على نفس المنوال، ومثلما ألفناها في تجارب سابقة، انطلقت الحملة الانتخابية في اجواء هادئة ولن تزداد حماسا سوى بعد أيام. خرجات المترشحين الخمسة، على اختلاف وتباين محطات الانطلاق والاختيار بين التجمعات الشعبية والأنشطة الجوارية، اتفقت خطاباتهم السياسية وتوافقت على هدف واحد وغاية واحدة: الانتخاب من أجل الجزائر، مترجمة في الميدان الشعار المعتمد من السلطة الوطنية بدقة عالية: «اختار الجزائر انتخب» المرفق بصورة لها دلالاتها ومعناها المعبر عن وطن الانتصارات الذي يجعل من المتاعب والصعوبات قوة انطلاق نحو الأحسن والأجدر دون السقوط في اليأس والاستسلام للأمر الواقع. من هذه الزاوية بالذات، تقاطعت خطب المترشحين في مسعى استمالة المواطن وإقناعه بجدوى التصويت على من يراه اقرب اليه، أكثر استجابة لانشغالاته وهمومه وأقوى مصداقية في تنفيذ مطالب مرفوعة منذ بداية الحراك الشعبي السلمي وتمسكه بالتغيير الجذري وإصلاحات عميقة لنظام الحكم والفصل بين السلطات والرقابة الشعبية وتحديد العهدات بما يسمح بالتداول على السلطة وفتح المجال للكفاءات والنخب في التسيير وإدارة شؤون الرعية. من تلمسان إلى تبسة، ومن تمنراست الى العاصمة، لغة واحدة تسمع ومشروع حكم واحد يتداول على الألسنة وان اختلفت الاولويات وتراتيب رزنامة التحول والبناء، وتباينت منطلقات اقامة الدولة الوطنية الجديدة التي يتنافس المترشحون على تجسيدها تطبيقا للإرادة الشعبية والسيادية المتضمنة في المادتين السادسة والسابعة من أسمى القوانين الدستور. هنا يكمن التمايز، ويظهر التباين في الحملة الانتخابية لرئاسيات 12 ديسمبر القادم، التي تكسب الاستثناء بحكم الظرف الصعب والأزمة المعقدة التي تطبع المشهد السياسي وتفرض برنامج عمل جديا وجادا لمواجهة تحدياتها اعتمادا على المعطى الدستوري المؤمن للتغيير والذهاب الى الابعد في مسار التقويم والتجدد لا يسمح باختلالات اخرى ولا باخفاقات تبعاتها وانعكاساتها لا تحتمل. من هنا تقرأ مرافعة المترشحين وتفهم تماديهم في التحسيس بجدوى المشاركة في الاقتراع الرئاسي كونه مخرج الأزمة المعقدة والمنطلق الآمن لورشات اصلاح اجهزة الدولة ، نظامها السياسي ،الأنسب الرئاسي ، البرلماني أم المختلط. كل هذه المسائل تناولها المترشحون مخاطبين الضمائر الحية والعقل الجمعي للانخراط في مسار التحول الذي تقرر باستقلالية قرار وسيادية، وتجاوز قاعدة العزوف السلبية التي لم يعد لها مبرر بوجود سلطة وطنية تتولى مهمة العملية الانتخابية الشفافة والنزيهة وقانون انتخابي معدل لا يسمح بأي تلاعب ومساس بالاستحقاق المصيري للوطن والأمة قاطبة.