تطلع «أوبك» لبلوغ أسعار النفط سقف 75 دولارا للبرميل يرسم الخبير الطاقوي بوزيان مهماه توقعاته حول ما ستستقر عليه الأسواق النفطية على ضوء ما سيفضي عليه اجتماع منظمة «أوبك» وشركائها المقرر خلال الأسبوع الأول من شهر جويلية الداخل، ويتحدث عن الدور الذي تلعبه الجزائر حيث اعتبرها العضو الفاعل ضمن مجموعة المتابعة الخماسية، واصفا اياه بالدور الإيجابي في دعم مسار توازن أسواق النفط، وكذا دعم المنحى المغذي لصلابة سعر برميل النفط. - الشعب: تشهد الأسواق النفطية تذبذبا مستمرا.. ما هي قراءتكم للمؤشرات النفطية؟ - الخبير مهماه: بالاعتماد على «النظرية السعرية الموجية» لبرميل خام النفط، يمكن القول بأن الأسواق قد استعادت القليل من انتعاشها، كما هو متعارف عليه في عهود سابقة، أي كانت تسري تبعا لحالة «النمو العالمي» وبذلك نستطيع القول أنها نفسيا استفادت من الدرس القاسي لفترة الربع الرابع من السنة الماضية (2018) حين تشكلت «فقاعة سعرية» دفعت إلى السطح بشعور خادع، أوهم البعض بإمكانية وصول أسعار خام البرنت القياسي العالمي إلى سقف 100 دولار للبرميل، لكن سرعان ما انفجرت تلك الفقاعة السعرية لتتسبب بتهاوي أسعار النفط من مستوى يقارب ال 87 دولار إلى حدود ال 50 دولار. لذلك نجد في هذه الأثناء بأن «مخاوف الركود الاقتصادي»، قد تغلبت إلى حدّ الساعة على عامل «التوتر الجيوسياسي»، وما قد يتسبب فيه من «انقطاع في الإمدادات بشكل خطير». لذلك نجد استطلاعا أجرته جامعة ديوك بالاشتراك مع «غلوبل بيزنيس أوتلوك» لشهر جوان، حيث أوضح بأن نصف المدراء الماليين الذين شملهم الاستطلاع، يتوقعون أن تشهد الأسواق ركودا حادا بحلول منتصف السنة المقبلة 2020. لكن «النظرية السعرية الموجية» أخرجت الأسواق من وضع «الفقاعة السعرية» لتدخلها في حالة «ثقالة التجويف السعري» لتبقى الأسعار تتأرجح في مستويات ال 60 دولار للبرميل، وبذلك تستمر الأسواق النفطية في تجاهل مخاطر المواجهة المدمرة المحتملة في بحر العرب، والتي تقرع طبولها هناك، بل أضحت الأسواق «توطن أنظارها وتدربها» على وضع «الاقتصاد العالمي المتدهور». التحذير من عدم تمديد اتفاق تخفيض الإنتاج - ماذا تتوقعون من الاجتماع المقبل لأوبك وشركائها المقرر خلال الأسبوع الأول من شهر جويلية المقبل؟ - ينتظر الأخذ بعين الاعتبار في لقاء «أوبك +» الذي سيلتئم مع بدايات شهر جويلية القادم ثلاث معطيات سيفضي إليها الاجتماع: أولا، يلمس بوضوح رغبة المملكة العربية السعودية في سعر برميل بين ال 80 و 85 دولار، لموازنة ميزانيتها، ثانيا، في المقابل نجد الرئيس الروسي صرح في السادس من هذا الشهر «جوان» لوكالة «تاس» بأن متوسط سعر الخام النفطي بين ال 60 و 65 دولارا للبرميل يعد مقبولا بالنسبة لروسيا، ثالثا، على الرغم من استمرار تململ الشركات النفطية الروسية من قيود خفض الإنتاج المفروض عليها، حيث صرح رئيس العملاق النفطي «روسنفت» في الرابع من هذا الشهر جوان، بأنه يتوجب على روسيا إعادة النظر في التزاماتها بخصوص قيود خفض الإنتاج، التي أصبحت في نظره تشكل تهديدا استراتيجيا لها، أمام تنامي الإنتاج من خارج «أوبك +»، إضافة إلى تنامي الانتقادات لاتفاق خفض الإنتاج من أقرب المقربين للرئيس الروسي داخل منظومة النفط الروسية. فرغم هذا كله، فقد تجدد الاتفاق بين وزيري الطاقة الروسي والسعودي في العاشر من شهر جوان الجاري حول أهمية الحفاظ على اتفاق خفض الإنتاج ل»أوبك +» وجعله ساريا إلى غاية نهاية العام الجاري، وفي تقديرهما بأن أسعار النفط يمكن أن تنخفض إلى ما دون ال 40 دولار للبرميل في حالة التحلل من هذا الاتفاق، بل أن وزير المالية الروسي ذهب أبعد من ذلك، محذرا أنه في حالة عدم تمديد اتفاق خفض الإنتاج بين أعضاء «أوبك +» فبإمكان الأسعار أن تتراجع إلى مستوى ال 30 دولار للبرميل. لذلك أتوقع تمديد اتفاق خفض الإنتاج الساري إلى غاية نهاية هذا العام، وربما إمكانية التوصل إلى تعميق التخفيض، وهندسة عتبة أقل من مستوى الإنتاج الملتزم به حاليا، رغبة في استهداف متوسط سعر فوري لخام البرنت عند 75 دولار للبرميل في النصف الثاني من هذا العام، أي حوالي 10 دولارات أعلى من متوسط النصف الأول من هذا العام، حتى نستطيع إنهاء هذه السنة بمتوسط سعري لخام «برنت» أعلى بقليل من 70 دولار للبرميل. وأعتقد بأن إقرار مستوى نزولي جديد لخفض الإنتاج ممكنا، لأنه سيستهدف استيعاب الهوة القائمة بين الوضع الحقيقي للإنتاج الذي بقي أقل من مستويات الالتزام المستهدفة، حيث يوجد العديد من المنتجين تحت رحمة التخفيضات الطوعية، وبذلك سيكون الاتفاق الجديد صيغة ذكية لردم الهوة القائمة واستيعاب تراجع الإنتاج لدى كل من إيران وفنزويلا وليبيا، وبالتالي الابتعاد عن فخ الاستحواذ على حصصها، حتى أن المملكة العربية السعودية هي الأخرى قد خفضت من إنتاجها مثلا في شهر أفريل الماضي بمقدار 820 ألف برميل، وهو ما يمثل 256% تخفيضا عن حصتها المتفق عليها. إضافة إلى أن اجتماع «أوبك +» المقبل سيأخذ بعين الاعتبار التوقعات القائمة حول إمكانية استمرار تراجع منسوب الاستهلاك العالمي من النفط، بسبب تصاعد حدة التوترات التجارية وتأثيراتها السلبية على معظم الدول الاقتصادية الكبرى في العالم. كما أن تعميق التوافق من جديد داخل «أوبك +» سيكون التعويض المقبول على عدم إمكانية طرح «ميثاق لتكتل مؤسسي نفطي جماعي جديد» يستوعب «أوبك +» إضافة لشركاء جدد، في مواجهة صعود أمريكا كقوة هيمنة نفطية جديدة تستهدف الاستفراد بالأسواق النفطية والانفراد بقيادتها والهيمنة عليها، هذا الميثاق الذي أنهت روسيا وضع اللمسات الأخيرة عليه. لكن سيتم إرجاء طرحه لتفادي مواجهة محتومة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي تهدد بإقرار قانون «نيوباك»، الذي سيعتبر بأن هذا الكيان المؤسسي الجديد هو شكل من أشكال الاحتكار المضر بالمواطن الأمريكي !! شبح النفط الصخري الأمريكي - لكن ماهو تأثير الإنتاج الأمريكي على منحى أسعار؟ - بالرغم من إقرار الجميع بأن النفط الصخري الأمريكي أصبح شبحا يرعب برميل النفط ويضغط عليه ليبقيه قابعا داخل منطقة «التجويف السعري»، حيث بلغ الإنتاج الأمريكي من النفط مع نهاية شهر ماي الماضي مستوى قياسيا جديدا وصل12,4 مليون برميل يوميا، مع وجود توقعات بإمكانية تسارع إنتاجه ليقفز في شهر جويلية المقبل إلى مستويات قياسية جديدة، رغم هذه القوة من الإنتاج التي بلغها النفط الصخري الأمريكي، وتداعيات ذلك في إضعاف البنية السعرية للبرميل، فإنه في هذه الأثناء تلوح مؤشرات جديدة ايجابية، قد تدفع سعر النفط نحو الأعلى، على غرار عودة الأمل بإمكانية التوصل إلى اتفاق تجارة «من نوع ما» أثناء قمة مجموعة العشرين التي ستنعقد باليابان قبل نهاية هذا الشهر. - كيف ترون دور الجزائر خاصة على صعيد التقريب بين وجهات النظر والتأثير على مسار الاتفاق؟ - تعد الجزائر العضو النشط الفاعل ضمن مجموعة المتابعة الخماسية تبقى دوما تقوم بدور إيجابي لدعم مسار توازن أسواق النفط، ودعم المنحى المغذي لصلابة سعر برميل النفط. ولها سجل ايجابي في بناء توافق حول خيار حماية الأسواق البترولية بما ينعكس بفوائد على جميع أطرافها والمساهمة في إعادة تحريك دوالي الاقتصاد العالمي بإخراجه من الركود.