ في وقت يشهد فيه العالم العربي اضطرابات وتصاعد التوترات، نعمل نحن الفنانين على تشجيع أنشطة ثقافية مثل المسرح لصرف أنظار المواطنين، وللتعبير عن مشاعرنا، خاصة وأن المسرح يعد وسيلة تساعد المواطنين فعليا، بمنح الناس منفذا للتنفيس عن مشاعر الغضب والحزن. ̄ هل تستطيع الثقافة من شعر، مسرح، سينما وغيرها من الميادين أن تحقق ما عجزت السياسة عن الوصول إليه؟ ̄ ̄ يقال أن الكلمة لها صدى أكثر من وقع الرصاص، ولا طالما أخافت الكلمة العدو في ثورات العرب ضد المستعمر، أما خشب المسرح تتيح فرصة أكبر للترفيه والتحفيز على التفكير، وفي بلد يستشري فيه الفقر والأمية يُعتبر المسرح أيضا أداة للتوعية بكل شيء، فالثقافة أعادت في الكثير من الأحيان العلاقات المدمرة بين الدول، وهي غنية عن التعريف فيما تقدمه للدول وتداخلها مع المجالات الاخرى، حيث أن الفنان لا تتوقف مهنته على الفن وانما يشغل عدة مناصب ويتخذ من الفن موهبة يبدع فيها. ̄ كلمة أخيرة؟ ̄ ̄ شكرا على الفرصة الجميلة، وإن كانت لنا كلمة فهي القول بأننا جميعاً بحاجة إلى العيش في كنف السلم والطمأنينة.