تدعمت العاصمة مؤخرا بمئات سيارات الأجرة في إطار تدارك النقص والعجز الذي عرفته منذ 10 سنة غير أن هذا التدعيم لم تظهر نتائجه في الميدان وتواصلت السلوكات من قبل أصحاب المهنة التي تتطلب أخلاقيات وتقاليد لتسهيل الحياة في المدينة، وخاصة العاصمة التي تعرف اختناقا كبيرا. وقامت «الشعب»، باستطلاع في العاصمة لمعرفة سبب استمرار سلوكات سائقي سيارات الأجرة، من خلال فرض الوجهة التي يحبذون، وانتقاء الزبائن، وكشف السائق (حمدي. ع) متقاعد من شركة عمومية عن صعوبة العمل في العاصمة، «أن الطرقات مزدحمة ومهترئة وكثرة الممهلات وانعدام أماكن للتوقف تجعلنا نختار الوجهات ولا نغامر بالذهاب مثلا للقبة أو الحمامات والرايس حميدو وباب الواد، فالمرونة نلمسها قرب الطرق السريعة وفي أوقات معينة فالتجربة علمتني كيف أكيّف عملي والوجهات مع ما هو متوفر». وأضاف المتحدث، الذي عاد مؤخرا لمزاولة نشاطه بعد أن استفاد من التقاعد، أن «سلوكات غير سوية انتشرت في مهنة سائق سيارة أجرة، فالطفيليين استغلوا الفرصة في الفترة الممتدة بين 2001 و2010 واستحوذوا على المهنة بطرق أو بأخرى، وهو ما جعل سمعة سائقي سيارة الأجرة تتراجع، وهي حقيقة يجب أن نقرّ بها فالتكوين ناقص جدا والعديد من الذين استفادوا من الرخص مؤخرا شباب في مقتبل العمر يلزمهم بعض الوقت للتأقلم مع الزبائن». وفي سؤال ل «الشعب»، حول شكاوى المواطنين من ضعف الخدمات وعدم احترام بعض السائقين للزبائن من خلال السماح للرجال بالركوب مع بعض الزبونات دون استشارة، ورفض التوقف للزبائن من كبار السن، اعتبر محدثنا هذه الظواهر بالدخيلة، وهي انعكاسات للتحولات الاجتماعية التي عرفتها بلادنا، فالسعي وراء الربح الوفير هو الذي جعل القيم تنهار في مهنة سائق سيارة الأجرة التي كانت مثالا في الحكمة والرزانة في المجتمع. وأضاف رشيد سائق سيارة أجرة معروف في باب الزوار، عن سياسة عمله، فأكد بأنه يعمل في الصباح الباكر وفي الليل يصطحب معه أحد معارفه مؤكدا بأن فترة العمل الصباحية أو الليلية تسمح له بالحفاظ على سيارته لأن العمل في النهار لا يطاق، «فقد تكلفني المسافة بين باب الزوار والجزائر العاصمة 3 ساعات مع كثرة الإزدحام وهو ما يؤثر بشكل سلبي على المحرك بينما استغرق في الصباح الباكر أو الليل 20 دقيقة على الأكثر وحتى الزبون يذهب مرتاحا ويدفع مبالغا أقل لأن العداد في الازدحام يواصل الحساب، وهو ما بات يحرجنا مع الزبائن الذين يستغربون ارتفاع الأسعار». وبالمقابل، عبر الكثير من الزبائن عن عدم رضاهم بالخدمات المقدمة من أصحاب سيارات الأجرة فالكثير منهم يرفض التوقف أصلا ويحدثك والسيارة تمشي، في صورة تعكس غياب ثقافة سيارة الأجرة، موضحا (نعيم. أ) موظف بالعاصمة، ويقطن ببرج الكيفان، «بالاضافة إلى فرض أصحاب سيارات الأجرة منطقا غريبا يتمثل في احتساب أسعار خارج العداد إذا طلبت الذهاب إلى بن عكنون أو الرغاية ويبرر أصحاب سيارات الأجرة هذا، بعدم وجود زبائن عند العودة». وكشف (كمال. ر)، موظف من بن عكنون، عن «بروز ظاهرة جديدة تتمثل في توقف العديد من سيارات الأجرة قرب مستشفى بن عكنون، وعند السؤال عن وجدتهم يؤكدون بأنهم يعملون بمبالغ جزافية فمثلا من بن عكنون إلى الشراقة يطالبون ب 400 دينار، بينما بالعداد لا تتجاوز 80 دينارا». ويتعرض الزبائن بمطار هواري بومدين والمحطة البرية بالخروبة إلى مختلف أنواع الابتزاز جهارا نهارا فالمبالغ خيالية فمثلا بين المطار والعاصمة يصل السعر إلى 800 دينارا ويتعرض الزبون في المطار إلى معاملات مشينة، حيث تنطلق محادثات بين مختلف السائقين حول الزبون وكأنه سلعة ليستقر الأمر على سائق الذي يطلب من الزبون الانتظار لأخذ زبون آخر وهي نفس المعاملة التي يتعرض لها زبائن المحطة البرية بالخروبة. ويبقى وضع أخلاقيات لمهنة سائق سيارة الأجرة، وقانون صارم يحارب السلوكات المشينة مع وضع أسعار ثابتة في الأماكن العامة كالمطارات والموانئ والمحطة البرية بالخروبة للقضاء على المظاهر المشينة التي تجعل من الزبون أكبر خاسر.