شدد نواب المجلس الشعبي الوطني خلال اليوم الثالث من تشريح ومناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2012، على ضرورة تكثيف اليقظة وتفعيل آليات الرقابة على المال العام وحمايته من الاختلاس، واستبعدوا النهوض بتنمية حقيقية بعيدا عن ترشيد فعلي للنفقات واسترجاع المال الذي قالوا أنه نهب بطرق ملتوية على غرار ما أنفق في إطار الدعم الفلاحي، لفلاحين وصفوهم بالوهميين، واحتل انتقاد التكفل بمرضى السرطان حصة الأسد من تدخلات النواب. عاد النواب كعادتهم ليصبوا الشق الأكبر من انشغالاتهم حول قضايا محلية لمغازلة من انتخبهم في العهدة التي توشك على نهايتها، ورافعوا عن مسائل لا تعني سوى فئة قليلة، غير آبهين بالتحديات الكبيرة التي يترقبها الجزائريون. وفي قاعة شبه فارغة، خرج نواب النهضة عن صمتهم ليطالبوا بصريح العبارة بفتح تحقيق للوقوف عن الأسباب التي حالت دون تتويج الدعم الفلاحي بإنتاج يغني الجزائر عن استيراد الخضر على غرار مادتي الثوم والبصل، من خلال تدخل النائبين صالح أبو بكر وخليفة مسعودي، حيث اعتبرا أن السياسة المالية في الجزائر مازالت هشة وضعيفة، وتساءل صالح أبو بكر عن حقيقة وصول الدعم إلى يد الفلاح الحقيقي؟ ولم يخف تعجبه من عدم تمكن الجباية العادية من تغطية سوى نسبة 35 بالمائة من ميزانية التسيير، وخلص إلى القول مستفهما لماذا نأكل ونلبس ونجهز من البترول؟.. أين الخلل؟.. هل هو التهرب الضريبي؟.. يجب استدراك الوضع قبل فوات الأوان.. بينما النائب خليفة مسعودي ألح بدوره على استرجاع المال الذي ذهب بغير وجه حق وتحت مظلة دعم الفلاح إلى جانب ترشيد النفقات. ويرى محمد بوبكر نائب حركة مجتمع السلم أن الإشكالية تكمن في وجود قصور في الاستشراف، وتأسف كون التصدي للبطالة لم يعثر له على أثر في ميزانية 2012. واغتنم الفرصة ليقترح وضع احتياطي الصرف في الشركات الاستثمارية الكبرى ذات الأسهم الكبيرة، مقترحا نظاما جبائيا حديثا. ودافع كمال بوشوشة نائب حزب »الأرندي« عن الطرح الذي يراهن على الاستثمار المنتج لأنه حسبه الحل الوحيد للتخلص من التبعية لثروة المحروقات واقترح من جانب آخر إعادة بعث المؤسسات الاقتصادية من جديد، ومساعدتها على الإنتاج، مع تكثيف اليقظة والرقابة على المال العام وحمايته من النهب والاختلاس. وتساءل بلقايد عبد العزيز نائب حركة مجتمع السلم عن العائق الذي حال دون إعداد النصوص التنظيمية للصندوق الوطني للسرطان، ونفس الموضوع سلطت عليه الضوء نائبة »الأفلان« يمينة شريف، والتي تأسفت للنقص الفادح في التكفل بمرضى السرطان، وعدم احترافية مصالح الاستعجالات وقالت حان الوقت لفصلها عن المستشفيات وفتح واحدة على مستوى كل ولاية. وركز دريس فاضل على أهمية تحقيق التوازن الفعال لإخراج الاقتصاد الوطني من تبعية المحروقات لكن بشرط تحديد جدول زمني مضبوط، ويتوقع أن يسمح هذا الإقلاع باقتحام الإنتاج الجزائري الأسواق الدولية. وذهب العديد من النواب إلى اشتراط في خطاباتهم أي إصلاح اقتصادي بتكريس إصلاح سياسي يسبقه وتقاطعوا حول مسألة عقبة الإقلاع الاقتصادي ومشكلة عدم قدرة الجزائر على تفعيل الاستثمار رغم توفر كل شيء.