كشف الدكتور حلمي عبد الكريم الزعبي الخبير في الدراسات السياسية الوجه الآخر للدولة العبرية المناقض للصورة المقدمة للرأي العام على أنها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط. وأظهر الدكتور في ندوة نقاش بمركز »الشعب« للدراسات الاستراتيجية الطرق المعتمدة من اسرائيل في سبيل تأمين الذات، وتحصينها من المخاطر العربية. وهي مسألة تعتمدها الدولة منذ اقامتها بعد الحرب العالمية الثانية، وتسوق الفكرة للاستعطاف وكسب المودة والمساندة على أنها تعيش بلا تقوف على التهديد العربي الرافض لها. وخاضت الدولة العبرية على مدار السنين حروبا ضروسة مع جيرانها العرب، ناجحة بامتياز في جعل انتصاراتهم هزائم وانبطاح، بدليل أن الاستراتيجية العربية المنتهجة ضد هذه الدولة التي تجد الرعاية المطلقة من الدولة الأولى في العالم، وتناصرها ظالمة على الدوام تغيرت رأسا على عقب. وتحولت من المواجهة الدائمة إلى التطبيع الدائم وقلب صورة الماضي المليئ بالتناحر والتصارع ولم تقو الدول العربية الرافضة الاستسلام لكن دون التمادي في المقاومة من كسر هذا الطرح، وحصاره، وعدم فسح المجال له للانتشار والاستحواذ على القرار العربي. وبالمقابل انساقت دول كثيرة مؤثرة وراء طرح مهادنة اسرائيل بدل مواجهتها بالتي هي أقوم، وفرض هذا التوجه منذ توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد، والخروج الأبدي من خط النار.. وبعدها بدأت الدول العربية تسقط الواحدة تلو الأخرى في المخطط الغربي بزعامة أمريكا، والاندماج فيه محاولة وضع استراتيجية الاحتواء، وهي استراتيجية تجعل الدول العربية القابلة لهذا التوجه أن تتواجد على نفس الخط مع إسرائيل، وتسير على نفس المحور دون الابتعاد عنه قيد أنملة. ومن هذه الزاوية بات الأمن الوطني للدول العربية المختارة لهذه السياسة يتقاسم نفس أهداف وغايات الأمن الاسرائيلي الذي هو جزء لا يتجزأ من الأمن الأمريكي في أبعد منطلقاته. ولا نتفاجأ في شيء مثلما أكد عليه النقاش بندوة »الشعب« الفكرية، في تحرك الولاياتالمتحدة وحرصها على توفير الحماية للأنظمة العربية الملتزمة بعدم الدخول في مواجهة مباشرة مع اسرائيل. وعلى العكس من ذلك كان التحرك من أجل ضرب دول مناوئة، وتغيير أنظمتها ولو باستعمال القوة المسلحة خيارا مناسبا حدث هذا في العراق، ويحدث مع دول عربية رفضت الاستسلام مهما كان الثمن!