أكد أمس محمود خوذري الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان أن المواطنة التي ينشدها الجزائريون، لا تختزل في بطاقة التعريف، أو جواز السفر وتتجاوز بلوغ سن الرشد القانوني للمشاركة في الانتخابات. وقال الوزير أنها كل ما يعزز ترسيخ الهوية الجزائرية، وحب الوطن والتمسك بمقدساته وتعزيز الرغبة في خدمته، وتقوية قيم التسامح، والتعاون والتكافل الاجتماعي التي تشكل الدعامة الأساسية للنهوض بالمشروع التنموي للمجتمع الجزائري، مشرحا تجربة الجزائر في مجال التغلب على التحديات والسير نحو رهان كسب التنمية المستدامة انطلقت فيها عبر تخفيض مديونيتها . قال محمود خوذري وزير العلاقات مع البرلمان خلال إشرافه على افتتاح اليوم البرلماني حول «المواطنة والتنمية المستدامة» ان التربية على المواطنة يعول عليها كثيرا في تحقيق التوازن بين كل ما هو محلي وعالمي من أجل التخفيف من وطأة آثار العولمة، وما أسفرت عنه من انهيار للحدود بين الثقافات المحلية والعالمية في إطار المحافظة على الهوية الوطنية والخصوصية الثقافية بشكل يضمن الانتماء الذاتي والحضاري للمواطن . واغتنم خوذري الفرصة ليقف على استراتجيات العديد من الدول التي ذكر أنها تتبنى سياسات اقتصادية تطمح إلى تحقيق النمو والتنمية والقفز عن طريق ذلك إلى سقف عالي من التنمية المستدامة . ويرى الوزير أن التمتع بالمواطنة يمنح المواطن مجموعة من الحقوق والواجبات ترتكز على أربع قيم جوهرية اختزلها في المساواة والحرية والمشاركة والمسؤولية الاجتماعية، مشيرا في سياق متصل أن قيمة المساواة تنعكس في سلسلة من الحقوق على غرار حق التعليم والعمل والجنسية والمعاملة المتساوية أمام القضاء، أما بخصوص قيمة الحرية قال أنها تتجلى في حرية التنقل داخل الوطن وفي حرية الرأي وحرية التأييد أو الاحتجاج حول مسائل مختلفة، وحرية المشاركة في العديد من النشاطات ذات الطابع الاجتماعي أو السياسي . وفيما يتعلق بقيمة المشاركة في العديد من الحقوق أفاد أنها تبرز بقوة من خلال الحق في التظاهر والإضراب كما ينص عليه القانون، وحق الانتخاب، وتأسيس الأحزاب السياسية والجمعيات، أو الانخراط فيها، أو الترشح في الانتخابات . ولخص الوزير المسؤولية الاجتماعية في مجموعة من الواجبات حصرها في واجب دفع الضرائب، وتأدية الخدمة العسكرية للوطن، واحترام القانون، وحرية الآخرين، وخلص خوذري إلى القول في هذا المقام أن جميع هذه الحقوق والواجبات كرسها الدستور الجزائري، والقوانين المستمد منه، وأن مدلول المواطنة يتقاطع مع الوطنية . وفي الشق المتعلق بالتنمية المستدامة راهن الوزير خوذري فيها على تحقيق التوافق والتكامل بين البيئة والتنمية عبر تبني نظام حيوي للموارد، ونظام اقتصادي واجتماعي من خلال القدرة على التكيف مع المتغيرات الإنتاجية البيولوجية للموارد الاقتصادية بطريقة منظمة وتكريس العدالة الاجتماعية لجميع فئات المجتمع بالإضافة إلى النجاح في التحكم في معادلة التوازن بين الاستهلاك والإنتاج لتحقيق التنمية المنشودة التي تهدف إلى التحسن المستمر في نوعية نمط الحياة والقضاء على الفقر، والمشاركة العادلة في تحقيق المكاسب للجميع مع تحسين المنتوجية، وتبني أنماط استهلاكية مستحدثة والانضباط في السلوكيات . واعترف وزير العلاقات مع البرلمان أنه خلال العقدين الفارطين، أن الجزائر دخلت مرحلة جديدة واجهت فيها تحديات، واعترضت تنميتها المستدامة صعوبات، على غرار أزمة المياه والغذاء والأزمة الأمنية، وارتفاع النمو الديمغرافي، وتدني مستوى الخدمات، وانهيار أسعار بعض المواد الأولية والمديونية الخارجية، وأكبر تحدي تطرق إليه الوزير بروز مظاهر الفساد، وتطرق إلى الجهود المبذولة لجعل التنمية المستدامة سلوكا يوميا، يهدف إلى الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية والنمو الاقتصادي المتوازن للأجيال الحاضرة والمقبلة مع انتهاج سياسات تنموية تكرس البعد البيئي لتفادي إحداث اختلال بالتوازنات الطبيعية، وأوضح الوزير أن العزيمة قائمة من أجل تخفيف المشاكل التي يتخبط فيها الجزائريون عبر استراتجيات التنمية الوطنية .