كشف السيد جان مارك يان، مدير عام شركة تسيير وتطهير المياه بالجزائر ''سيال'' عن رصد غلاف مالي بقيمة 63 مليار دينار خلال الخمس سنوات القادمة ؟أي إلى غاية 2016 للاستثمار وتحسين الهياكل القاعدية، وفقا للعقد المبرم الذي يربطها بوزارة المالية، مقابل 27 مليار دينار لنفس الغرض بالنسبة للعقد الأول. ويكاد هذا المبلغ ؟أي 63 مليار دينار- لا يمثل أي شيء يذكر بالنظر إلى الغلاف المالي الضخم غير المسبوق الذي خصصته الدولة خلال العشرية الماضية وقدره يزيد عن 25 مليار دولار، لمواجهة الاحتياجات المتزايدة في مجال المياه، وفق ما أعلن عنه وزير الموارد المائية السيد عبد المالك سلال أمام المشاركين في أشغال اليوم الدراسي التقني حول'' : تطوير التسيير المنتدب للمياه في الجزائر'' المنعقد مؤخرا بوهران، وشاركت فيه ''سيال'' إلى جانب الشريكين الأجنبيين الآخرين ''سيوز'' العاملة بوهران، و''سياكو'' بقسنطينة. ويعد تجديد العقد بقيمة تقدر ب107 مليون أورو، اعترافا صريحا من السلطات العمومية الجزائرية بنجاح تجربة ''سيال''، وهو ما يضاعف ؟بالتأكيد- من التحديات والرهنات القائمة خصوصا وأنه يمدد هذه المرة من اختصاصها إلى ولاية تيبازة، وهذا في حد ذاته رهان هام. وعن تجربة ''سيال'' خلال السنوات الخمس الماضية وإستراتيجيتها المسطرة الرامية إلى تكريس نجاحها في التسيير المنتدب للمياه يتحدث ل''الشعب'' مسؤولها الأول ؟صاحب الخبرة الكبيرة والمعرفة والدراية الواسعة بقطاع المياه- السيد يان وفيما يلي نص الحوار: ̄ الشعب: الآن وقد انتزعت ''سيال'' عقدا ثانيا للعمل خمس سنوات أخرى في الجزائر كيف تقيمون تجربة وحصيلة نشاط الشركة منذ 2006 إلى اليوم؟ ̄ ̄ جان مارك يان: التجربة كانت ناجحة بكل المقاييس والحصيلة المنجزة محفزة، بحيث تمكنت ''سيال'' من تجسيد الأهداف المسطرة وفق بنود دفتر الشروط المدرجة في العقد الأول، واغتنم هذه الفرصة لأثمن الجهود والتضحيات الجسام للسلطات الجزائرية لمعالجة أزمة المياه ليس على مستوى الجزائر العاصمة فحسب، بل على الصعيد الوطني انطلاقا من حرصها- ضمن سياسة التكفل بانشغالات المواطن- على تلبية حاجياته الأساسية وتحسين إطار معيشته. ̄ ما هي هذه الأهداف؟ ̄ ̄ الأهداف المجسدة في العقد المنقضي كانت محددة وقد فرضت نفسها بقوة، فعندما باشرنا العمل بالجزائر سنة 2006 صنفنا الأولويات، إذ كانت الحاجة الملحة آنذاك تتمثل في تحسين الخدمات المقدمة، وتوفير الماء الشروب لسكان العاصمة الذين عاشوا أزمة خانقة سنة 2000، الأمر الذي استوجب من السلطات الجزائرية التكفل بجد بهذا الملف. وفي ''خانة'' النجاح يمكن أن نذكر أيضا جانب آخر على قدر كبير من الأهمية في نظرنا، ويتعلق الأمر بنقل المعرفة والخبرة التي اكتسبتها ''سيال'' إلى الجزائريين وهذا في حد ذاته استثمار، علما أن التكوين في التكنولوجيات ومهن المياه يشغل حيزا كبيرا في برنامجنا، ولا أبالغ لو قلت أن مجموع عمال الشركة المقدر عددهم ب4600 عامل، استفادوا من برامج التكوين على مدار أكثر من 50 ألف يوم، أشرف عليها مكونون 90) من داخل المؤسسة( إلى جانب 800 شاب ومتربص تم التكفل بهم، وكنا قد انطلقنا بنحو 26 خبيرا أجنبيا وصار لنا اليوم بفضل تلك البرامج العديد من الخبراء الجزائريين. ̄ هل من أرقام محددة في الحصيلة يبرز هذا النجاح؟ ̄ ̄ بالتأكيد، الأرقام تتحدث عن نفسها فبخصوص الماء الشروب أمّنا منذ شهر أفريل 2010 تموين سكان العاصمة بهذه المادة على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع بنسبة 100 بالمائة، بعد أن كانت لا تتجاوز سنة 2006 ال8 بالمائة، وذلك بفضل وضع مخطط عمل مهيكل جدا أعد من طرف خبراء شركة ''سويز بيئة'' الفرنسية، أطلق عليه ''المفاتيح الأربعة ل24 ساعة''، وهي: مورد الماء، التحكم في أحجام المياه المحولة، تسيير شبكة التوزيع، ومكافحة التبذير، فضلا عن تحسين نوعية المياه. وأؤكد لكم بهذا الخصوص أن الماء الذي يتدفق من الحنفيات نقي جدا، وصالح للشرب بنسبة 100 ٪ وجيد للصحة، مع أنه ليس مكلفا ماليا بالنسبة للزبون ويظل رهاننا المحافظة على مصادر المياه وضمان توفرها للأجيال الحالية واللاحقة، إذ لابد من ترشيده، وعليه فقد برمجنا حملة للتحسيس والتوعية تمس المواطن مباشرة من مختلف الشرائح الاجتماعية، سننطلق فيها قريبا، تهدف إلى القضاء على تبذير المياه على مستوى الشبكة العمومية ، وكدا في البيوت. ولابد من الإشارة إلى أننا قمنا مند سنة 2006 بإصلاح أكثر من 100 ألف حالة تسرب مياه من الشبكة ، أي بمعدل يفوق 23 ألف في السنة ، و قمنا أيضا بتركيب أو إعادة تأهيل 300 ألف عداد في البيوت ، و قد أعطت هده العملية نتائج ايجابية بالنظر إلى حجم فواتير الاستهلاك. و في هدا الإطار - أي القضاء على تبذير المياه ؟ أدمجنا الأحياء التي هي في طور الانجاز وكذا القديمة ذات السكنات الهشة ، لنسجل نحو 120 ألف مشترك جديد. ̄ بالمناسبة ونحن نتحدث عن تحصيل الفواتير، هل لكم كلمة بهذا الخصوص أو تقييم العملية؟ ̄ ̄ لقد ضاعفنا منذ سنة 2006 من جهودنا وأقررنا بعض المبادرات لتحصيل الفواتير، ويجب القول إن الزبون الجزائري حافظ على تقاليده، حيث يعرف عنه التباطؤ والتلكؤ، وهذا مخالف لما هو شائع ومعمول به في عدة بلدان في العالم، لكن في النهاية يسدد ما عليه من تكاليف وديون، وقد سجلنا العام الماضي ارتفاعا محسوسا في عملية تحصيل مستحقات الشركة، إذ اتخذنا إجراءات صارمة تضاف إلى كون أننا نعمل على تحسين العلاقة مع الزبون. ̄ وماهي المشاريع التي تعكف سيال على تجسيدها والمدرجة في أجندتها؟ ̄ ̄ هناك من المشاريع التي قمنا بانجازها ما تستحق التنويه ونبدأ بمشروع تطهير واد الحراش الذي سيتحول مع حلول 2015 بعد الانتهاء من أشغال إنجاز مسجد الجزائر الأعظم إلى حديقة مماثلة لحديقة الحامة على مساحة طولها 30 كليومترا يجد فيها الكبار قبل الأطفال ما يجذبهم بفضل فضاءات الترفيه والتسلية التي توفرها لهم. ونقوم حاليا بصفة دورية بعملية إزالة الرائحة الكريهة المنبعثة من الوادي من خلال نظام خاص على شكل بخار، نالت استحسان السكان المجاورين له. وسنعمل من أجل القضاء، على جميع المشاكل التي يعرفها سكان المنطقة خصوصا المحاذين للوادي من جانب المياه القذرة التي تصب فيه، علما أن سيال مكلفة بانجاز جزء فقط من هذا المشروع الحضاري الهام، والعمل فيه لا زال في بدايته. وكنا قد قمنا بانجاز مشروعين على قدر كبير من الأهمية والنجاعة، يتمثل الأول في مركز المراقبة الذي دشنه رئيس الجمهورية في 24 فيفري 2008 بالقبة ، يندرج في إطار مخطط عصرنة تسيير المياه و تحقيق النجاعة المطلوبة في ظل توفر الأدوات التقنية و التكنولوجيات الجديدة التي تسمح بالتحكم أكثر في المجال ، مهمته تسيير ومتابعة مختلف شبكات توزيع المياه الصالحة للشرب والتطهير بالولاية، وفق نظم تكنولوجية متطورة، ويضم المركز أجنحة تقنية متنوعة تمكن من التحكم عن بعد والمتابعة الإلكترونية المباشرة لشبكات التوزيع ومنشات الضخ والتخزين والتدخل المباشر، انطلاقا من غرفة القيادة الرئيسية، مزودا بأحدث الوسائل التقنية والتكنولوجية على غرار الشاشة الالكترونية الكبيرة التي تضع أهم المعطيات والأحداث الجارية على مستوى جميع الشبكات بالولاية تحت تصرف فريق متخصص بالمركز الرئيسي . وفيما يخص تصفية المياه المستعملة رفعنا من نسبة معالجتها إلى 53 بالمائة بعد أن كانت قبل خمس سنوات لا تتعدى ال7 بالمائة وهذا ما انعكس إيجابا وبصفة ملموسة على المحيط البيئي، إذ يكفي أن نعرف أن عدد الشواطئ المسموح بها للسباحة على مستوى ساحل ولاية الجزائر صار اليوم 64 شاطئا من مجموع 72 شاطئ السباحة فيها ممكنة، ولم يكن عددهم يتجاوز 39 شاطئا سنة 2006. وبخصوص هذا الجانب في نشاط ''سيال'' الذي يحتل حيزا هاما في برنامجها أشير إلى أن شركتنا أحدثت بفضل الاعتماد على التكنولوجيا تطورا ملموسا من خلال تجديد الشبكة بنظام الإعلام الآلي جيوفيزيائي تعتمد فيه الفرق على المخططات، يمكن من تحديد أماكن التلف في الشبكة، وقمنا منذ وجودنا هنا بتشخيص 3800 كليومتر من هذه الشبكة، أي 100 بالمائة وإجراء عمليات تجريف مست 96 ٪ من الأنابيب المجمعة ، ناهيك عن ترقية 25 ألف مجرى. ويمكن أن نذكر ضمن المشاريع المنجزة، مركز المكالمات الهاتفية الواقع ببئر مراد رايس ويعمل على مدار الساعة، وكان في بداية دخول الخدمة يستقبل من خلال الرقم 1594 نحو 70 مكالمة في اليوم، تضاعف عددها 10 مرات، للإبلاغ عن أي عطل وكذا التسربات في شبكة التموين بالمياه الشروب والتطهير والمجاري، وحتى من اجل الاستفسار، قدرت فعاليته بنسبة 97 بالمائة. ̄ هل من رسالة توجهها بالمناسبة؟ ̄ ̄ بالتأكيد إنها رسالة تحسيس وتوعية أوجهها بالخصوص إلى أولئك الذين لا يقدرون قيمة الماء، فهذه الثروة يجب المحافظة عليها واستغلالها بعقلانية، ويشكل ذلك تحديا كبيرا بالنسبة للقرون القادمة، والدولة الجزائرية لم تبخل بإمكانياتها وقامت بواجبها وأكثر لتأمين الماء للسكان. ̄ كلمة أخيرة من فضلك؟ ̄ ̄ أنا فخور جدا بفريق العمل الذي يشكل أسرة ''سيال''، وهذا الفخر والاعتزاز يشمل مجموع العمال وإطاراتها والمقدر عددهم ب4600، كما أفتخر بسلوك المواطن الزبون وباحترامه لنا، ولما نقوم به من أجله.