ما هي مهمة خلايا الاتصال على مستوى الوزارات والمؤسسات والادارات والهيئات؟ سؤال جدير بأن يثار في خضم التغير الجذري الحاصل في الإعلام على الصعيد العالمي، والذي يبعث يوميا بإشارات واضحة المعالم على أن “المعلومة” لا يمكن احتكارها، وأن الوصول الى مصادر الخبر لم تعد مشكلة.. عندما أصبح كل هذا الفضاء قرية، اختصر مسافته الأنترنت، والفايس بوك، والتويتر، واليوتوب وغيره من أساليب التواصل الاجتماعي. مفهومنا للاتصال، مازال خاضعا لتحفظات معينة هي من صميم الفعل الإداري، وخلية الاتصال لا تريد أن تقحم نفسها في دوائر تتجاوزها أو تسبب لها مشاكل تعود عليها بالسلب، ويمكن في هذا الاطار ملاحظة مؤشرات ملموسة فيما يخص هذا التوجه. ❊ أولا: إن خلايا الاتصال، لا تحظى بأولوية الاهتمام من قبل الوصاية نفسها، ومهمتها محددة، إدارية منها أكثر من إعلامية، هذا ما جعلها في انفصال مع الركائز الإعلامية خاصة المكتوبة منها. ❊ ثانيا: غياب نشاط خلايا الإتصال على مواقع الوزرات المنتمية إليها، هذا ما أدى الى تسجيل عجز كبير في نشر المعلومات الخاصة بها، وهناك من المواقع عبر الأنترنيت لا تشتغل أبدا، والمعطيات الموجودة بها تعود الى حوالي 3 أو 4 سنوات، أي لم تجدد حتى الآن. ❊ فشل تجربة إنشاء مجلات أو دوريات بإمكانها أن تكون لسان حال الجهة المعنية في إبداء تفكير معين تجاه قضايا تخص ذلك الجانب، ونعني الإعلام المكتوب المختص في قطاعات معينة، وتلك المجلات الفصلية لا توزع وثمنها باهض. للأسف لا يوجد النفس الطويل، والمهنية في تسيير والتعامل مع المعلومة عبر هذه الوسائل الإعلامية الحديثة وعندما يريد الصحافيون الاطلاع على موقع أو دورية أو الاتصال بهذه الخلايا لا يجدون من يرد عليهم. هذا هو واقع الاتصال المؤسساتي عندنا في الجزائر، لا يخضع لأي احترافية، ولا توجد جوانب تشريعية أو قانونية تجبر هذه الخلايا على التعامل مع وسائل الإعلام المكتوبة، كل ما في الأمر إن ما ورد في كل الأدبيات المتعلقة بقوانين الإعلام هو ما يعرف ب “الوصول الى مصادر الخبر” لا أكثر ولا أقل، والجهة المعنية لها الاختيار في كيفية التعامل مع هذه الركائز، ونستغرب أشد الاستغراب عندما يطلب من الصحافي الإتيان أو الحصول على رخصة من أجل موضوع معين، هذا ما حدث مع قيام البعض من صحافيينا بإعداد مقالات عن النفايات الطبية، وقد أحالهم مسؤولو مستشفى بني مسوس، الى وزارة الصحة قصد منحهم الوثيقة التي تسمح لهم بآداء عملهم، ومعروف عن خلية هذه الوزارة أن هواتفها لا ترد أبدا حتى الندوات الصحفية الأسبوعية التي كان يعقدها المديرون المركزيون ألغيت كلية، هي عينات لا تعد ولا تحصى لانعدام ثقافة الاتصال عندنا، وهذا في الوقت الذي تسعى فيه وزارة التجارة الى بعث مشروع اتصال جديد يقوم على قواعد مهنية تخص تطور القطاع، الذي يعرف طفرة في العديد من المجالات، كونه محطات أنظار المتتبعين للشأن التجاري كالأسعار والأسواق والانضمام لمنظمة التجارة العالمية، والاتفاق مع الإتحاد الأوروبي، أما القطاعات الأخرى الهامة كالصناعة والسياحة والبيئة والتعليم والجامعات والنفط والفلاحة فقط تخلت عن نواديها الخاصة بالصحافة. وما يلاحظ في عملية الاتصال عندنا، هو أن رسالة الأحزاب السياسية في وسائل الاعلام أقوى بكثير من رسالة المؤسسة الاقتصادية المعنية بمرافقة تسيير الشؤون العامة للمواطنين، وهذه مفارقة عجيبة غير مقبولة إعلاميا، لأنها تفتقد للتوازن في الحضور على الساحة الوطنية، هذا كله بسبب بسيط وهو أن “المناضلين” في هذه التشكيلات يقدرون ما مدى إبلاغ انشغالاتهم للمواطن مهما كانت قوة التأثير للوسيلة الاعلامية، في حين أن مسؤولي المؤسسات الاقتصادية وغيرها يتحلون بالحذر، لذلك لا نندهش حين يسارع البعض من المستثمرين الأجانب الى استقاء المعلومة من جهات أجنبية مشوهة لحقائق هذا البلد، فمتى نتفطن للتأكد من أنه بإمكاننا إقامة منظومة إعلامية جزائرية قادرة على الاتصال بين المرسل والمتلقي.