سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السكان إختاروا المغامرة بعائلاتهم ودفعهم للجريمة والأمراض الوبائية “الشعب” تدخل مواقع الأودية الآهلة بالسكان بعدما قتلت أزيد من 20 شخصا بالشلف وعين الدفلى
لازالت معضلة السكنات القصديرية المقامة على ضفاف الأودية والمجاري المائية تثير هاجس العائلات والسلطات المحلية بعدة بلديات بولايتي الشلف وعين الدفلى، نظرا للأخطارالمهددة لأمن هؤلاء الذين يغامرون بحياة أبنائهم رغم القرارات والتعليمات الصادرة عن وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتي تمنع من إستغلال هذه الأمكنة ذات التربة الهشة والمعرضة باستمرار لظاهرة الفيضانات والسيول الطوفانية التي سبق وأن سجلت مآسي وضحايا في الأرواح وخسائر مادية كلفت خزينة الدولة الملايير خلال ال 10 سنوات الماضية، حسب المعلومات الموجودة بحوزة “الشعب” والخاصة بالولايتين. وبحسب المعطيات الميدانية وتصريحات المنتخبين وقاطني هذا النوع من السكنات الهشة والقصديرية والتي تسعى السلطات العمومية بالولايتين من خلال البرامج المسطرة الى القضاء عليها ومعالجتها ضمن الأولويات المحددة لتحسين الإطار المعيشي للسكان ورفع الغبن عنهم حفاظا على الأرواح والجانب الصحي الذي تهدده الأمراض المتنقلة عبر المياه والحشرات والحيوانات التي أوكلت للجنة الولائية المكلفة بهذا الملف الذي أعطى نتائج مشجعة، حسب التحقيق الميداني الذي باشرت به “الشعب” منذ مدة ضمن ملفاتها التي لقيت صدى واسعا لدى الجهات المعنية والسلطات والسكان على حد سواء. حصيلة الضحايا دقت ناقوس الخطر بتسجيلها أزيد من20 قتيلا وحسب كرونولوجيا المآسي المسجلة بولايتي الشلف وعين الدفلى خلال ال 10سنوات المنصرمة، فإن عدد الضحايا المسجل جراء الفيضانات التي جرفت عدة عائلات كانت تقطن بوسط وضفاف الأودية قد بلغ ما يزيد عن 20 قتيلا في مواقع مختلفة خاصة في بلدية عين التركي بولاية عين الدفلى والتي فقدت 5 من أبنائها مع تسجيل خسائر مادية وضياع عشرات الرؤوس من الماشية والأبقار، بعدما جرفت المياه المنحدرة من وادي سلسلة زكارالذي اتخذته بعض العائلات مكانا لتشييد سكنات بدون رخص للبناء ذات معايير تقنية، حسب ما إلتقطته عدسة “الشعب” آنذاك. كما عرفت ولاية الشلف أحداثا مؤلمة خلال هذه الفترة، حيث قتل 7 أفراد بمدخل منطقة تنس بالمكان المسمى وادي علالة الذي يسحب مياهه من بلديتي أبو الحسن وسدي عكاشة، مخلفة خسائر مادية هائلة، فيما سجل ضحايا آخرين بكل من الشرفة وعددهم 3 أشخاص بعاصمة الولاية وكذا بلدية الكريمية والهرانفة وتلعصة وبني راشد. هذه الحصيلة المرعبة التي تسببت فيها بالأساس البناءات العشوائية على ضفاف الأودية ووسطها، جعل مصالح الدولة تدق ناقوس الخطر لوضع حد للظاهرة التي جعلت العائلات المقيمة بذات الأمكنة تتعرض لتفاصيل حوادث مؤلمة إهتز لها الوعي الجمعي للمواطنين الذين طالبوا بتطبيق الإجراءات الردعية ضد هؤلاء الذين يرمون أنفسهم وأولادهم للتهلكة -على حد قول السكان المجاورين لهم وممن شاركوا في الحملات التضامنية- التي هب إليها الشعب من عدة ولايات لمواساة المتضررين وأسر الضحايا. تعليمة وزارة الداخلية لمحاربة الظاهرة وتنقية الأودية يخترقها السكان ومع تسجيل هذه الخسائر في الأرواح وضياع للممتلكات، بعد معاينة وزراء الحكومة، أقرت السلطات العليا منع إقامة سكنات هشة بوسط محيط الأودية وعلى ضفافها كوقاية لعدم تكرار شريط المآسي المسجلة، مع تنقية هذه الأودية من طرف المصالح المعنية وتسهر على تنفيذ هذه العملية اللجنة الولائية المشكلة من عدة قطاعات، وهو ما تم تنفيذه عدة مرات، لكن الغريب في الأمر أن عدد من العائلات لازالت تلقي بنفسها للتهلكة، حسب الوضعية التي عايناها وأكدها لنا المنتخبون في عدة مواقع وبلديات من الولايتين، وهذا رغم الخطورة والمغامرة التي تقدم عليها هذه العائلات، ناهيك عن الأضرار الصحية والروائح الكريهة التي صارت مصدر الأمراض التنفسية المسجلة في بعض المواقع. الأودية موطن لعشرات العائلات بالعبادية وبريرة ووادي الفضة... مبررات وحقائق وبحسب التصريحات التي جمعناها، فإن العائلات المقيمة حاليا بضفاف الأودية ووسطها، تكون قد استقرت بذات الأمكنة الخطيرة طمعا في الحصول على سكنات أو لداعي أزمة السكن الناجمة عن الإنفجار السكاني الذي تعرفه هذه المدن، أو بسبب النزوح الناجم عن الوضع الأمني الذي عرفته هذه الجهات، كما هو الحال بوادي الفضة، أين تخاطر أزيد من 60 عائلة بأمن أفراد عائلتها في حالة حدوث طوفان أو فيضانات بهذا الوادي المنحدر من سد بلدية الكريمية وحرشون. وحسب رئيس البلدية، فإن نسبة تم التكفل بها، أما البقية تم إحصاؤها من طرف مصالحنا ضمن برنامج القضاء على السكنات الهشة، موضحا أن عددا آخر من أمثال هؤلاء قد استقروا قبل 2007، وهو ما يعني التعامل مع هذه الحالات وفق تعليمات الوالي الرامية الى تحسين ظروف محيط المعيشة والحفاظ على أمن العائلات، حيث اتخذ ذات المسؤول الأول بالولاية إجراءات قوبلت بإرتياح السكان وهذا برفع حصة السكن الريفي التي وصلت الى 500 وحدة سكنية، أضيفت لها مؤخرا 60 إعانة تجري دراسة ملفاتها على مستوى الدائرة، لكن بالمقابل إعتبر السكن الإجتماعي هو النقطة السوداء والتخلص من الضغط لتفريغ هذه الأودية من ساكنيها سيكون بالإنطلاق في هذه المشاريع السكنية التي استفادت من أوعية عقارية، مؤخرا بعد السعي لدى السلطات المركزية للقضاء على معاناة السكان بهذه المنطقة التي استعادت عافيتها الأمنية وتنميتها المحلية، حسب محدثنا. أما ببلدية بريرة الريفية والواقعة بالجهة الشمالية لعاصمة الولاية، فإن 15 عائلة لازالت عرضة لأخطار فيضانات وادي بوزاهر، مما جعل المصالح البلدية تقترح عملية لحماية المنطقة، في انتظار استفادتها من برنامج سكني، كون الحصة التي منحتها الولاية مكنت من القضاء شبه الكلي على تلك النقائص بعد توزيع حوالي 1000 وحدة سكنية. من جهة أخرى، فإن حالة أزيد من 350 عائلة بالعبادية بعين الدفلى بعضها تقطن في “فم الوادي”، كما يحلو لهؤلاء تسمية الموقع الذي يشغله البعض تزداد سوءا بسبب طول المدة في معالجة هذا الملف المتعلق سببه بالنزوح الذي شهدته عدة مناطق من بلديات عين بويحي وتاشتة والعبادية. غير أن الإجراء الأخير لوالي الولاية ببناء سكنات لهؤلاء قد يخفف من المعضلة التي تواجه هذه العائلات التي ساءت أحوالها وظروفها المعيشية. أمراض وبائية.. والوقاية تأتي من المواطن نفسه لإنقاذ عائلته من الجريمة ليس من السهل تصور حجم الأضرارالصحية التي يتخبط فيها هؤلاء القاطنين وسط مواقع التعفن والأمراض والأوساخ التي تحيط بهم من كل جانب. حيث توصلت الكشوفات الطبية أثناء عمليات التشخيص الى ربط معظم الحالات المرضية بأسباب قلة النظافة والروائح الكريهة التي تعمل على إضعاف جهاز المناعة ونحافة الجسم وتشعب الأوبئة المزمنة كضيق التنفس، حسب تصريحات الأطباء المختصين الذين أكدوا لنا أن طرق العلاج ومدته تستمر وقتا طويلا، وهو ما يؤثر على هذه العائلات وأبنائها في ظل ضعف الإمكانيات المادية ومصادر الرزق الشحيحة، يقول محدثونا، الذين فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم ل “الشعب”. فتحديد هذه المسؤولية التي يصنفها البعض في خانة الجريمة في حق العائلة والأطفال الأبرياء الذين يخضعون لسلطة الأب الذي يجر بهم في مصير مجهول ووضع إجتماعي ونفسي خطير، والذي عادة ما تكون إفرازاته كارثية، حسب بعض الأساتذة المختصين في علم الإجتماع والنفس، حيث يترتب عن هذه الأوضاع سلوكات عدوانية وحالات من التشرد، حيث أثبتت الدراسات التي تقوم بها مصالح الأمن في كل من ولاية الشلف وعين الدفلى أن مرتادي العمل الإجرامي ينحدرون من هذه المواقع المتعفنة والتي يضعف فيها الوازع الأخلاقي والإجتماعي والإنساني بالإضافة الى انعدام المسؤولية. لذا فمهما حاولت السلطات المحلية من إجراءات ردعية ومحاربة الظاهرة، لأن التحرك يبقى آني، إن لم تتحل هذه العائلات بالشجاعة والمبادرة من أجل وقاية نفسها وإنقاذ أفراد عائلتها من خطر هذه الأمراض وهي تعد جريمة في حق الإنسانية التي يبرر وجودها بعدم حصوله على سكن. مشاريع لحماية الأودية من الفيضانات وإعادة توجيه مجاري المياه الفاتورة الباهضة التي تكلفها الظاهرة على المستوى البشري والمادي عجلت بتسجيل عمليات كبرى كلفت خزينة الدولة عشرات الملايير، كما هوالشأن ببلدية عين التركي بولاية عين الدفلى، حيث خصصت ما يفوق 109 ملايير سنتيم، حسب رئيس البلدية عبد القادر بوكدرون وهذا لحماية المنطقة وتغيير مجرى الواد كحزام على ضفاف جبال زكار من الجهة الغربية بواسطة قناة عملاقة، بالإضافة الى إعادة شبكة الماء الشروب والصرف الصحي، وبناء مساكن للمتضررين كما هو الحال بواد الناموس ومركز البلدية. أما فيما يتعلق بمصير سكان حي الزيتون بالعبادية، فقد برمجت السلطات الولائية حصة سكنية لترحيل هذه العائلات الى موقعين بالقرب من المقبرة المسيحية وحي سدي ساعد، حسب رئيس البلدية محمد بستي، الذي أكد لنا حرص الوالي على إجتثاث هذا الحي الذي مازال مصدر الأخطار والآفات الإجتماعية ومظاهرها المشينة التي شوهت النسيج العمراني. ولكن بمنطقة تنس بولاية الشلف، فقد كلفت عمليات التدخل وإصلاح مواطن الكارثة التي ضربت الجهة بإقامة سكنات جديدة وهو عبارة عن حي بأكمله بالمدخل الجنوبي لذات المدينة الساحلية. كما وضعت قناة عملاقة وحاجز إسمنتي واقي لحماية المدينة، وهو ما قلل من الأخطار، في انتظار حملة تصدي واسعة لكل السكنات التي يقيمها أصحابها من حين الى آخر، وهو ما تجسد بواد الفضة وبريرة وغيرها من الجهات وهذا بهدف إدراجهم ضمن برنامج السكنات الهشة التي خصصت لها الدولة ميزانية ضخمة، كما صرح السيد محمود جامع لجريدة “الشعب” خلال الأسبوع المنصرم، أين شدد على إنهاء البرامج السكنية الريفية والهشة في وقتها المحدد، حسب قوله. الأودية مكان لرمي المزابل رغم وجود الحاويات قد لا نجد تفسيرا لظاهرة إغراق الأودية بالمزابل، إلا من حيث أن المشهد أصبح مقلقا رغم المجهودات المبذولة لتحسين الإطارالمعيشي ونظافة المحيط، وهذا بوجود حاويات وأماكن مخصصة لجمع النفايات المنزلية، غير أن ذوي العقول والنفوس الضعيفة تفضل رمي هذه الفضلات داخل الأودية وهو ما يتسبب في تضييق مجرى الأودية وانسدادها أثناء هطول الأمطار، الأمر الذي يجعل مسؤولية المواطن مباشرة في حدوث الظاهرة التي ستعرضه للهلاك، كما هو الشأن بواد تيسيغاوت بعاصمة ولاية الشلف وواد بوقلي بالعبادية. هذه الوضعية تتطلب إجراءات ردعية وصارمة ضد المتسببين في هذا المشهد من طرف مصالح النظافة التي مازال دورها في حاجة الى تفعيل في هذا المجال، كما أصبح من الضروري القيام بعمليات تحسيسية ضد مخاطر هذه الوضعية وهذا بمشاركة الجميع بما فيها الحركة الجمعوية من نشاطات جمعيات أولياء التلاميذ ضمن خرجات ميدانية توعوية، حسب الآراء التي جمعناها من مصادرمختلفة من الشرائح الإجتماعية بالولايتين.