شاركت الجزائر بعدد معتبر من الرياضيين في الدورة ال10 للألعاب الافريقية التي اختتمت الأحد الماضي في العاصمة الموزمبيقية مابوتو، بالنظر لمكانة الرياضة الجزائرية على الساحة القارية والانجازات الكبيرة التي حقّقتها في الدورات السابقة.. وتعدّدت الآراء حول النتائج المحققة في هذه المحطة الأخيرة، خاصة وأن رؤية جديدة تمّ إدراجها بهذه المناسبة والتي تتمثل في إعطاء الفرصة لرياضيين شباب من أجل تحضير المستقبل، وبالتالي إعداد الخلف للمواعيد الدولية القادمة على غرار الألعاب العربية والألعاب الأولمبية. فبالرغم من أن حصيلة الميداليات الذهبية التي كان ينتظر أن تكون أكثر من الحصاد النهائي للبعثة الجزائرية، إلا أن أشياء إيجابية عديدة تمّ استخلاصها من هذه الرحلة إلى الموزمبيق.. أين كانت الرياضة الجزائرية في المقدمة في العديدمن المرات. الملاكمة.. الجيدو،.. ألعاب القوى والكاراتي وكانت الرياضات الفردية في الواجهة بقوة، حيث أن الملاكمة أثبتت أنها تكون دائما في الموعد، حيث أن لأول مرة يتم تأهيل (7) ملاكمين جزائريين إلى المنازلة النهائية، بفضل العمل الكبير الذي قام به الطاقم الفني بقيادة عز الدين عقون.. وافتك الفريق الجزائري (3) ذهبيات واحتل المركز الأول في هذه المنافسة.. رغم أن العديد الذين حضروا المنازلات النهائية كانا يتمنون حصاد أكبر من ذلك، لكن المنافسة كانت من مستوى كبير، وفي الملاكمة المنازلة النهائية تكون مفتوحة وكل ملاكم له نفس حظوظ منافسه، وفي هذا الإطار أكد لنا السيد عقون “بالفعل كنا نتمنى حصد كل الألقاب التي تأهلنا فيها، لكن لابد أن نعرف أن الملاكمين الذين تأهلوا إلى النهائي نصف عددهم يفتقر إلى الخبرة اللازمة، وتأهله إلى النهائي يعتبر إنجازا في حد ذاته.. فالحصيلة تعتبر جد ايجابية ولملاكمينا مستقبل كبير بعد هذه المسيرة في الألعاب الافريقية”. ويمكن القول أن ملاكمينا خطفوا الأضواء بمستواهم، على غرار بن شبله الذي يعد أحسن ملاكم في الوقت الحالي وفاز بكل منازلازته ببراعة. كما أن الجيدو الجزائري ساهم بكثير في عدد الميداليات الذهبية التي تمّ كسبها، فبالرغم من عودته من بطولة العالم مباشرة إلى مابوتو تمكّن زملاء بن عمادي من فرض وجودهم في هذه الدورة معلنين أنهم عائدون وبقوة في المنافسة.. فكانت منافسات الجيدو قد رتبت في الأيام الأخيرة لهذه الدورة، وسمحت للجزائر من إنهاء الألعاب بقوة بفضل الجيدو الذي أعطى (4) ذهبيات للجزائر، في منافسة كانت قوية بالنظر للتطور الكبير الذي يعرفه الجيدو في القارة السمراء خلال السنوات الأخيرة. ويبقى التفاؤل في مقدمة اهتمامات الطاقم الفني، الذي سيحضر بدون أدنى شك الألعاب الأولمبية بوجود مصارعين أقوياء أمثال بن عمادي وصورية حداد، وكذا بن يخلف الذي غاب عن موعد مابوتو بسبب الإصابة والإرهاق، حيث قال لنا المدرب موسى أن المصارعين يخلف له برنامج تحضيري إلى غاية الألعاب الأولمبية بلندن من أجل الحضور في الموعد بكل امكانياته، خاصة وأنه كان قد حصل على الميدالية الفضية في أولمبياد بكين عام 2008 ،. في حين أن صورية حداد عادت فعلا إلى مستواها الذي عرفناه من قبل والتركيز حاليا يكون صوب الأولمبياد القادم. مخلوفي يحدث المفاجأة... واتفق كل الحاضرين في موعد مابوتو أن عمل كبير يقام حاليا في رياضة ألعاب القوى، حيث أن تألق العديد من الشبان في هذه الرياضة يبشر بالخير.. فرغم المنافسة الشديدة من طرف العدائين الكينيين والإثيوبيين، فإن رياضة ألعاب القوى تألقت بفضل عدائين لهم مستقبل كبير، على غرار مخلوفي وحاج لعزيب، وبورعدة.. فالأضواء كانت مصوبة بشكل كبير في هذه المنافسة على العداءة باية رحولي التي عاشت فترة غريبة في هذه الألعاب بسبب سوء التقدير من طرف المراقبين.. فقد كانت مسابقة القفز الثلاثي النقطة السوداء لهذه الألعاب، كون المراقبين أضافوا مترا كاملا للعداءة النيجيرية في محاولتها، الأمر الذي جعل رحولي في المركز الثاني!!؟ وشاءت الصدف أن تتحول رحولي إلى طاولة المراقبة لتلاحظ الخطأ.. لتبدأ الاحتجاجات.. والغريب في الأمر أنه حتى العداءة النيجيرية اعترفت بأنها لم تقفز لتسجل هذا الرقم البعيد عن رقمها الشخصي!! وبعد أن أعطت اللجنة التقنية الفوز لرحولي، تراجعت عن رأيها بإعادة المسابقة، وهوما اضطر بطلتنا إلى التركيز من جديد لإعادة المنفسة.. وهنا لابد من التذكير أننا لمسنا تأثرا كبيرا لدى رحولي التي علمت في وقت متأخر من ذلك اليوم بقرار اعادة المسابقة وانطلقت في التحضير في تلك الأمسية لعدم تضييع الفرصة.. الأمر الذي سمح لها بفضل مستواها بكسب الذهب بعد يومين من قرار إعادة المسابقة. وسار العداؤون الآخرون في درب مناسب، حيث كان العداء مخلوفي المفاجأة السارة في هذه الألعاب، حيث لم يكن العديد من المتتبعين ينتظرون ذلك السباق التكتيكي المميز لهذا العداء في ال800 م، وذلك بوجود (3) عدائيين كينيين كانوا مرشحين للصعود فوق منصة التتويج..لكن مخلوفي الذي راقب السباق بذكاء تمكّن من مخادعة منافسيه في ال200 م الأخير بنسبق عالي أدهش الكينيين الذين لم يتمكنوا من الرد ليثبت أن المسافات نصف الطويلة مازالت من اختصاص جزائري، خاصة وأن العداء مخلوفي اختصاصي في ال1500 م.. أما لدى المعوقين، فإن الظاهرة حمدي سفيان كان من الواجهة وبدون منازع. في حين أن رياضة الكاراتي كانت السباقة في إهداء الجزائر أولى ميدالياتها الذهبية، حيث أن الجو وزملاءها تألقوا بشكل كبير، ولو لا بعض الأخطاء التحكيمية لكانت الحصيلة أكثر من (3) ذهبيات، وهذا باعتراف كل الذين حضروا المنافسة.. فقد قدم الفريق الوطني عروضا كبيرة في هذا الموعد والحصيلة تعتبر محترمة.. وسجلت بعض المفاجآت بالنسبة للحصاد الجزائري أين تمكنت رياضة الكانوي من التألق والفوز بالذهب في هذه الدورة. الكرة الطائرة النسوية.. تأكيد على المستوى الكبير أما في الرياضات الجماعية، فإن الأمور اختلفت عن سابقتها، ولم يكن المستوى كبير بالنسبة لممثلينا.. وكان فريق الكرة الطائرةالنسوي الوحيد الذي توّج بالذهب فقد أثبت هذا الفريق أنه الأحسن على الصعيد القاري.. فبعد أيام فقط من تضييعه للقب الافريقي بنيروبي، عاد الفريق الوطني إلى الواجهة وبتركيز كبير ونال الذهب باستحقاق.. رغم أن شبلات المدرب بوقاسم عانين في المباراة النهائية بعض الشيء أمام العزيمة القوية للفريق الكاميروني الذي كان قد أقصى في اليوم السابق بطل افريقيا المنتخب الكيني.. وظهر الفريق الجزائري منظما ومركزا طيلة الأشواط التي لعبها، الأمر الذي فتح له باب التتويج بالميدالية الذهبية. في حين أن منتخب الذكور فشل في الوصول إلى الذهب ولم يكن في المستوى في المقابلة النهائية تاركا المبادرة للفريق الكاميروني.. وحاليا يشارك في البطولة الافريقية لعلّه يتدارك الأمور ويحقق نتائج أفضل، خاصة وأنه تبارى مع العديد من الفرق الحاضرة في البطولة الحالية. ونفس الملاحظة يمكن إدراجها بالنسبة للفريق الوطني لكرة اليد ذكور، الذي اكتفى بالمركز الثالث في هذه الدورة، وهذا لعدة اعتبارات أهمها أن بوشكريو اختار ورقة التشبيب، حيث اعتمد على فريق متشكل من الآمال وغابت الأسماء الكبيرة المعروفة لدى الفريق الوطني “أ”.. فقد كانت الفرصة مواتية للعديد من المتتبعين رؤية الموجة الجديدة للكرة الصغيرة الجزائرية، وفي هذا الإطار قال لنا بوشكريو: “لابد أن يعرف الجميع أننا قدمنا إلى مابوتو دون أغلب عناصر المنتخب الأول، لأن محترفينا لا يمكنهم المشاركة في الدورة نظرا لارتباطاتهم مع أنديتهم في أوروبا”. ووجد المنتخب الوطني منافسة شديدة، حتى أنه سجل نتيجة “تاريخية” بانهزامه أمام الغابون.. وكانت تنتظره مباراة صعبة في نصف النهائي أمام المنتخب المصري الذي قدم بفريقه الأول وكان منطقيا المرشح الأول لنيل الذهب. وتبقى التشكيلة الوطنية تحضر للبطولة الافريقية القادمة في المغرب، أين يكون الهدف اقتطاع تأشيرة المشاركة في أولمبياد لندن. برونزية.. أثلجت الصدور واستقبل الجميع الميدالية البرونزية للمنتخب الوطني لكرة القدم إناث، التي أثلجت الصدور بالنظر للمستوى الكبير للكرة في القارة السمراء، حيث تفنّنت شبلات المدرب شيخ في كسب البرونز، بعد أن خسرت في نصف النهائي أمام غانا.. وحسب المشرفين على الفريق الوطني، فإن الانهزام الأول أمام الكاميرون جاء بسبب أخطاء تحكيمية، وأن الهدف الذي قدم من أجله الفريق الوطني قد تحقّق وهو الصعود فوق منصة التتويج ويعد هذا الانجاز كتشجيع للاعباتنا. السباحة..أحلام تبخرت أما في خانة التعثرات غير المنتظرة، فإن رياضة السباحة كانت في المقدمة أين لم يستطع سباحونا من التتويج بالذهب، رغم الآمال الكبيرة التي كانت معلقة على نبيل كباب وأغيلاس.. الذين وجدوا منافسة شديدة من طرف ممثلي جنوب افريقيا.. لكن هنا لابد أن يكون المنطق فوق كل اعتبار كون منافسة السباحة كانت من بين المسابقات التي جلبت أكبرالنجوم قاريا، وحتى أبطال للعالم، الأمر الذي جعل المنافسة شديدة، وعلى سباحينا العمل أكثر لمحاولة استعادة الميداليات الذهبية التي ضاعت في موعد مابوتو. ومن جهة أخرى، فإن رياضة كرة السلة لم تنجح في مسيرتها ووجدت صعوبات جمة لغرض نفسها في الموزمبيق.. بالرغم من الإمكانيات الكبيرة لفريق الذكور الذي إن واصل في هذا الدرب بإشراف مدربين أمريكيين بإمكانه الذهاب بعيدا، في حين أن فريق الإناث ضيّع فرصة التألف عندما خسر أمام الموزمبيق سبب خطأ في التحكيم وبدا الفريق الوطني بإمكانيات عالية في تلك المباراة..لكن في ربع النهائي وقع أمام فريق قوي جدا، الأمر الذي يتطلب مجهودا أكبر من طرف المشرفين عليه. وبالتالي، فإن المشاركة الجزائرية كان بإمكانها تحقيق أفضل، بالنظر للإمكانيات الكبيرة الموجودة لدى الرياضيين.. والهدف قد تمّ الوصول إليه بالسماح لأكثر من 70 ٪ من رياضيين لم يسبق لهم وأن شاركوا في مثل هذه المواعيد لحجز مكانهم ، الأمر الذي سيفيد الرياضة الجزائرية في المستقبل القريب...