تعتبر المعلومة الصحفية بالنسبة للصحفي المادة الخام التي يبني بها أي عمل صحفي، وبدونها يفقد المجال الإعلامي لمعناه الحقيقي. ورغم أهمية المعلومة الصحفية بالنسبة لأي صحفي، إلا أن صعوبة الوصول إليها لأسباب مختلفة، تتعلق بالصحفي نفسه أو تكتم المصادر عن تقديم المعلومات، أو لأسباب أخرى جعلت من أسرة الإعلام عندنا رهينة بين المصادر التي من المفترض فيها تقديم المعلومة وواجب خدمة المواطن وحقه في الإعلام ومعرفة الحقيقة التي تخص وطنه وتخصه كمواطن بالدرجة الأولى. "الأمة العربية" وإدراكا منها لرسالتها الإعلامية النبيلة، ولإدراكها لحجم المسؤولية الواقعة على عاتق الصحفي، حاولت التقرب من عدة وجوه إعلامية في الساحة الوطنية من أجل الوقوف على أبرز المشاكل التي يعانيها الصحفي في سعيه للحصول على المعلومة الصحفية وتقديمها للقارئ. في رده على الصراع الحاصل على المعلومة بين الصحفي والمصدر المخول بتقديمها، أرجع مدير "الخبر الأسبوعي" كمال زايت الظاهرة إلى مخلفات ثقافية، بحكم أن الجزائر خرجت من نظام الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية والإعلامية، وربما هذا الانتقال حسب زايت لم يصاحبه تغيير في الذهنيات. وأضاف مراسل "القدس العربي" جانبا آخر في ما يخص صعوبة الحصول على المعلومة من طرف الصحفي، وهو الصحفي نفسه؛ حيث الكثير من الصحفيين حسبه لا يبذلون جهدا للتأكد من مصدر المعلومة، فنجد في الكثير من الأحيان خبرا في جريدة وطنية وتكذيبا له في اليوم التالي، رغم أن المصادر متوفرة وجاهزة لتقديم المعلومة، إلا أن تسرع الصحفي يضيف كمال زايت وعدم الاتصال بالمصدر، يوقع العديد من الصحفيين في أخطاء مثل سوء الفهم أو نقل معلومة خاطئة. كما أشار مدير "الخبر الأسبوعي" إلى أمر آخر، يتمثل في عدم أمانة بعض الصحفيين في نقل الخبر من مصدره أو تحويله إلى غير سياقه الحقيقي، بهدف الإثارة الإعلامية، ناهيك عن غياب الكفاءة المهنية ونقص التكوين الذي يعاني منه الكثير من الصحفيين. ويضيف كمال زايت، أن مثل هذه الأمور تجعل الكثير من مصادر الخبر تتعامل بتحفظ مع أي صحفي، ربما لهذا السبب صارت الكثير من الهيئات والمسؤولين والإدارة يتعاملون مع الصحفي بنوع من الحذر والريبة. وعن تقديم المعلومة من طرف بعض المصادر لوسائل إعلامية بعينها دون أخرى، أو لصحفي دون آخر، لم يستغرب محدثنا مثل هذه التصرفات، وهي ليست شاذة بحكم أنها منتشرة في جميع أنحاء العالم وتعتمد على علاقة الصحفي بمصدر الخبر. فالعلاقة بين الصحفي والمصدر أساسها الثقة، وهذه الثقة يضيف كمال زايت قد تبنى في سنوات، لذا على الصحفي أن يحافظ على مصدر أخباره وأن لا يقطع هذه العلاقة بسبب نشوة سبق صحفي عابر، قد يقطع جسور ثقة دام بناؤها سنوات، وربما هو الخطأ الذي يقع فيه الكثير من الصحفيين عندنا، خاصة وأن المعلومة هنا هي المادة الخام للصحفي. تعترض الصحفي يوميا عديد المشاكل والعوائق أثناء بحثه عن الخبر والمعلومة، وتطاله صعوبات أكثر حينما يشرع في تحقيقاته. فلم تعد طريقة غلق الهواتف بعد عدم الرد على الكم الهائل من المحاولات أو شعارات "في اجتماع مغلق" و"الشخص المطلوب في عطلة عادية أو مرضية، على حسب الحالة"، كثيرة التداول في ظل الخرجات الجديدة التي شاعت مؤخرا. فطلبات المقابلة باتت من سابع المستحيلات في الوقت الراهن بالنسبة للرجل الصحفي، ناهيك لو كان هذا الأخير يعمل في جريدة أو وسيلة إعلامية منخفضة الصيت، على عكس العنصر النسوي داخل المجال الإعلامي اللائي يتهافت عليهن بعض المسؤولين لتقديم معلومات لهن تخص قطاعهم من أجل المجاملة ومبادلتهن أطراف الحديث في مواضيع خارج إطار العمل. فمجرد التقرب من أي شخص تريد استجوابه، يطلب منك اسم الجريدة. فإذا كنت تعمل بالجرائد التي يتعدى عدد سحبها أكثر من 500 ألف نسخة، فأنت من المحظوظين، بغض النظر عن السعادة التي تلج صدر ذات الشخص إذا كان الصحفي من الإذاعة أو التلفزيون. فباقي الزملاء غالبا ما يعودون لمقرات عملهم بعد سماعهم عبارة "أنا مشغول حاليا"، و"أجندتي لا تسمح لي" أو "سنرى لاحقا". إن الحصول على المعلومة، بات مهمة شبه مستحيلة. فبعد محاولات عديدة ولعب كل الأوراق، يمكن قبول الطلب، وهنا نشهد كل أنواع التستر والتهرب من الإجابات، خاصة حينما تكون الأسئلة جريئة نوعا ما ولا تخدم مصالح المسؤول، ناهيك عن الاستفزازات أو المشاكل التي قد تطالنا من متابعات قضائية ومشتقاتها في حالة عدم اتباعنا خط الأمان الذي يفرضه المستجوب وكشفه بعض الحقائق التي غالبا ما يسعى للتستر عليها. بالمقابل، نجد حالات قليلة، حيث تتمثل في بعض الشخصيات السياسية أو الرياضية أو الثقافية تتفاعل مع الصحفيين وتمد جسور التعاون معهم وتزودهم بالمعلومات المختلفة التي تخص القطاع الذي يشرفون عليه، بغض النظر عن الوسيلة الإعلامية التي يمثلونها، حتى ولو كانت مواقع إخبارية على الانترنت، والتي مع الأسف ما زلنا لم نطور مفهومها في الجزائر، عكس بلدان عربية أخرى. للصحفي الحق في الوصول إلى المعلومة، وهو حق مشروع، حيث لا توجد تعليمة كتابية أو شفوية من السلطات العليا تقضي بمنع المعلومة عن الصحفي. لكن الواقع يقول عكس ذلك، حيث شكل غياب آليات تنظم العلاقة بين الصحفي والمؤسسات الرسمية، صعوبة للصحفي لكي يصل إلى مصادر المعلومة، ما يجعله مضطرا إلى أخذ المعلومة من مصادر أخرى مبنية في غالبيتها على أساس العلاقات المتينة التي كوّنها الصحفي وكذا الصداقات. فالعراقيل التي تواجه الصحفي في سعيه للحصول على المعلومة، هي عراقيل بيروقراطية أكثر منها قضية إمكانيات وما شابه ذلك، فنجد من يتحكمون في المعلومة يميزون بين هذا الصحفي وذاك، وبين مؤسسة إعلامية معينة عن أخرى، فمبدأ "المفاضلة" الذي يلجأ إليه هؤلاء، حرم الصحفيين من حقهم في الوصول إلى المعلومة. لذا، فمن الضروري فتح المجال أمام الصحفي وتمكينه من الوصول إلى المعلومة من مصادرها الرسمية، وعلى الدولة السعي على تحقيق ذلك من خلال تشريعات تضبط العلاقة بين الصحفي ومؤسسات الدولة. كما لابد أن نعلم أنه لا خوف من ذلك، بما أن الصحفي ملزم أن يكتب وفق ما تتطلبه أخلاقيات مهنة الصحافة. الأكيد أن المجال ليس مفتوحا حتى يتاح للصحفي الحصول على المعلومة لأداء واجبه على أكمل وجه، فالمصدر لا يقدم للصحفي المعلومة بسهولة، وربما الأمر له علاقة بهامش الحرية في الوسط الإعلامي، إضافة إلى قضية أخرى تتعلق بجهل الصحفي نفسه بقانون الإعلام، وبالتالي تضيع عنه حقوقه في ما يخص عمله، فالكثير من المصالح والمسؤولين يقدمون المعلومة على أساس خدمة شخصية، وليس على أساس الواجب الإعلامي وتقديم خدمة للمواطن، انطلاقا من حق هذا الأخير في المعلومة. وثمة عامل آخر يجعل المعلومة الصحفية صعبة المنال بالنسبة للصحفي، فشخصيا أعترف أن ثمة تمييز بين الأسرة الإعلامية، فالكثير من المصادر تقدم المعلومة لوسائل إعلامية بعينها ولصحفيين بعينهم، بينما تمنعها عن مؤسسات إعلامية أخرى وأسماء والكثير من الصحفيين، وهذا أضر كثيرا بالعمل الإعلامي في الجزائر. مشكلة الصحفي الجزائري، أنه يسعى ويكد للحصول على المعلومة، في الوقت الذي وصلت بعض البلدان إلى سعي المعلومة خلف الصحفي وتبحث عنه، وهي ليست دعوة مني للكسل، ولكن من باب المقارنة لا غير. وأشير أيضا إلى أن الكثير من المكلفين بالإعلام لدى بعض المصالح، يقومون بتسريب معلومة معينة، ليس انطلاقا من هدف حق المواطن في المعلومة، ولكن من أجل أهداف معينة لا علاقة لها بالعمل الإعلامي. وصراحة كصحفي، أنا ضد هذه التصرفات التي فرضتها وسائل إعلامية معينة وفرضتها بعض المصالح لخدمة أهداف خاصة، بعيدا عن المسؤولية الإعلامية وخدمة المواطن والبلاد إعلاميا. تقول الصحفية حبيبة غريب، إن الحصول على المعلومة يتوقف على احترافية الصحفي ومؤهلاته، وكذا ذكائه. فحسب الصحفية، على الصحفي أن يوظف طاقته وخبرته قصد الوصول إلى المعلومة، ولا ينتظر أن تقدم له على طبق من ذهب، معترفة بأن المعلومة متوفرة، مقارنة بما كان عليه الأمر في بداية التسعينيات خلال الانفتاح الإعلامي، مؤكدة على أن صعوبة الحصول على المعلومة الذي يطرحها بعض الصحفيين راجع لخلفيات أخرى، لعل أبرزها "تقويل" المصدر من طرف الصحفيين ما لم يقله، أو تحريف أقواله بسبب سوء الفهم من طرف الصحفي، أو لأن المصدر لم يحسن تقديم المعلومة بالشكل المطلوب، معتبرة أن ثمة صحفيين يعملون على تزوير المعلومة، وهذا ما يجعل الكثير من المصادر تتوجس خيفة من الصحافة، لكنها كشفت في الوقت نفسه أن هذا الأمر استثناء ولا يعد قاعدة. أما فيما يخص تجربتها الصحفية، فقد قالت غريب إنها تعتمد على قاعدتين أساسيتين في الحصول على المعلومة، ما دام أن الصحافة مهنة المتاعب.. "فعلى الصحفي إن خرج من الباب، أن يعود من النافذة"، في إشارة منها إلى أن يلح الصحفي ويناور حتى يتحصل على المعلومة التي يريدها من مصدرها، ملقية الكرة في مرمى الصحافة. اعترف علي ياحي الصحفي بالقسم السياسي بيومية "الفجر"، أن المعلومة غائبة، مؤكدا بالقول "تجري موراها وما تلحقهاش". وإذا وصلت إليها، يطلب منك عدم ذكر اسم المصدر، حتى وإن كانت المعلومة عادية وبسيطة ولا تثير أي لغط أو مشكل. وأكد ياحي على أن ثمة معلومات من المستحيل الوصول إليها مهما طرقت من باب، حتى وإن كانت هذه المعلومة تهم البلاد والتي تعد حقا من حقوق المواطن التي يكفلها القانون. واستغرب علي ياحي من تصرف الكثير من المصادر والهيئات الرسمية، حين تقدم المعلومة لوسائل إعلامية أجنبية، رغم أنها معلومة وطنية، ليحرم منها وسائل الإعلام الوطنية، ليضطر الصحفي الجزائري بعد ذلك لإعادة اقتناصها من مصدر أجنبي. ويضيف ياحي أن شح المعلومة الصحفية، جعل الصحفي يبحر في الانترنت بحثا عن معلومة وطنية، قد تكون سربتها هيئات جزائرية لوسائل إعلام أجنبية. وفي السياق نفسه، أضاف الصحفي أنه حتى الهيئات المكلفة بالإعلام والتي يفترض فيها أن تكون في تواصل تام مع الأسرة الإعلامية في الجزائر، صارت تغيب المعلومة عن الصحفي بحجج غريبة، "كأن يقال لك إن المكلف بالإعلام غائب، أو في اجتماع، اتصل بعد ساعة" ليقفل بعده الخط، وغيرها من المبررات الواهية التي لا أساس لها، ناهيك عن طلب اللقاءات أو الحوارات مع بعض الشخصيات الثقيلة التي لا تصير صعبة وحسب، بل مستحيلة. كما تطرق ياحي إلى نقطة أخرى، وهي التمييز بين الصحفيين، فثمة مصادر معينة ومسؤولين يتعاملون مع أسرة الإعلام على أساس جنس الصحفي، إن كان أنثى أو ذكرا، مضيفا أن هذا الأمر لا علاقة له بالمؤسسة الإعلامية، وإنما راجع للعلاقات الشخصية بين الصحفي والمسؤول، بغض النظر عن نوع هذه العلاقة. اعتبر الدكتور بكلية العلوم السياسية والإعلام بابن عكنون، عبد العالي رزاقي، أن مشكلة الحصول على المعلومة غير مطروح بالمرّة، لأنها متوفرة، ولكن المشكلة في رأي الدكتور رزاقي تعود لكيفية استعمالها ونسبها إلى المصدر، فأغلب المؤسسات لها مكلفين بالإعلام ولها أجندات، لكن المشكلة الكبيرة في الجزائر حسبه في نسب المعلومة إلى المصدر، مضيفا أن هناك تداخلا في المعلومة والخلفية، ضاربا مثلا بما تناقلته الصحف في 16 نوفمبر من أن بعض الجزائريين قتلوا في مصر، معتبرا أن هذه المعلومة خاطئة، لأنها غير منسوبة لمصدر، والمصدر هنا ليس سوى وزارة الخارجية الجزائرية أو السفير الجزائري بمصر، وكان على الصحفيين التأكد من المعلومة من هذه المصادر، ليخلص الدكتور رزاقي إلى أن المعلومة متوفرة في الجزائر، ولكن المشكلة التي يعاني منها الإعلام في الجزائر هو نسب المعلومة لمصدرها. اعترف الصحفي فؤاد عبد العزيز بصعوبة الحصول على المعلومة الصحفية، محمّلا الكثير من الهيئات المسؤولية، وذلك بعدم تعاونها مع الصحفي رغم وجود مكلفين بالإعلام لدى مصالحها، واجبها تنوير الرأي العام وخدمته إعلاميا. وأرجع عبد العزيز إخفاء المعلومة عن الصحفي من بعض الهيئات، إلى قضية الخوف من الصحافة أو "إرهاب الإعلام" إن صح التعبير، وأشار الصحفي إلى قضية أخرى قد يتفق عليها أغلب الصحفيين، وهي التمييز بين وسائل الإعلام وتقديم المعلومة لوسائل إعلامية بعينها دون الأخرى، لأسباب يقول عنها الصحفي إنها ذاتية، أو بمعنى أدق "مصلحية". إن كان الكثير من الصحفيين يشتكون من غياب المعلومة، فإن الكثير من المسؤولين في الجزائر والمكلفين بالإعلام عرفوا بتعاملهم اللبق مع أسرة الإعلام وتوفير المعلومة وعدم المراوغة أو التحيز لوسائل إعلامية دون أخرى. ما يميز وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية، محمد يزيد زرهوني، أنه لا يبخل بالتصريح والإجابة عن أي سؤال يطرحه الصحفي، ويجيب دون خلفيات ودون تمييز ولا تذمر، عكس بعض الوزراء والمسؤولين، لدرجة أن بعض الصحفيين خلال تدشين رئيس الجمهورية لحديقة الحامة وجولته بها، قاموا بمحاصرة الوزير بالأسئلة وبقي معهم منفصلا عن باقي الوفد الذي كان يرافق رئيس الجمهورية، دون أن يبدي تذمرا أو حرجا. ومن الوجوه السياسية التي تتعامل بحرية ولا تبخل بتقديم المعلومة للصحفيين، نجد المكلف بالإعلام لدى حزب جبهة التحرير الوطني السعيد بوحجة، فعمي السعيد كما يحلو للصحفيين مناداته لا يتردد في الرد على أسئلة الصحفيين مهما كانت ثقيلة، ويستقبل اتصالاتهم ويمدهم بالمعلومات اللازمة ويناقشهم، مقدما صورة مشرّفة لحزبه ومنصبه. ويتميز عمي السعيد بالبساطة وعلاقته الوثيقة بالصحفيين، ولا يفرق بين العناوين الكبيرة أو الصغيرة ولا صحفي كبير أو صغير، معاملا الجميع باحترام وعلى قدم المساواة. ولا يختلف الأمر بالنسبة للمكلف بالإعلام لدى حزب لويزة حنون، جلول جودي، حيث يعد أحد الذين تشهد لهم الأسرة الإعلامية بالإخلاص في عمله وأمانته في تقديم المعلومة، واستقبال اتصالات الصحفيين والإجابة على كافة أسئلتهم، ونادرا ما يكون هاتف المعني مقفلا، خاصة في الاجتماعات الهامة لحزب العمال أو للانشغالات الوطنية، وإن كان منشغلا يحدد لك وقتا آخر للاتصال ولن يخلفه معك. زعيم حركة مجتمع السلم، الشيخ أبو جرة سلطاني، معروف هو الآخر عنه تحليه بروح المسؤولية تجاه الصحفيين، والتصريح لكل وسائل الإعلام الوطنية المختلفة دون تمييز ولا يجد حرجا في الرد على الصحفيين، سواء عن طريق رقمه الخاص الذي وضعه تحت خدمة الصحفيين، أو حين اللقاءات المباشرة، ولم يسجل عنه أنه انزعج أو تعامل بطريقة فظة مع الإعلاميين أو حجب عنهم معلومات معينة. وبعيدا عن الشخصيات السياسية، نجد محمد واحدي مدير الوقاية بوزارة الصحة والمدير بالنيابة لمعهد باستور بعد إقالة مديره السابق حيث يعتبر إحدى الشخصيات التي لا تبخل على الصحافة بالمعلومة في كل ما يتعلق بقطاع الصحة وما يدخل في اختصاصه، ومستعد دوما لتوجيه الصحفيين في المجال الصحي دون مفاضلة صحفي على آخر مهما كان، وتظل قائمة الكثير من المسؤولين السياسيين أو غير ذلك التي تقدم المعلومة للصحفيين طويلة، ولا يمكن حصرها في بعض أسماء معينة. إن كان هناك العديد من المسؤولين والمكلفين بالإعلام، يتعاملون مع الصحافة بطريقة احترافية، مقدمين كافة التسهيلات من أجل تأدية الصحفي لواجبه وإيصال المعلومة للمواطن، فإن بعضهم يتعامل مع الصحفي كدخيل على بيئته أو عنصر وجب التخلص منه، فالكثير من المكلفين بالإعلام لدى الوزارات صار وجودهم كعدمه. فإضافة إلى إخفاء المعلومة التي كان من الواجب أن يقدموها للصحفي، يقومون أحيانا بأمور أقل ما يقال عنها إنها لا تليق بمسؤول عن خلية إعلامية في مصلحة معينة، كأن يطلب من الصحفي الاتصال به لاحقا، ثم يقفل الخط، أو التحجج باجتماع، أو أنه خارج العمل، لدرجة أن مكلفا بالإعلام لدى أحد الأحزاب التي تعد كبيرة، كلما اتصل به صحفي، يطلب منه الاتصال بعد نصف ساعة، ليقفل الخط بعدها، رغم أن المعني صحفي سابق وكان من المفروض أن يكون أول من يعرف قيمة العمل الصحفي. مما لا شك فيه، أن الصحافة في الغرب تتمتع بقوة كبيرة وهامش حرية لا نظير له في العالم، وتمارس (سلطتها الرابعة) بكل حرية، متحدية كل العراقيل وفق القوانين التي تحمي حرية التعبير، فالحماية التي يكفلها القانون للصحف، خاصة تلك التي تحارب الفساد، تعطي الحق للصحفي في عدم الإفشاء أو تسريب أسماء المصادر التي تمده بالمعلومات التي يبني عليها الخبر، وهنا جدير بنا أن نذكر أن المعلومة الصحفية التي وصلت إلى ال "واشنطن بوست" هي التي أطاحت بالرئيس نيكسون، حينما كشفت معلومة بسيطة فضيحة "ووتر غيت" سنة 1972 وأدت إلى استقالة الرئيس الأمريكي من منصبه. وقد تسببت المعلومة الصحفية أيضا، في الكشف عن فضيحة رشاوى "لوكهيد" التي أسقطت رئيس وزراء اليابان، وعددا آخر من كبار المسؤولين عبر العالم لتقاضيهم رشاوى من شركة "لوكهيد" العالمية المنتجة للأسلحة لتسهيل صفقاتهم التجارية مع الحكومات التي ينتمون إليها. وفي بريطانيا، تم بفضل معلومة صحفية اقتنصها صحفي يشتغل في قناة ال "بي.بي.سي"، الكشف عن فضيحة تخص صفقة أسلحة بين السعودية وبريطانيا، أو ما سمي بقضية اليمامة. ورغم هذا، تظل المعلومة الصحفية صعبة المنال، سواء أتعلق الأمر بالجزائر أو بلدان أخرى، إلا أن الأمر هنا يصير نسبيا بين دولة وأخرى، حسب تقاليدها وتاريخها الإعلامي ومدى انفتاحها والقوانين التي تحمي مصدر الخبر، وتحرم متابعة الصحفي الذي نشر الخبر من مصدره الخاص. ولأن الحصول على المعلومة الصحفية صار في الكثير من الدول خاصة المتخلفة منها أمرا صعب المنال، فقد طالبت بعض الدول خاصة في شرق آسيا بسن مشروع قانون ضمان حق الحصول على المعلومات الصحفية، مع إعطاء الحق للصحفي في مقاضاة أي مسؤول يحرم عليه المعلومة الصحفية التي يمكن أن ينوّر بها الرأي العام الوطني، خاصة إذا لم تكن معلومات سرية تمس بأمن وسلامة الدولة.