سطرت الفيدرالية الوطنية لأبناء الشهداء ومقرها تيزي وزو برنامجا ثريا في احتفائية ثورة أول نوفمبر التي حررت الجزائر ومن عليها من ليل استعمار فرنسي بغيض تجاوزت جرائمه حدود المنطق ويستمر في التنكر لها والادعاء بسخرية واستهزاء انه جاء لمستعمراته حاملا رسالة تمدن وتحضر. وكشف النقاب عن البرنامج رئيس الفيدرالية محفوظ طيلب في تصريح ل «الشعب» على هامش الندوة الفكرية التي نشطها عميد الأسرى العرب سمير القنطار بعنوان الأسرى وثورات التحرر العربي. وعن مضمون البرنامج ومحاوره وأي رسالة يحملها ذكر المتحدث انه يشمل أنشطة ثقافية من محاضرات وندوات قيمة تحسس بمراحل قطعتها الثورة بتحد يبقى الكثير منها مغيب رغم أهميته للذاكرة الجماعية. ويرى طيلب أن هذه المحطات لا يمكن أن تبقى بعيدة عن تناول المؤرخين وصانعي الثورة لكن يتوجب الكشف عنها للنشء بالإدلاء بالشهادات الحية التي تشكل بحق مادة خام لكتابة التاريخ الوطني. وهي مسؤولية لا بد أن تتحمل كاملة لكسر ثقافة النسيان في زمن يرحل فيه مفجرو شرارة أول نوفمبر الواحد تلو الآخر فاسحين المجال للأصوات المتعالية المتطاولة على مكاسب الحرية ومشروع الوطن. وحسب محفوظ طيلب فان فيدرالية أبناء الشهداء التي تأسست عام 1996 في عمق الجرح والآهات وقررت خوض غمار الدفاع عن حقوق عائلات الشهداء ومؤسسات الجمهورية جراء موجة إرهاب لا تعترف بالحواجز والحدود ، تضع نصب الأعين هذه المسالة. وتحسس بجدواها لصانعي القرار والقوى الحية وتؤكد بلا انقطاع واجب احترام رسالة الشهيد في بناء جزائر أخرى بديلة عما كانت عليه في الحقبة الاستعمارية. والجزائرالجديدة المحمولة في الذاكرة والمرسخة في الضمير تكسب قيمتها واعتبارها من خلال تاريخها الوطني المدون المرصد للماضي والحاضر ومنه يشيد المستقل. الم يكن التاريخ محدد للهوية والانتماء؟ الم تحمل المقولة ''من لا تاريخ له لا حاضر ولا مستقبل له''؟ فكيف إذن لا تحظى كتابة التاريخ الوطني بالعناية والاعتبار بعد كل هذه السنين والحقب من تحرر الجزائر! من هنا جاء قرار الفيدرالية حسب رئيسها بضرورة الاستمرار في الترويج لجدوى كتابة التاريخ الوطني مؤكدة أنها شريكة في هذا المسعى لتامين الذاكرة الجماعية من التشويش والحملات المغرضة التي يحاول بعض المتطفلين التشكيك في الثورة الجزائرية بالضرب تارة على تناقضات قادتها وانحراف محتوى مشروعها تارة أخرى. وظلت هذه المسالة محل جدل الندوات التاريخية في السنوات الأخيرة غذتها مذكرات شخصيات مؤثرة ومقررة تفرض تدخل من صنعوا الثورة وعايشوا مراحلها ومحطاتها عن قرب ، لتقديم شهادات تزيل أي لبس وتطاول يوظف لأغراض سياسية لا تخدم الذاكرة الجماعية في شيء. على هذا الأساس ترى فيدرالية أبناء الشهداء انه لا بد من استرجاع الأرشيف الوطني من فرنسا المعول عليه في جمع الحقائق الكاملة عن مختلف محطات تاريخ الجزائر والكشف عن فضائح الاستعمار الاستيطاني التي تستمر باريس في التنكر لها ويخرج مسؤولون في تطاول بالقول المزعوم أن العلاقات مع الجزائر تكسب استقرارها وتبتعد عن العواصف والاهتزازات برحيل جيل الثورة. إنها خرجة أخرى للمغالطات الفرنسية التي تتجاهل أن العلاقات مع الجزائر تكسب استقامة واستقرارا بعد الاعتراف بالجزائر المطلب المقدس من جيل الاستقلال وليس فقط من الرعيل الأول للثورة. ويظل هذا المطلب انشغالا مرفوعا حتى انتزاع حق الاعتراف بالجرائم الإنسانية في الجزائر.