استقرار المؤشرات الاقتصادية في الجزائر حاز على ارتياح المؤسسات المالية الدولية خاصة منها صندوق النقد الدولي، وكذلك البنك العالمي بالإضافة إلى برنامج الأممالمتحدة للتنمية “بنود” والآلية الافريقية للتقييم من قبل النظراء. هذه الدوائر الاقتصادية والمالية سجّلت توفر أرضية صلبة لأداء قد يكون أحسن ممّا هو عليه في الوقت الراهن، وبالتحديد الإرادة القوية في تأطير العملية الاقتصادية في الجزائر بأدوات قانونية متماشية مع نظيرتها في العالم، ونقصد بذلك الأسواق الدولية والعلاقات التجارية، وهذا ما دأبت عليه بلادنا منذ الانفتاح الاقتصادي خلال التسعينات بإعداد منظومة قانونية تضمن وتحمي كل ما يتعلق بالاستثمار أو تحويل العملة. وفي تقاريرهم الخاصة بالاقتصا د الجزائري، طرح خبراء هذه المؤسسات جملة من التوصيات التي كانت دائما محل تكرار واجترار، منها تنويع الاقتصاد الجزائري وهذا ما يفهم بالخروج من أحادية البترول المهيمنة على مداخيل وصلت إلى نسبة تفوق 95 ٪. هذا لا يعني بأنّ الجزائر تجاهلت هذا “المطلب” بل تعمل جاهدة على السعي الحثيث من أجل تحريك قطاع الفلاحة وتفعيل ما يعرف بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتقديم تسهيلات وتحفيزات من أجل التصدير خارج المحروقات، كما أن هناك عملا قائما على ترك العملية الاقتصادية بعيدة كل البعد عن الإدارة، ونعني بذلك أنّ ما يعرف بالمصالح المشرفة على المشاريع الاستثمارية وغيرها مدعوة إلى مرافقة كل ما له علاقة بالاقتصاد فقط وتفادي تعقيد مسار الاستثمار حتى وإن كان الأمر صعبا في كثير من الأحيان. كما أنّ هناك توصيات أخرى صدرت عن هذه المؤسسات المتابعة لتطور الاقتصاد الجزائري لا تخرّج عن هذا النطاق العام إلاّ أنّ هذا الاستقرار في الاقتصاد الكلي يستدعي المحافظة عليه بالإضافة إلى عدم الإفراط في المؤشرات الأخرى كانخفاض نسبة البطالة إلى 2 ، 10 ٪ بعدما كانت في حدود 28 ٪ في نهاية 1999، وتحقيق نسبة النمو ب 2 ، 4 ٪، ونسبة تضخم التي توقفت في مستوى 4 ٪، ناهيك عن الانتعاش الذي تشهده قطاعات حيوية واستراتيجية في الجزائر كالأشغال العمومية، الفلاحة، البناء، المياه والنقل التي أتت بقيمة مضافة من أجل تحقيق الرفاه الاجتماعي. وتوجد كل هذه القطاعات في مرحلة خلق الثروة، بمعنى هي التي تسيّر نفسها بنفسها بعيدا عن تدخّل الخزينة العمومية أو المطالبة بدعم مالي خارج الإطار. ولابد أن تكون سنة 2012 سنة تدعيم استقرار الاقتصاد الجزائري وتعزيز مساره، وهذا من خلال العمل على إشراك كل الفاعلين والمتعاملين سواء المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي ووزارة الاستشراف والاحصاء والديوان الوطني للاحصائيات، هذه الجهات التي بحوزتها الأرقام والنسب. ومن الضروري أن توحّد كل هذه الأعداد بالشكل الذي يخدم الاقتصاد الجزائري، وتفادي كل تناقض في هذا الصدد، كما كان الأمر في السابق. وفي هذا الإطار، لا تعطى النسب هكذا اعتباطيا أو عفويا وإنّما تكون مبنية على رؤية واضحة لصالح العملية التنموية في البلد، وهذا ما يؤكد من جهة أخرى بأنّ الاستقرار المنشود في الاقتصاد سيكون هدف الجميع بالرغم من كل هذه الزيادات في الأجور وفي النفقات العمومية؟!