أسبوع وراء آخر، والدعوة الموجهة للخبراء والمتخصصين في الشأن الاقتصادي تنادي الضمير المهني لذوي الكفاءات العلمية والتقنية للإسهام في معالجة قضايا تلهب الساحة الاقتصادية محليا وعالميا، لكن يا للأسف لا حياة لمن تنادي في وقت تمنح فيه مساحة كبيرة لأولئك المحسوبين على أسرة العلم والمعرفة عبر الجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث لا يعثر لهم علت تواجد عليها لوضع القارئ والمهتمين والمعنيين في صورة الأحداث ولو من باب الالتزام بخدمة المجتمع. كيف يفسر هذا الوضع المقلوب بينما الساحة تمتلئ بأعداد يبدو أنها تفتقر للمبادرة الفكرية والأدبية وتكتفي فقط بالقيام بواجب أداء الوظيفة لا أكثر ولا اقل وهذا مؤشر لا يبشر ويطرح أكثر من سؤال حول مدى استعداد النخبة الفكرية والمثقفة للتعامل مع قضايا تتفاعل معها نظيرتها في الغرب بكفاءة وديناميكية مدهشة بحيث تنتج الأفكار والآراء لتسوق عبر منابر صياغة القرارات لنستهلكها مادة جاهزة بدون أدنى جهد من مواردنا البشرية المؤهلة. هل هو التسيب الذهني واللامسؤولية وهذا إن كان كذلك عامل خطير ينذر للمستقبل أم هو استقالة معنوية وهذا ما يعتبر خطرا على المفهوم الدقيق لعملية إنتاج الأفكار علما أن دواليب الجامعة الجزائرية تتمتع اليوم بإمكانيات ووسائل تضع الباحث والأستاذ في موقع مريح ولا ينتظر منه سوى الاهتمام بما يجري حوله من تحولات ومن ثمة تنشيط العقل وإنقاذه من إصابة محتملة بعطل تكون فاتورته ثقيلة. أكثر من حدث اقتصادي وملف استثماري وقضية تنموية تطرح كلها إشكالية فكرية تخص بالدرجة الأولى من يتبوأون الصدارة الذين لا يمكن فهم سلبية اغلبهم ما عدا العدد القليل ممن لديهم شجاعة أدبية في تناول مثل تلك الملفات والقضايا الوطنية والدولية برؤية علمية ليساهموا في تنوير الرأي العام والمختصين وأصحاب القرار مزاحمين خبراء أجانب بطرح تصورات مقارنة من شانها أن تساهم في مقاومة طروحات جاهزة ممن يدركون أهمية الساحة الاقتصادية الجزائرية وقوة أوراقها الرابحة والتي من الأولى أن تصب في صف المتعاملين الوطنيين والشركاء الجادين