شكل الطلبة الجزائريون قوة فاعلة في تأطير الثورة التحريرية المجيدة بتقلدهم مناصب سياسية وعسكرية هامة بعد أن عبروا عن استعدادهم للكفاح من أجل التحرر بعد تشبعهم بالوطنية النابعة من خلفية شعورهم بظلم الاحتلال فتحملوا بذلك مسؤولياتهم بالمشاركة في ثورة التحرير والانصهار في العمل المسلح الثوري مؤكدين بذلك شعبية و شمولية الثورة. ويؤكد المجاهد صالح بن القبي ممثل حركة الاتحاد العام للطلاب المسلمين آنذاك انه على الرغم من أن أول نوفمبر لم يكن من صنع المثقفين بل من صنع الجناح المسلح سيما المنظمة الخاصة و الحركة الوطنية من حركة الانتصار وغيرها من التيارات السياسية التي كانت تنشط آنذاك إلا أن إيمان الثوار بان الشعب يتوق للحرية أدى إلى إلقائها بين أحضانه فتلقفها الشعب الجزائري بكل أطيافه ومشاربه و التحقوا بالثورة في أفواج متتالية ، و كان للطلبة مساهمتهم وهم الذين تشبعوا بقيم ومبادئ الحركة الوطنية. وحسب بن القبي فان البداية كانت من جامعة الجزائر الفرنسية و التي كانت تضم 6 آلاف طالب من بينها 400 طالب جزائري أما الثانويات فكانت تضم العشرات منهم فقط نظرا لان التعليم كان حكرا على الأوروبيين ، و رغم الضغوط التي كان يفرزها الواقع الاستعماري ، لم يمنعهم ذلك ، من التفكير والتطلع لتغيير وضعهم الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي الذي كانت تسيطر عليه فرنسا بترسانة من العتاد والجنود. فحاول الطالب الجزائري بعد أن تحسس انتصارات الثورة من خلال انجازاتها المحققة فرض وجوده هو الآخر من خلال تأسيس جمعيات وتنظيمات تمكنه من إظهار إمكانياته وطاقاته وإيصال طموحاته و نظرته المستقبلية ، و أول ما قام به الطلبة تأسيس منظمة الإتحاد العام للطلبة المسلمين بعد تسعة أشهر من اندلاع الثورة في شهر جويلية 1955. وحسب المتحدث فانه كان من بين أهم المؤسسين الطالب عبد السلام بلعيد ، أحمد طالب الإبراهيمي محمد بن يحيى ، عيسى مسعودي، محمد منور مروش، عبد الحميد مهري ، و هناك من ألقي على القبض ليلة الانتخابات و هناك من سقط شهيدا كطالب عبدالرحمان ، بن زرجب ، ابن بعطوش وعمارة رشيد ولونيس محمدو. وأضاف بن القبي أن الثورة استفادت كثيرا من الكفاءات والتخصصات العلمية التي حملها الطلبة معهم بعد التحاقهم بها حيث استعانت الحركة الوطنية بهم في الإشراف على أجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية و إعداد القنابل و غيرها من الأمور التي تحتاج إلى تدخل الجانب العلمي. وعلى الصعيد السياسي باشر الإتحاد نشاطه السياسي والنضالي في شهر مارس 1956 بعقد مؤتمر في مدينة باريس أين اتخذ فيه جملة من القرارات كان أهمها المطالبة باستقلال الجزائر غير المشروط ، و فتح باب المفاوضات مع جبهة التحرير الوطني. وأمام الإجراءات التي اتخذتها فرنسا على قيادات الإتحاد وجموع الطلبة الجزائريين المتواجدين على التراب الفرنسي قرر الطلبة الجزائريون رفع التحدي فكان قرار الإضراب العام عن الدراسة و هو ما أثار دهشة وإعجاب الأوساط الثقافية في العالم ، مبرهنين بذلك عن تضامنهم مع ما يقاسيه الشعب الجزائري واستعدادهم لدخول ميدان الكفاح المسلح. وعلى الصعيد الخارجي تمثلت أولى خطوات الطلبة الجزائريين في كسب الاعتراف الدولي عبر الحضور في كل الفعاليات العالمية لشرح قضيتهم ، والدفاع عن مصالح الثورة وأهدافها كالندوة العالمية السادسة للطلاب في كولومبو والتي قبلت الإتحاد عضوا منتدبا فيها و كذا في المنظمة العالمية الشرقية. ولم يكتف الإتحاد بهذا ، بل كثف نشاطه لدى الاتحاديات الطلابية العالمية بكل من سويسرا، هولندا وألمانيا وإيطاليا والصين و أمريكا والعواصم العربية.