أوردت مصادر موثوقة أن رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، جدّد الالتزام خلال الاجتماع الرفيع الذي ترأسه الأربعاء الماضي مع كبار مسؤولي الدولة، يتقدّمهم رؤساء المؤسسات الدستورية، بحياد الإدارة والجيش خلال التشريعيات المقبلة، وهي الانتخابات التي وصفها بوتفليقة ب »الهامة والمصيرية« في تاريخ البلاد، ولذلك فإنه ركّز على تقديم تعليمات وتوجيهات لضمان إنجاح هذا الاستحقاق. علمت »صوت الأحرار« من مصادر مؤكدة أن ملف الانتخابات التشريعية المقبلة كان على رأس أولويات اجتماع الأربعاء الماضي الذي ضمّ كبار مسؤولي الدولة، وهي المناسبة التي حرص فيها القاضي الأوّل في البلاد على إبلاغ رؤساء المؤسسات الدستورية المعنية، بشكل مباشر بالتحضير لاستحقاقات شهر ماي القادم، بضرورة جعل هذا الموعد مناسبة حقيقية للممارسة الديمقراطية على أساس »توفير مناخ إجراء انتخابات في ظروف تسودها الشفافية التامة« على حدّ تعبير مصادرنا. ومن هذا المنطلق أفادت الجهات التي تحدّثت إلينا بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تحدّث مطوّلا خلال هذا اللقاء الذي عرف حضور قيادات أمنية، وكان أبرز ما جاء على لسان رئيس الجمهورية التزامه الواضح ب »ضمان حياد الإدارة والمؤسسة العسكرية« خلال التشريعيات المقبلة،وهي إشارة صريحة منه إلى أن الظروف الإقليمية والدولية تفرض على الجزائر توفير كل الضمانات لنزاهة الاقتراع، مذكّرا بالمناسبة بتعهداته التي قدّمها للجزائريين في خطاب 15 أفريل الماضي. ومن بين المسائل التي ناقشها المجتمعون، حسب مصادر »صوت الأحرار«، تلك المتصلة بحظوظ مختلف التيارات السياسية في الانتخابات التشريعية، وفيما يتعلق بهذه المسألة فإن الرئيس بوتفليقة أكد أنه سيحترم اختيار الجزائريين بكل سيادة، خصوصا وأنه وصف هذا الاستحقاق ب »الهام والمصيري« في تاريخ البلاد، كما أوصى مسؤولي المؤسسات الدستورية بوجوب الحرص على توفير كل الشروط التي تجعل من الإدارة حيادية وتقوم بمهمتها الموكل لها وهي إنجاح هذا الموعد الانتخابي »مهما كان اختيار الشعب«. وتقول مصادرنا إن رئيس الجمهورية حرص أيضا خلال هذا الاجتماع الذي استمر إلى حوالي الساعة الخامسة مساء، على إبراز أهمية المرحلة المقبلة من الإصلاحات في مسار الممارسة الديمقراطية في الجزائر، واعتبر أن ضمان شفافية الانتخابات التشريعية سيكون خطوة أولى نحو إحداث تعديل دستوري عميق يستجيب إلى تطلعات الجزائريين ويساهم في تغيير نظرتهم السلبية للمواعيد الانتخابية، ولذلك فإن هاجس العزوف الانتخابي حظي هو الآخر بالدراسة والنقاش. وبهذه الخطوة يكون رئيس الجمهورية قد استجاب لدعوات الكثير من قادة الأحزاب السياسية الذين لم يُخفوا التعبير عن تخوّفاتهم من عدم حياد الإدارة خلال التشريعيات المقرّرة شهر ماي المقبل، ويُضاف هذا الالتزام الذي جاء على لسان بوتفليقة إلى التعهّدات السابقة التي أطلقها خلال إشرافه يوم 21 ديسمبر الماضي على افتتاح السنة القضائية عندما أكد أن »الجميع سيخضع لرقابة القضاء، ويذعن لقراراته في كل ما له صلة بالاستحقاقات الوطنية، أو بممارسة حقّ من الحقوق السياسية أو غيرها«. وقد وصف حينها التشريعيات القادمة على أنها »استحقاقات سياسية هامة تفتح الباب على آفاق تسودها ديمقراطية متكاملة العناصر، كون هي السبيل إلى إعادة بناء ثقة المواطن في الهيئات النيابية على اختلاف مستوياتها«. ولم يستثن في خطابه حتى الإدارة التي قال بشأنها إنها »ليست مُعفاة من الرقابة ومن الالتزام بتنفيذ ما يُصدره القضاء من أحكام«، مضيفا أن »جميع الحقوق والحريات والسلطات والصلاحيات ستمارس في ظلّ القانون وتحت رقابة القضاء«. يجدر التذكير أن اجتماع الأربعاء الماضي المنعقد برئاسة بوتفليقة ضمّ إلى جانب عدد من القادة الأمنيين، كلا من عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، وعبد العزيز زياري، رئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس المجلس الدستوري، بوعلام بسايح، بالإضافة إلى الوزير الأوّل، أحمد أويحيى، ووزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، عبد العزيز بلخادم. ونقلت بعض الأوساط أن إبلاغ المعنيين بهذا اللقاء تمّ في آخر لحظة مما اضطّر بن صالح وزياري إلى إلغاء بعض المواعيد، مثلما حصل مع بلخادم الذي أجّل بدوره اجتماعا للمكتب السياسي للأفلان كان مقرّرا بعد زوال الأربعاء.