لا يزال الشاب الجزائري اليوم يعيش في دوامة تكاد تخنقه بسبب المشاكل الاجتماعية بمختلف صورها من سكن وبطالة...، ما يعطيه إحساس داخلي بالموت البطيء، وهو شعور تعرفه فئة شبانية حول ربيع عمرها إلى خريف أوراقه تذبل في صمت؟. شباب انهوا دراستهم ولم يسعفهم الحظ في الظفر بمناصب عمل تليق بشهاداتهم الدراسية، فالشابة في البيت والشاب على حواف الطرقات يضيعان مرحلة من العمر التي لا تعوض باعتبار أن الشخص في هذا العمر يكون في كامل طاقته الذهنية والبدنية والتي يمكن أن يفجرها بأروع الاختراعات، هي معاناة لعدد من الشباب تقربت منهم »الشعب« كمحاولة منها لطرح مشاكلهم. »الشعب« تنقلنا إلى عدد من شوارع بلديات العاصمة أين كان لنا حديث مع عدد من الشباب فمنهم من صدفناهم على حافة الطريق ومنهم من كان في المقهى يتبادل أطراف الحديث مع أصدقائه، ومنهم من وجدناهم يقومون ببيع لوازم مختلفة تحدثوا معنا وبكل صدق عن معاناتهم اليومية محملين بذلك المسؤولية لمصالح البلديات التي لم تفتح أبوابها لسماع مشاكلهم وحتى لتجهيز أحياء بوسائل وأماكن قد ترفه عنهم في الدوامة القاتلة من الضياع التي يحسون بها والتي أدت بالكثير منهم إلى سلك اتجاهات خطيرة كتعاطي المخدرات. »كمال« شاب يبلغ 27 سنة من العمر متحصل على شهادة لسيانس في الحقوق تخرج منذ 3 سنوات ولم يجد عمل غير انه فضل بدلا من الجلوس منتظرا فرصة عمل أن يخرج إلى الشارع عله يسترزق بعض الدنانير التي تكفيه لاقتناء بعض من حاجياته بدلا من اللجوء إلى طلبها من طرف والده أو أمه، قال انه يتمني أن يتحصل على منصب شغل يليق بشهادته الدراسية ويتحصل من خلاله على أجرة شهرية تمكنه من تأسيس أسرة خاصة به، مشيرا في سياق حديثه لنا إلى أن العالم الذي واجهه بعد استكماله لدراسته الجامعية كان بمثابة صدمة له حيث أغلقت كل الأبواب في وجهه ولم يجد فرصة للعمل في أي مؤسسة سواء كانت خاصة أو عامة ليستسلم في أخر المطاف ويخبأ شهادته ويتجه إلى الشارع. »وسيم« تحدثا معنا بكل مرارة عن الحياة التي يعيشوها في مقتبل عمره في ظل الفراغ الهائل، وغياب فرص العمل رغم انه متحصل على شهادة ليسانس في التجارة حيث لم يحالفه الحظ بعد غير أن الضغط الرهيب الذي يعيشه في المنزل وكثرة المشاكل العائلية التي جعلته ينهار نفسيا ليتحول إلى مدمن على المخدرات ويسلك بذلك طريق اخطر ستدمره نهائيا ان لم يتم مساعدته من حوله خاصة العائلة. اما »محمد« شاب قال لقد لاحظت أن الشاب الجزائري يلقي اللوم في كل مرة على السلطات فقط وينسي أن هو أيضا له دور كبير في المشاكل التي تعترضهم وحالة الضياع التي يعيش فيها، حقا السلطات لم توفر بشكل الكافي مناصب الشغل لكنها تعمل جاهدة على خلق مناصب العمل من خلال بعثها لعدة مشاريع وتبنيها لعدة مخططات ساهمت وبشكل كبير في التقليص من مشكل البطالة في البلاد، ولكن على الشباب أيضا تحمل مسؤولياتهم والعمل جاهدا للظفر بمناصب شغل. وأضاف محمد قائلا الذي أكمل دراسته »ليس عيبا ولا خطأ أن يشغل عمل لا يناسب مستواه أو توجهه الدراسي، فلا ربما تعود عليك بالفائدة وتكتسب خبرة أخرى عن التي درستها بدلا من تضييع وقت من حياتك دون أن تستفيد وتبخل على بلدك بعطائك«. وأنا شخصيا يقول محمد ضد فكرة أن الشاب قابع في المنزل ويتحصل على منحة مساعدة فهي »تساهم وبشكل كبير في تقاعس الشباب واتكالهم حيث يجد نفسه بعد ثلاث أو أربع سنوات عاجزا عن العمل. أما الشباب الذي لم يسعفهم الحظ في الدراسة فينصحهم محدثنا محمد بالالتحاق بمراكز في التكوين المهني بدلا من التوجه إلى تناول المخدرات والسجائر وأشياء أخرى قد تؤدي به إلى نتائج وخيمة عليه وعلى وطنه الذي يعول عليه كثيرا في الازدهار والرقي بين الشعوب الأخرى خاصة وان بلادنا واسعة وتملك الكثير من الخيرات. ويبقي بذلك محمد، جمال، ووسيم... وغيرهم من الشباب الجزائري يأملون في غد أفضل والتفافة حقيقية من طرف السلطات خاصة المحلية منها لاخراجهم من حالة الضياع التي يعرفونها.