اقتحمت المعلبات والمصبرات عالم صناعة الأغذية منذ عدة عقود من الزمن، وأصبحت بتعدد أذواقها مطلب كل باحث عن النكهة الخاصة على مدار أيام السنة، وفي ظل البحث عن النكهة قد ينسى كثيرون معيار اختيار الطعام الصحي من بين الخيارات العديدة المتوفرة، ما يجعلنا أمام مشكلة انتشار سوء التغذية في زمن الثورة الطبية! لقد فرض إيقاع الحياة العصرية السريع عادة البحث عن الجاهز في وسط العمال وحتى ربات البيوت سيما العاملات، مما أدى إلى زيادة استهلاك مختلف أنواع الأطعمة، خاصة وأن الملصقات الإشهارية تزيد من درجة إغراء المستهلك لاقتناء الأصناف العديدة من المنتجات الغذائية المطروحة في الأسواق وكانت النتيجة أجيال مدمنة على المعلبات والمصبرات· والواقع أن المطبخ الجزائري يعرف باعتماده الخاص على المصبرات، حيث تفننت ربات البيوت الجزائريات منذ القديم في تحضيرها وجعلها من المواد الغذائية التي لا تفارق المائدة كالهريسة، الزيتون المصبر والفلفل المخلل· لكن مع تفتح الجزائر على اقتصاد السوق توسعت دائرة استهلاك المصبرات والمعلبات، حيث يجد المستهلك مجالا واسعا للاختيار بين المستوردة والمحلية وكذا بين أذواقها المتنوعة·وفي هذا الصدد يؤكد باعتها أنها تلقى إقبالا ملحوظا، ولأن هذا الأمر لايخفى على أصحاب محلات الأكل الخفيف وبعض المطاعم فإنهم لا يتوانون في إرفاق المأكولات التي يطلبها الزبائن بالمصبرات، باعتبارها طريقة تجارية لكسب رضاهم· ومع تطور حجم إنتاج المعلبات والمصبرات المحلية بكافة أنواعها مقابل إغداق الأسواق بالمستوردة منها، تراجعت عادة التصبير والتعليب في المنازل التي يشتهر بها المطبخ الجزائري سيما خلال شهر رمضان، فقد صارت النسوة تقبلن كثيرا على الجاهز، سيما العاملات اللواتي يبحثن عن كل الابتكارات الجديدة التي تسهل عملية الطبخ، فهن أكثر إقبالا على الأرز المسلوق والعدس المحضر والبازلاء المجمدة وسلطة الخضر والحساء الجاهز وغيرها من المعلبات التي تنقذهن في المواقف الصعبة حينما تتراكم الأشغال المنزلية أو عندما يداهمهن أحد الضيوف· إعادة النظر في السلوك الغذائي ورغم النكهة الخاصة للمعلبات والمصبرات التي يدمن عليها كثيرون إلا أن التقارير الطبية الحديثة تدعو إلى معرفة مكونات ما نستهلكه من الأطعمة المصنعة التي أصبحت واقعا ينبغي معرفة كيفية التخفيف من أضراره، خاصة وأن المعطيات في الساحة الطبية تشير إلى ارتفاع معدل الأمراض المتعلقة بسوء التغذية، ومنها السكري، ارتفاع ضغط الدم، السمنة، أمراض القلب وفقر الدم· ويرى المختصون في التغذية أنه ينبغي على المستهلك الاختيار بين الأنواع العديدة من المنتجات الغذائية المتوفرة في السوق لاقتناء ما يتماشى مع السلوك الغذائي السليم· وبخصوص الأغذية المعلبة، فإن هناك اعتبارات لابد من أخذها في الحسبان قبل الشراء، وأولها هي أن المواد المحفوظة تحتوي على مادة حمضية لإطالة عمر الأغذية، لهذا تسبب بعضها مشاكل صحية·ومن مخاطرها أنها تسبب التهابات حادة أو مزمنة في المعدة، وتؤدي إلى الإصابة بقرحة المعدة·كما تؤدي المعلبات إلى تكوين الحصوات في المرارة وتسبب الإمساك المزمن، ونظرا لكونها قليلة الألياف وتحتوي على سعرات حرارية كبيرة في كمية صغيرة من المأكولات، فإنها تساعد على تناول كميات كبيرة منها، ما يسبب السمنة بكل مضاعفاتها مثل الإصابة بمرض السكر والقلب والأوعية الدموية، كما قد تؤدي إلى الإصابة بسرطان المستقيم والقولون· وإلى جانب ذلك ينبغي الانتباه إلى أن المواد الملونة والحافظة لها أضرار كبيرة وكثيرة، إذ يسبب بعضها السرطان وبعضها الآخر يسبب الطفح الجلدي، ولهذا ينصح خبراء التغذية المستهلك بالإقلال أو تجنب المواد الغذائية المعلبة والمواد التي تحتوي على مواد ملونة، وعدم الإكثار من المشروبات المحفوظة وخاصة بالنسبة للأطفال لأنها تؤدي إلى تسوس الأسنان، فضلا عن ضرورة عدم الإكثار من البطاطا المصنعة في المعامل لضررها خاصة فيما يتعلق بالزيوت الحافظة·