بذاكرة مازالت تحتفظ بصورة الجريمة البشعة، وبكل تفاصيلها رغم عامل البعد عن المكان عادت المجاهدة باية ماروك إلى مجرزة 17 أكتوبر 1961 التي راح ضحيتها في ذلك اليوم عشرات الجزائريين المهاجرين بفرنسا، بعد أن ألقت بهم الشرطة الفرنسية في نهر السين إثر ارتفاع أصواتهم المنددة بالتمييز العنصري الممارس في حقهم. المجزرة كشفت وجه الاستعمار الحقيقي وقالت المجاهدة ماروك، في حديث خصت به »الشعب«، بمناسبة إحياء الذكرى، أن مظاهرات 17 أكتوبر 1961، هي امتداد للمظاهرات السلمية التي قام بها الجزائريون في 11 ديسمبر 1960 لتأكيد مبدأ تقرير المصير للشعب الجزائري ضد سياسة الجنرال شارل ديغول الرامية إلى الإبقاء على الجزائر جزء من فرنسا وضد موقف المعمرين الفرنسيين الذين كانوا يحلمون بفكرة الجزائر فرنسية. وكما انتفض الجزائريون داخل الوطن للمطالبة بحقهم في تقرير المصير-تضيف المجاهدة ماروك- تضامن المهاجرون المقيمون بفرنسا مع قضية الوطن، حيث خرجوا بالعشرات في مظاهرة سلمية ضد التمييز العنصري، قابلتها السلطات الفرنسية بأساليبها الوحشية والقمعية التي دأبت على استعمالها في مثل هذه الأحداث، وذلك بإلقاء الآلاف منهم في نهر السين، مثلما سبقت وأن رمت بالمتظاهرين في مسيرة 11 ديسمبر 60 في وادي الحراش بالعاصمة. وأوضحت المتحدثة أن هذه الوحشية تسببت في سقوط العديد من الشهداء، تفاوتت أعمارهم، فلم يسلم من سوط العذاب الفرنسي لا الكبير ولا الصغير، لا المرأة ولا الرجل، وتكفي صورة فطيمة بدار صاحبة ال15 سنة كدليل على جرائم فرنسا المرتكبة في حق المهاجرين الجزائريين. وسلطت المجاهدة ماروك الضوء في حديثها، عن الأساليب الوحشية التي كان يستعملها الجنود الفرنسيون لترويع الجزائريين ولاسيما النساء اللواتي أثبتن قوتهن، في محاربة العدو حيث كانت تتعرض الحوامل منهن إلى عملية بقر بطونهن بالسكين لقتل أجنتهن أو ما اصطلح على تسميته المستدمر ب"الفلاقة الصغار". من جهة أخرى، انتقدت المجاهدة بالناحية الرابعة، ما أسمته سياسة التفضيل المنتهجة من قبل القائمين على إعداد الاحتفالات بالأعياد الوطنية داعية هذه الفئة إلى إعطاء الحق لكل مجاهد لإدلاء بشهادته في مثل هذه المناسبات، وعدم احتكار المنصة لشخصيات محددة، فالحرية كما قالت استرجعها الشعب الجزائري وليس شخص معين. رمي جزائريين في نهر "السين" امتداد لديكتاتورية كولونيالية أما المجاهدة نصيرة حرتوف، فتوقفت بدورها عند الذكرى وآلامها، مستحضرة تلك الصورة البشعة لموت الآلاف من الجزائريين في مياه نهر السين الباردة. وتأسفت المجاهدة حرتوف، في حديث لها مع »الشعب« لما حدث يوم 17 أكتوبر 61، معتبرة المجزرة امتدادا لديكتاتورية فرنسا الكولونيالية التي سلطتها على الشعب الجزائري منذ 1830. وقالت أن فرنسا مهما حاولت التستر على جرائمها، فإن التاريخ سيكشفها عن طريق شهادات العديد من المجاهدين والمواطنين الذين ما زالت ذاكرتهم تختزن صورها. ووجهت المجاهدة رسالة للشباب، تطالبهم فيها بمواصلة حمل مشعل المجاهدين والشهداء والمساهمة في بناء الجزائر ثقافيا، واقتصاديا، والمحافظة على وصية الأجداد بحماية الوطن وصونه من كل الأخطار. واغتنمت المتحدثة المناسبة لتضم صوتها لصوت المطالبين فرنسا بتقديم اعتذارها عن الجرائم التي ارتكبتها في الجزائر، داعية السلطات العليا للبلاد إلى التحرك لتقديم طلب رسمي بذلك، يسمح باسترجاع حقوق الشعب الجزائري المهضومة.