رافع الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى عن مقترح إنشاء »بنك الزكاة« باعتباره آلية اقتصادية واستثمارية مهمة تضمن تداول السيولة المالية بشكل دوري ومستمر، ومورد تجاري هام لارتباطها المباشر بحقل الأعمال. وأكد مصيطفى في ندوة إعلامية نظمتها إذاعة القرآن بالنادي الثقافي عيسى مسعودي أن تجميع أموال الزكاة في مؤسسة مالية كبيرة كبنك أو صندوق تشرف عليه إدارة مستقلة من شأنه أن يساهم في القضاء على ظاهرة الفقر والبطالة. وأوضح مصيطفى بهذا الشأن أن إحصائيات الأممالمتحدة تشير إلى أن مؤشرات الفقر بلغت 23٪ بين سكان الجزائر، في حين سجلت البطالة 21٪ يقابلها حسب الإحصائيات الرسمية 6٪ بالنسبة للأولى و15٪ للثانية، وثمن الخبير إدماج الزكاة في المنظومة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ما من شأنه أن يحد من هذه الظواهر التي تعاني منها الجزائر، سيما وأن وعاء الزكاة يقدر ب 12.5 مليار دولار سنويا، مع احتساب الناتج الوطني الخام الذي سيبلغ نهاية السنة الجارية 180 مليار دولار. بالإضافة إلى احتياطي الصرف الذي تتوفر عليه الجزائر المقدر بأكثر من 210 مليار دولار الذي بوأها المرتبة الثانية بعد السعودية، ناهيك عن الاحتياطي الخارجي محتلة بذلك على المستوى الدولي المرتبة الخامسة وهو ما يعتبر مصدرا هائلا للتمويل. وعن طريقة الاقتطاع أوضح مصيطفى أن هذا المورد الإسلامي الهام يعتمد على مبدأ الاقتطاع بالنسبة مثل 2 , 5٪، والمزروعات 5٪، أما المعادن والموارد الطبيعية 20٪، ما يحقق حسبه حصيلة سنوية تصل إلى عتبة 12 , 5 مليار دولار، تكفي لإنشاء 18 بنك زكاة جزائري بالمواصفات والضوابط المحلية والعالمية والمطلوب هو بنك واحد فقط، وفي رده على سؤال ل »الشعب« حول مدى تجاوب السلطات مع فكرة إنشاء »بنك زكاة« أوضح مصيطفى أنه طرحها في سنة 1989 لتستجيب السلطات للفكرة بطريقة محدودة في 2003 عبر ربطها بالحيز الديني في شكل صناديق على مستوى المساجد تحت وصاية وزارة الشؤون الدينية بدل إدماجها في الجهاز المالي للدولة وهو المطلوب حتى يكون لها بعد اقتصادي واجتماعي. وأشار المتحدث في تقييمه للطريقة الحالية التي تجمع بها الزكاة بأنها لم تلق الإجماع لدى المواطن الجزائري والمزكين الكبار، مستشهدا بحصيلة 2010 المقدمة من الوزارة الوصية والتي قدرت ب 9 مليار دينار فقط، مرجعا السبب في ذلك إلى عدم ثقة المواطن في الآليات الرسمية وبالتالي بنك مستقل تشرف عليه مرجعية دينية سيحل المعضلة. وفي هذا الإطار ثمن مصيطفى الطريقة الحالية كخطوة أولى ومحدودة مطالبا بتطوري التجربة بعد تقييم نتائجه وعدم التوقف عند هذا الحد بل الاتجاه إلى إنشاء بنك مستقل تجاري تستفيد منه الأصناف الثمانية وتوجه الأموال إلى المشروعات والاستثمار في القطاعات المنتجة لا إلى الحرف والصناعات التقليدية. وحول سؤال عن آليات تسيير »بنك الزكاة« وإمكانية نجاحه أوضح المتحدث أن تسييره لا يختلف على أي بنك بل هناك إمكانية بأن ينشط في بالبورصة عبر طرح أسهم، مشيرا إلى وجود مؤشرات إيجابية تسمح بنجاح هذا المشروع فالجزائر رائدة في البنوك المتخصصة على غرار بنك الفلاحة والتجارة الخارجية، والبنوك العقارية وغيرها. بالإضافة إلى مرونة النظام المالي الجزائري من خلال انفتاحه على الموارد الإسلامية والبنوك الإسلامية واستحسان أي تجربة وطنية تفيد البلاد، ناهيك عن غياب صراعات فكرية أو إيديولوجية تحول دون إنشائه بل على العكس بتجسيده ستخفف على الدولة الكثير من الأعباء التي أثقلتها عمليات تطهير المؤسسات والتحويلات الاجتماعية ومنح المعوقين وغيرها. وأبدى مصيطفى في الأخير تفاؤله بأن تتجاوب السلطات مع الفكرة بطريقة جدية لكي تحصد نتائجها والتي سنلمسها بتجسيده على أرض الواقع أين سيتأكد مدى تفريطنا في هذا المورد الإسلامي الهام الخالي من عبء فائدة أو رأس مال، متمنيا ألا تأتي أو تفرض علينا من الخارج بل من الداخل، مشيرا إلى أن المشروع جاهز وقانون الزكاة جاهز والكرة الآن في ملعب صانعي القرار.