اعتبرت القرار أقوى الخيارات وأكثرها دلالة سياسية في إخراج البلاد من أعقد أزمة لم تألفها منذ الاستقلال. وأكدت أن هذا الخيار، يدرج ضمن الحلول الدستورية التي تؤمن الجزائر وتصونها من خطر مرحلة انتقالية يضرب على وترها من لا يريد للبلاد استقرارا ويعمل ما في المقدرة من أجل إبقائها أسيرة الانسداد. إنه موقف الأحزاب السياسية من استدعاء الهيئة الانتخابية لإجراء الاستحقاق الرئاسي في 12 ديسمبر القادم، تاركة المجال للشعب لقول كلمة الفصل والقرار الحاسم لاختيار الرئيس الأقدر على قيادة الجزائر الجديدة المقبلة على ورشات إصلاح عميقة، غايتها سد فجوات واختلالات النظام السياسي وتداخل صلاحيات السلطات وغياب الممارسة الرقابية التشريعية أو الدستورية في فترات سابقة، إلى درجة ارتفعت خلالها، أصوات فقهاء القانون والسياسة وصرخت بملء الفم : كفى من هذه الممارسة، مصرة على التغيير الجذري لبناء جمهورية أخرى، تستجيب للظرف المتغير وتمتلك مقومات إدارة الشأن العام والتسيير الآني والمستقبلي دون ترك الأمور على حالها. وقفت الأحزاب السياسية وهي تدلي بموقفها من الراهن المتغير، مؤكدة بلغة توافق وتطابق رؤى بأن الاقتراع الرئاسي الذي التزمت الدولة به قولا وفعلا، ورافعت من أجله المؤسسة العسكرية بلا توقف منذ بزوغ الأزمة وخروج حشود المواطنين في مسيرات سلمية تهتف بأعلى الأصوات من أجل الإصلاحات والقطيعة مع النظام السابق ورموزه، وملاحقة المتورطين في الفساد ومعاقبتهم بما يستحقونه وهي استجابة لمطالب شرعية نادى بها الشعب وأصر على عدم التنازل عنها مهما كلف الأمر من تضحيات ونضال. استدعاء الهيئة الانتخابية لإجراء الاقتراع الرئاسي في موعده القانوني الدستوري، يصب في هذا الاتجاه. فهو التزام من المؤسسات الجمهورية بالسير نحو المرحلة الحاسمة التي يكون موعد 12 ديسمبر منطلقها لتمكين الشعب ليس فقط من اختيار الرئيس المنتخب بشفافية وحرية، بل بمتابعة مدى التزاماته مستقبلا في الوفاء بالبرنامج الانتخابي وخارطة الطريق المعتمدة في سبيل التكفل بانشغالات الأمة وهموم المواطن وتطلعات البلاد في أن تكون لها مكانتها المستحقة في عصبة الأمم، اعتمادا على مرجعية نوفمبر وتجسيدا لوصية من انتفضوا من أجل الحرية:» إذا استشهدنا، حافظوا على ذاكرتنا. والجزائر أمانة في الأعناق». الجديد الذي أضفى على العملية مصداقية ورسخ علاقة ثقة بين الحاكم والمحكوم، السلطة الوطنية المستقلة والنظام الانتخابي، وما للنصين التشريعيين من آثار إيجابية في تكريس الديمقراطية التشاركية التي تجعل الشعب الحلقة المفصلية فيها والقاعدة الثابتة في المعادلة السياسية التي يحرص الجميع على توازنها ودلالتها في ممارسة السلطة بنظافة ونزاهة بعيدا عن أي تلاعب وغش.