كانت الساعة الخامسة والنصف عندما دخلنا محطات السكك الحديدية بالعاصمة (محطة آغا والمحطة المركزية بالسكوار) حيث كانت الحركة منعدمة تماما بفعل حركة الاضراب التي شنه عمال القطاع منذ أيام والتي خلقت اضطرابا كبيرا في نقل المسافرين بالعاصمة وضواحيها. قامت أمس »الشعب« بجولة استطلاعية لمحطتي نقل المسافرين بالحافلات لضواحي العاصمة لنقل معاناة المواطنين الذين افتقدوا لخدمة القطار منذ 4 أيام بسبب الاضراب الذي يشنه عمال السكك الحديدية حيث وقفنا على معاناة كبيرة سواء للمغادرين العاصمة أو القادمين اليها. وكشف »د.مراد« (35 سنة)، موظف بشركة عمومية اقتصادية ببودواو، عن المأساة الكبيرة التي يعيشها منذ أيام فبعد ان كان يتنقل بالقطار من محطة آغا نحو مقر عمله في 40 دقيقة أصبح اليوم يتنقل في الحافلة التي تستغرق أكثر من ساعتين للوصول الى بودواو في ظل تدهور حالة الطرقات وكثرة المحطات وتعنت عمال قطاع النقل بالحافلات الذين يفرضون منطق الغاب فتخيلوا من محطة ساحة أول ماي الى الديار الخمس نستغرق حوالي 40 دقيقة واجتياز محطة الخروبة لوحدها يتطلب أكثر من 20 دقيقة بسبب اشغال الترامواي وهو ما يخلق لنا حالة من التوتر والقلق. وأضاف المتحدث أنه بات متوترا جدا من كثرة التأخر وتضييع الوقت في وسائل النقل التي باتت لا تطاق. وأضاف »فيصل.ك« ( 40 سنة)، يقطن بهراوة ويعمل في محطة لغسيل السيارات، أن الحافلة تستغرق من عين طاية الى الجزائر العاصمة 50 كلم حوالي 3.5 ساعة موضحا بان ثلث حياته ذهب في الحافلة وخاصة هذه الأيام التي تشهد اضراب عمال السكك الحديدية فمن قبل كنت أتنقل في القطار نحو محطة الرويبة ثم أغير الخط نحو مدينة عين طاية في ظرف لا يتعدى ساعة ونصف ومنذ أيام ونحن نعيش مأساة حقيقية وخاصة في أوقات الذروة. وتعرف مناطق جنوب العاصمة كبراقي والكاليتوس والأربعاء نقصا فادحا في حافلات نقل المسافرين حيث بات الحصول على مقعد في الحافلات صعبا للغاية في ظل الاكتظاظ وكثرة الموظفين الذين ينشطون بالعاصمة وامتدت الأزمة الى احياء عين النعجة وجسر قسنطينة والحراش الذين يعتمدون بشكل كبير على القطار في حركة التنقل، وهو ما أوضحه لنا مصطفى بوقرة، مساعد صيدلي ببراقي، حيث أكد أنه كان ينتقل من الدارالبيضاء الى الحراش عبر القطار ليغير الخط نحو براقي لربح الوقت بينما ومنذ دخول عمال السكة الحديدية في اضراب بات يعيش جحيما حقيقيا وقال بانه بات ينهض على الخامسة صباحا لتفادي الازدحام وفوضى النقل التي تزداد من يوم لآخر. وطلب منا بعض المواطنين الاطلاع على أعمار الحافلات خاصة على مستوى خطوط عين طاية وبراقي ودرقانة التي تفوق العشرين سنة وتفتقد لأدنى شروط النظافة والسلامة ورغم ذلك مازالت تنشط وتعمل. ووصل تأثير الاضراب على الطلبة الذين يستعملون القطار للتنقل الى العاصمة لمزاولة دراستهم، حيث أكد لنا مجموعة من الطلبة من ضواحي شرق العاصمة عزوف الكثير من الفتيات عن الالتحاق بالجامعات وخاصة جامعة باب الزوار والخروبة وحتى الجامعة المركزية بسبب عدم قدرة الحافلات على توفير أماكن لتنقلهم، كما أن كثرة المضايقات والتحرشات ساهمت في انتظارهم حل مشكلة عمال النقل بالسكك الحديدية، كما أن حافلات النقل الجامعي لم تعد تلبي الحاجة بسبب ضعف عدد الحافلات المخصص لطلبة ضواحي العاصمة. الازدحام يضاعف مآسي النقل في الحافلات وبالمقابل وفي ظل ضعف عدد الحافلات وافتقادها لتوقيت معين يصطدم سكان ضواحي العاصمة بالازدحام الذي تشهده الطرقات على مستوى العديد من المحاور أو الطرق التي تؤدي الى العاصمة فبالطريق الوطني رقم 5 تتسبب نقاط التفتيش على مستوى الرغاية وحي الموز في حوالي 1.5 كلم من الازدحام وقد تصل في الصباح الى أكثر من ذلك بكثير كما يعاني قاصدو العاصمة من ناحية براقي وطريق المطار بن عكنون من نقطة تفتيش أخرى تجعلك تتظر أكثر من ساعة لاجتيازه في بعض الأحيان. ويستغل أصحاب الحافلات هذه الوضعية لفرض منطقهم، حيث يملأون الحافلات بأكبر قدر ممكن من المسافرين ويسيرون بسرعة بطيئة ويتعمدون التوقف في جميع المحطات لزيادة المداخيل على حساب كرامة المسافر التي تهدر في كل ثانية كما اشتكى الكثير من الاعتداءات داخل الحافلات وانتشار السلوكات الشاذة في مناظر مخزية. يتم كل هذا في ظل غياب الردع والرقابة الصارمة لقطاع الخدمات.