... كانت الساعة الثامنة والنصف على مستوى شارع محمد بوقرة بالأبيار، أين مر علينا موكب أمني كانت ضمنه حافلة كبيرة تحمل أعوان الأمن وهو ما جعل الموطانين يتساءلون عن الشائعات التي سبقت 17 سبتمبر حيث حاولت الكثير من الأطراف القيام بحملة دعائية بغرض زرع البلبلة والفتنة في أوساط الجزائريين، وقد زاد الأمر فضولنا لمعرفة آراء الشارع الجزائري حول ما يحاك ضد بلادنا، ضمن الخرجة الاستطلاعية بالمحاور الأساسية للعاصمة. دخلنا عند أحد الحلاقين في شارع بوقرة والمعروف بتهامي وعندها بدأ أحد الشباب يمزح معه بعد مرور الموكب الأمني قائلا: «يظهر ان ساحة أول ماي تعرف مظاهرات» ولكن آثار المزاح بدأت عليه لينهره الحلاق عن حديثه، موضحا بأن الجزائريين غير مستعدين للعودة لسنوات الجمر، والمؤامرة التي تحاك ضد بلادنا معروفة ومكشوفة منذ مدة ولن تنجح خاصة بعد ما لاحظنا الفوضى التي دخلت فيها البلدان التي قامت بانتفاضات، فالمشاكل أصبحت تأتيها من كل جهة للتأكد من أن آثار المؤمرات بدت واضحة. وارتفعت حدة النقاش بدخول العديد من الزبائن إلى الحلاق وعرجوا على زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والوزير الأول البريطاني دافيد كامرون الى ليبيا واستغربوا الواقعة كثيرا وربطوها بالانتفاضات في الوطن العربي وأجمعوا على «أن الثورات بين قوسين التي تتم بمساعدة قوى عسكرية خارجية لا تعتبر ثورات بقدر ما هي فتنة ستظهر نتائجها السلبية بمرور الوقت. تركنا الأبيار في هدوئه أمام اقبال كبير على الصحف الوطنية التي بيعت مبكرا لنتوجه الى ساحة أول ماي لنتأكد من الأوضاع هناك، أوقفنا سيارة أجرة وسألته مباشرة كيف هي الأوضاع هنا، فأجابنا السائق بأنها عادية جدا مع تواجد بعض عناصر الأمن فزاد فضولنا أكثر ولاحظنا عند المحطة المقابلة لصندوق التقاعد الحافلة التي مرت من الأبيار تحمل أعوان الأمن متوقفة قرب مشستشفى ليغلسين لنتأكد من أن الأمر لا يتعدى أن يكون اجراءات أمن احترازية تحسبا لأي طارئ. وبدخولنا شارع الاستقلال لاحظنا الحركة جد عادية فحتى حافلات النقل الجامعي كانت في الموعد لنقل الطلبة نحو مختلف الاتجاهات، وعند وصولنا الى ساحة أول ماي بمحاذاة النافورة لاحظنا أن حركة المرور جد عادية مع وجود بعض عناصر الشرطة وبعض المتاريس التي كانت موضوعة جانبا دون أن تلجأ اليها الشرطة في ظل عدم تسجيل أية حركة غير عادية. ولم يخل الشارع العاصمي من الحديث عن تأثير الشائعات حول يوم 17 سيتمبر مثلما أشارت اليه سيدة كانت تتحدث مع زميلتها في شارع حسيبة بن بوعلي مؤكدة أن الأخبار التي تم تداولها أثرت سلبا على نفسية الجزائريين موضحة بان العديد من زميلاتها في التعليم اتفقن على عدم الخروج يوم السبت لخوفهن من أي مفاجآت غير سارة. كما أبدى السيد م.حمزة تخوفه من الشائعات التي قد تحرمه من السفر الى مراكش في رحلة مع العائلة داعيا إلى تفادي نشر البلبلة والفتنة وترك الجزائريين وشأنهم. غادرنا ساحة أول ماي التي لم تسجل أي حدث بعد أن ألف الجزائريون حركة الاحتجاجات والمسيرات التي شهدتها الساحة في بداية السنة الجارية والتي أظهرت تفضيل الجزائريين للصبر لمستقبل أحسن بدلا من اثارة الفوضى التي قد ترجع البلاد الى سنوات خلت. «الفايسبوكيون» تناقلوا عبارة «لا للفوضى» هذا الاتجاه لمس من خلال عشرات الرسائل «بالفايسبوك» فقد شهدت الدعوات عبر الفايسبوك ضد اثارة الفوضى في الجزائر يوم 17 سبتمبر وجاءت ردود فعل كبيرة دارت حول رفض المؤامرة ضد الجزائر واتهموا القنوات الفضائية ك «الجزيرة» بإثارة الفتنة في بلادنا ودعوا الى مقاطعة مشاهدة فضائيات الفتنة التي مهدت لساركوزي وكاميرون تدنيس أرض ليبيا. ورفع البعض الآخر عبر الفايسبوك شعارا في لوحة اشارة مرورية مكتوب فيه «لا للفوضى»، بينما تناقل آخرون تصريحا لفرانس 24 نسبوه لوزير الداخلية والجماعات المحلية الجزائرية السيد دحو ولد قابلية أكد فيه أن هذه الدعوات هي مؤامرة خارجية برعاية صهيونية، كما نشر البعض عن تجمعات لجزائريين بفرنسا ينددون بالمؤامرات ضد الجزائر ويحذرون من مغبة التحامل على بلادنا متوعدين العالم برد فعل قاس في حال المساس بها. وتسعى الجزائر إلى مواصلة مسار الاصلاحات الذي بدأته بعد 1988 من خلال سن تشريعات تهدف إلى التكفل بجميع فئات المجتمع وخاصة الشباب لمساعدتها على بناء مستقبلها بالاضافة الى تعزيز الحريات ودعم المسار الديمقراطي من خلال اضفاء المزيد من الشفافية والنزاهة. وعليه فمحاولات اثارة الفتنة في بلادنا التي تسعى العديد من الأطراف لتجسيدها لن تجد طريقا للنجاح طالما بقي وعي الجزائريين بهذا المستوى فالتجربة القاسية التي مرت بها الجزائر جعلت اليقظة والحذر تزداد في أوساط مختلف الفئات وهو ما يعتبر أحسن حصانة للجزائريين.