تعتمد السياسة الفلاحية الجديدة على تشجيع المنتوج الفلاحي الاستراتيجي، من خلال المساعدة على اقتناء التجهيزات الميكانيكية التي تساعد على تحقيق المردودية، فضلا عن القروض البنكية أو ما يسمى بالقرض الرفيق، كدعم للفلاحين وتشجيعهم على الرفع من الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي، والتقليل من التبعية للخارج التي كلفت الخزينة العمومية مبالغ طائلة تفوق 30 مليار دولار. و=في ظل بوادر أزمة كبيرة ذات انعكاسات على الأمن الغذائي بعد ان عرفت الأسعار الدولية للمواد الأساسية خلال السنوات القليلة الماضية، قامت الحكومة بوضع إستراتيجية واضحة ومحكمة من أجل الرفع من أداء القطاع الفلاحي وتحسين مستوى الأمن الغذائي للبلد. وتقوم السياسية الجديدة للقطاع على دعم المستثمرات الفلاحية، باعتبار ان الاستثمار في هذا القطاع الاستراتيجي يتطلب أموالا طائلة إلى جانب إدخال التكنولوجيا ومكننة الفلاحة وإعادة تنشيط العالم الريفي وتغيير وجهه، تكثيف وتنويع المنتوجات الفلاحية باعتماد الطرق العلمية وإدخال البحوث الزراعية لضمان نمو قوي ومستديم للإنتاج، وتطور هام لقطاعات ما قبل وبعد الفلاحة، الذي يخلق مناصب العمل بهذه المناطق البعيدة التي عانى سكانها من بطالة خانقة، و بالتالي يساهم في استقرار الأهالي والقضاء على ظاهرة النزوح الريفي . هذا الخيار سيمكن من إعادة جعل القطاع الفلاحي المحرك للنمو الاقتصادي الشامل وهي النتيجة المتوخاة في إطار الهدف الاستراتيجي للأمن الغذائي، والاستجابة للحاجة الملحة لتحقيق السيادة الغذائية، بعد ان عمدت الدول المتحكمة في أسواق المواد الغذائية الأساسية على المستوى العالمي السنوات الماضية إلى استعمال الحبوب كسلاح لتغيير سياسات الدول و إملاء عليها شروط تمس بسيادتها مقابل الحصول على هذه المادة الإستراتيجية و بأسعار بلغت سقفا غير مسبوق خاصة سنة 2008 متسببة في أزمة عالمية لم تكن الجزائر في منأى عنها. هذه الأزمة الذي يؤكد الخبراء في المجال انه من المتوقع ان تزداد حدتها خلال السنوات المقبلة بالنظر إلى عدة عوامل منها ارتفاع النمو الديمغرافي وزيادة الطلب على المواد الغذائية خاصة من الدول الناشئة كالهند والصين، هذه المؤشرات جعلت الحكومة تضع سياسة جديدة لتطوير القطاع، من خلال إعداد مخطط توجيهي خاص و اعتماد عقود النجاعة التي توضح الالتزامات لكل ولاية ذات طابع فلاحي، في مجال تطوير وسائل العمل لتطوير الإنتاج و تحقيق المردودية المطلوبة. و تشير الأرقام الرسمية التي أعلن عنها بنك الجزائر، إلى ان القطاع حقق نموا بلغ 20 بالمائة سنة 2009، و هي أعلى نسبة مسجلة منذ انطلاق تطبيق السياسة الجديدة للفلاحة سنة 2006، مع العلم ان النسبة عاودت الانخفاض السنة الماضية حيث وصلت إلى 6 بالمائة، بالرغم من المبالغ المالية الضخمة المخصصة لهذا القطاع و التي ترتفع قيمتها سنة بعد أخرى، بلغت 2،1015 مليار دج السنة الماضية، بعدما كانت لا تتعدى 3،641 مليار دج سنة 2006. غير ان مقابل ذلك ما تزال الجزائر تواجه صعوبات في تحقيق توازن بين الواردات من المواد الأساسية التي كلفت الخزينة العمومية فاتورة باهظة بلغت 7 مليار و317 مليون دولار سنة 2010، والتي لا يجب ان تصل الى 50 مليار دولار لتبلغ درجة الخطر، و صادرات لا تتعدى قيمتها 306 مليون دولار لنفس السنة.