تناول الدكتور «عبد القادر دحدوح» من جامعة تيبازة في مقاله الصادر سنة 2015 في العدد 13 للمجلة المحكمة نصف سنوية «الثقافة الإسلامية»، للمعالم الأثرية الإسلامية بمدينة قسنطينة خلال الفترة العثمانية، باعتبارها من أكبر وأعرق المدن الجزائرية، ولا تزال تحتفظ بهذه المعالم، منها جامع سوق الغزل والجامع الأخضر وجامع سيدي الكتاني، وزاوية عبد الرحمن باش تارزي، وقصر أحمد باي الذي يعد تحفة معمارية وفنية ومن أفخم القصور بالجزائر، وحمام البجاوي. في هذا الصدد أوضح الدكتور دحدوح، أن جامع سوق الغزل أو جامع حسن باي شرق قصر أحمد باي، وهو من بناء الباي حسين بوكمية والذي حكم بايلك قسنطينة بين سنتي 1125-1736، حيث يرجع تاريخه حسب ما هو مسجل على اللوحة الرخامية التأسيسية التي توجد حاليا بقصر أحمد باي إلى سنة 1143ه / 1741 م، مشيرا إلى أن المخطط العام للجامع عبارة عن شكل مستطيل يتكون من مدخلين رئيسيين يقعان في الحائط الغربي، ينفتحان على رواق عرضي، فتح في طرفيه بابان أحدهما يؤدي إلى غرفة تقع في الركن الغربي الجنوبي والثاني يؤدي إلى ممر خاص بالنساء، كما فتح في الجدار الشرقي لهذا الرواق بابان يؤديان إلى بيت الصلاة. علاوة على ذلك، تملك مدينة قسنطينة الجامع الأخضر الذي يقع بالقرب من رحبة الصوف، وكان بناؤه في أواخر شهر شعبان 1156ه/ أكتوبر 1743م على يد الباي حسين المدعو بوحنك الذي تولى بايلك قسنطينة بين سنتي 1149-1168ه/1736-1754م، ضف لذلك جامع سيدي الكتاني الذي يقع بجوار سوق العصر، ويرجع لسنة 1776م وكان ذلك على يد صالح باي الذي حكم بايلك قسنطينة فيما بين سنتي 1185-1792م. علما أن هذه الجوامع كانت تتوفر على مدارس لتعليم القرآن. ومن المعالم الأثرية لقسنطينة، نجد زاوية سيدي عبد المؤمن، بن عبد الرحمن هذه الأخيرة تنسب إلى الشيخ عبد الرحمن بن أحمد بن حمودة بن مامش المعروف بباش تارزي، وقد كان بناؤها مع أوائل القرن 13/ أواخر القرن 18 م، وزاوية حنصالة والتي كانت تعرف بزاوية النجارين نسبة إلى سوق النجارين. وتناول الدكتور دحدوح في مقاله العمائر المدنية مثل قصر أحمد باي الذي يقع شمال جامع سوق الغزل، بناه أحمد باي أخر بايات قسنطينة خلال الفترة 1241-1837 م، ويعد من أفخم وأروع القصور الجزائرية التي ترجع إلى الفترة العثمانية، يتربع على مساحة 5609 متر مربع، يتم الدخول إليه عبر باب رئيسي تقع بالجهة الجنوبية، ويوجد دار الدايخة بنت الباي الواقعة بحي باب الجابية قرب مسجد سيدي عفان وهي تنسب إلى إمرأة تعرف بإسم «الدايخة»، وحسب الكاتب فإن أصحاب المسكن يرون أنها حفيظة الباي لكن لا يدري أي باي يقصدون، ولا يوجد ما يدل على تاريخ محدد لهذه الدار، لكن عناصرها المعمارية والزخرفية تشير إلى أنها من مباني العصر العثماني. موازاة مع ذلك تزخر مدينة قسنطينة بحمامات منها حمام سوق الغزل الذي يرجع تاريخه للفترة العثمانية، وحمام بن البجاوي هذا الأخير ينسب لمحمد بن البجاوي الذي كانت له مكانة كبيرة بمدينة قسنطينة خلال أواخر الحكم العثماني وبالتحديد في عهد أحمد باي، حيث كان يشغل منصب قائد الدائرة وكان له دور بالغ في الدفاع عن المدينة أثناء حملة العدو الفرنسي الثانية والتي استشهد فيها بتاريخ 13 أكتوبر 1837م. وختم الأستاذ الجامعي مقاله بالتأكيد أن المعالم التي تم دراستها في بحثه تعد أهم وأبرز المعالم الأثرية التي ترجع إلى الفترة العثمانية بمدينة قسنطينة، وحسبه فهي تشهد على تنوع معماري وفني كبير في تخطيط المساجد ومآذنها ومحاريبها ومنابرها، وتعدد تخطيط الزوايا والأضرحة والمدارس والمساكن والحمامات. مشيرا إلى أنه رغم هذا التنوع إلا أنها تتحد في خصائص عامة تخطيطية ومعمارية وفنية وتشهد على استمرار التقاليد المعمارية والفنية المحلية مع بروز تقاليد عثمانية جديدة، لم تشهدها العمارة الإسلامية بالجزائر قبل العصر العثماني كإستخدام البلاطات الخزفية على نطاق واسع، والقباب المخروطية والمدارس والمساجد المعلقة فضلا عن إستخدام خطوط عثمانية كالطغراء، وإستخدام شواهد قبور تنتهي بعمائم، أضاف يقول.