اعتبر المستشار عضو المنظومة الدولية للإصلاح الجنائي، طالب السقاف، نظرة الجزائر إلى إلغاء عقوبة الاعدام بالصائبة، لكون السلطات قد أعلنت وقف تنفيذ هذا الأمر منذ 1993، وهي خطوة ايجابية في الاتجاه الذي ينادي الى حذفها نهائيا من قوانين العقوبات في الوقت الذي أوقفت فيه الكثير من الدول على غرار الأردن وقف تنفيذ أحكام الاعدام دون اعلان ذلك صراحة، وهو ما يمثل حاجزا أمام مساعي الاتفاقيات الدولية لتكييف القوانين الداخلية والوصول الى أرضية مشتركة للتخلص من تبعات هذه العقوبة التي باتت تطرح الكثير من الاشكاليات. وقال المتحدث أمس في تصريح خص به »الشعب« أن مسار الجزائر لإلغاء عقوبة الاعدام ليس نابعا من ضغوطات دولية مثلما يروج له البعض ولكن يدخل في سياق الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال الاتفاقيات الموقعة وكذا سعيها الدائم لتحسين وضعية حقوق الانسان وتوفير تقاضي عادل لجميع الأطراف. وأضاف المتحدث في نفس السياق أن الاندماج في مسار برشلونة، وتوقيع الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تضمن الكثير من الالتزامات ومنها تسليم وتسلم المطلوبين لدى العدالة ولكن شريطة أن لا ينفذ فيهم عقوبة الاعدام التي باتت مصدر قلق لدى الكثير من الجمعيات المدافعة عن حقوق الانسان. وأكد في سياق متصل أن الدول العربية ملزمة بالإسراع في التخلص من هذا الملف الذي أصبح عاملا أساسيا في تجنيب الدول ضغوطات حول حقوق الانسان ومساومات من أجل الاستفادة من المساعدات وحتى الاستثمارات. في ظل تشابك الملفات وارتباط حقوق الانسان بكل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ونوّه صاحب المحاضرة في الدورة التكوينية الثالثة حول مناهضة عقوبة الاعدام في الجزائرالتي أشرفت عليها اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الانسان وحضرها قانونيين وإعلاميين وممثلين عن الشرطة والدرك الوطني بفندق المرسى بسيدي فرج الخاصة بإلغاء عقوبة الاعدام »المفاهيم والمعايير، والمسارات« بتفكير السلطات الجزائرية في توسيع النقاش حول الغاء حكومة الاعدام الى جميع الأطراف واحالتها على استفتاء ان تطلب الأمر، ودعا في هذا السياق الى ضرورة القيام بحملات تحسيسية وتوعية كبيرة لطمأنة المجتمع من الغاء العقوبة واقناعه بتبني المسعى الذي اكتشفت أنه يحقق الاجماع بين مختلف الهيئات والدوائر في انتظار الرأي العام. كما صرح بأن توسيع النقاش إلى علماء الدين والفقهاء أمر مهم من أجل تدبر معاني القرآن الكريم جيدا والاجتهاد للخروج باحكام علمية في سياق التعامل مع الاعدام، وهذا بعد ان تراجعت الكثير من الأحكام التي تؤدي إلى قطع الأطراف والجلد وهو ما يجب القيام مع عقوبة الاعدام. وهذا دون الوقوع في صدام مع الشريعة الإسلامية التي تبقى مصدرا رئيسيا من مصادر التشريع. وبالاضافة إلى جمعيات حقوق الانسان والقانونيين يأمل المتحدث من علماء الطب والإعلاميين الانخراط في الحملة العالمية لمناهضة عقوبة الاعدام لما لهم من تأثير على توجهات الرأي العام وهذا من خلال نقل مختلف الآراء والنقاشات وربط المبادرة بالمصالح العليا للشعوب والدول. وربط اصرار المنظمة على التخلص من هذه العقوبة في ظل فشلها في الدول التي تطبقها في التقليص من معدلات الجريمة مثلما هو حاصل مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي ألغت 15 ولاية عقوبة الحكم بالاعدام وأعطت نتائج مثمرة في التقليص من الاجرام كما أثبتت توجهات الرأي العام عن رفض بعض عائلات الضحايا تنفيذ حكم الاعدام على الجناة بسبب ما قد ينعكس سلبا على عائلة الجاني. وتصب المقترحات التي تسعى المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي في خانة استبدال عقوبة الاعدام بالسجن المؤبد أو عقوبات تصل الى 30 سنة. وتأسف القانوني الأردني السقاف من الانحرافات التي تقع فيها بعض الأنظمة من خلال استغلال القضاء للدفع ببعض النشطاء السياسيين الى عقوبة الاعدام، وتعتبر الثورات العربية الأخيرة نموذجا هاما للتحسيس باخطار عقوبة الاعدام التي باتت سلبية في ظل التحولات التي تعرفها العلاقات الدولية والمجتمعات. وختم المتحدث الذي فصل جيدا في مبادرة الغاء عقوبة الاعدام بضرورة ادماج الغاء عقوبة الاعدام في الدساتير والحرص على عدم الرجوع إليها لأن ذلك سيدخل الدول في مشاكل أخرى وقد سبق وأن حدث الأمر في لبنان والبحرين اللذان ألغيا العقوبة وتم اعادة العمل بها وما يزيد في خطورة العمل بعقوبة الاعدام كثرة الأقطاب القضائية التي تعمل الكثير من الأنظمة على توسيعها لاستغلال الهيئة المهيمنة عليها لاصدار أحكام بالاعدام وهو ما يمس بحقوق الانسان وخاصة ما يتعلق بالحق في الحياة.